إعلان

نجل "ناجي العلي" يكشف لـ"مصراوي" تفاصيل إعادة التحقيق في اغتيال والده (حوار)

11:56 ص الخميس 23 نوفمبر 2017

من أعمال الرسام الفلسطيني ناجي العلي

كتب- فايزة أحمد:

"ولو اتقتلت أوعى تسأل مُت بأنهي يد".. على مدار ثلاثة عقود مثلّت هذه الكلمات من قصيدة "الموت على الأسفلت" نبوءة من قِبل الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، فيما يتعلق بما ستؤول إليه قضية رسام الكاريكاتير الفلسطيني الموطن العربي الهوى ناجي العلي، الذي اُغتيل بسلاح كاتم للصوت في أحد شوارع العاصمة الإنجليزية لندن.

1
 
 لطالما ظل ناجي العلي رافضًا للحلول الوسط، عبر ريشته التي لم تكن سوى نصلاً متأهبًا طيلة الوقت للانقضاض على هؤلاء الذين تسببوا في ضياع قضية بلاده، بتخاذلهم وفسادهم –كما كان العلي يصفهم برسوماته، لتعود الشرطة البريطانية من جديد معلنة إعادة فتح التحقيقات في القضية ذاتها، وذلك نهاية شهر أغسطس المُنصرم، ذاك التوقيت الذي صادف ذكرى وفاته.
 
كانت مدة (30عامًا) كبيرة للدرجة أن البعض ظن أن قضية اغتيال العلي أُغلقت إلى الأبد، مما جعل أمر إعادة التحقيقات مفاجأة لدى الكثيرين حتى أسرة الذي سخر حياته برمتها للتعبير عن مأساة بلاده والوطن العربي منذ نكبة 1948 وحتى يوم اغتياله "ما في شك أن الأمر كان مفاجأة كبيرة لنا".. بهذه الكلمات
.وصف خالد ناجي العلي لـ"مصراوي" كيف استقبلوا هذا الخبر.
 
2
 
الشرطة البريطانية متمثلة في رئيس قياد مكافحة الإرهاب دين هييدين، ساقت أسباب عدة لإعلانها إعادة فتح التحقيق؛ أهمها أن الثلاثين عامًا الماضية فترة كفيلة بأن تغير ولاءات الناس لاسيما الذين امتنعوا عن الإدلاء بأي شهادات من الممكن أن تغير مسار القضية، ومن ثم أصبحت الفرصة سانحة أمامهم في الوقت الراهن لتزويدها بالمعلومات التي لديهم.
 
 فرحة عارمة غمرت الأسرة التي ظلت على مدار الأعوام الماضية تعاني من رحيل مَن حمل حياته على كفه من خلال رسوماته اللاذعة التي كان ينتقد بها مواقف حكام العرب تجاه المُحتل الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية، والتي كانت تُنشر في صحف عربية عدة كـ"السفير" اللبنانية و"القبس" الكويتية، حتى إنه كان يُدرك النهاية الحتمية لما يقوم به، ملخصًا إياها في بعض كلماته "اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو ميت".

3
 
قبل إعلان إعادة فتح التحقيقات بحوالي أسبوعين، اتصلت الشرطة البريطانية بنجل العلي، تخبره بأنهم سيعيدون فتح ملفات التحقيق في جريمة اغتيال والده من جديد، دون توضيح أسباب لذلك أو أي تفاصيل أخرى سوى أن "منذ الحادثة لم يُغلق ملف القضية من قِبلهم، إذ كانت هناك مراجعات طيلة السنوات الماضية لهذا الملف الذي أعلن عن إعادة فتحه لأول مرة" يضيف خالد لمصراوي.
 
  برغم عدم علم "العلي" الأسباب الكاملة لإعادة فتح ملف القضية، إلاّ أن الشرطة بررت ذلك بأنهم" عثروا على خيوط ووقائع جديدة متعلقة بالقضية لم تُتبع في السابق، دعتهم لإعلامنا وإعلام العالم بأكمله بأنهم عازمون على التحقيق من جديد في الحادثة"، ذلك لأنه على قناعة تامة بأن الشرطة البريطانية لن تهدر وقتها في شيء دون جدوى.
 
تزداد قناعة الابن بمعيطات أخرى أمامه؛ أهمها أن الشرطة البريطانية للمرة الأولى وضعت على الملأ أوصاف لهؤلاء المشتبه بارتكابهم هذه الجريمة، فضلًا عن حرصها على مناشدة مَن لديه معلومات متعلقة بالقضية بالتواصل معها مباشرة.
 
عقب اغتيال رسام الكاريكاتير الشهير صيف عام 1987، بدأت أصابع الاتهام تُوجه إلى جهات عدة، على رأسها "منظمة التحرير الفلسطينية" التي طالت رسومات ناجي العلي قياداتها آنذاك، خاصة الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي كان يرأس المنظمة حينها، لكن نجل العلي يوضح موقف أسرته من الأمر "نحن لم نتهم المنظمة في أي مناسبة من المناسبات؛ فقط لأننا ليس لدينا أي إثباتات على أنها من ارتكبت هذه الجريمة كما يقول البعض".
 
 لكنه برغم ذلك يدرك جيدًا أن خلاف والده مع "عرفات" والمنظمة لم يكن خافيًا على أحد "كل الخلافات التي كانت بين الوالد وياسر عرفات مجرد خلافات سياسية خالية تمامًا من الشخصنة، إذ لم يكن يجمع بينهما أي علاقة من أي نوع".

4
 
تتوافر لدى الأسرة معلومة وحيدة متعلقة بالشخص الذي زُج باسمه في التحقيقات السابقة وهو مصطفى عبد الرحيم، مثلهم في ذلك مثل الجميع، ذلك الذي كشفت الشرطة البريطانية وقتها أنه عضو "الفرقة17" وهي قوة النخبة في حراسة عرفات، لكنه لم يُقبض عليه، لمغادرته لندن عبر مطار "مانشيستر"، وذلك في اليوم التالي للحادث.
 
إلى جانب المنظمة وجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، سلط البعض وقتها الضوء على الخلاف الذي نشب بين العلي والشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي أغضبه كاريكاتير "محمود خيبتنا الأخيرة" المقتبس من عنوان قصيدته "بيروت خيمتنا الأخيرة"؛ لرغبته الدخول في حوار مع اليسار الإسرائيلي، لكن بوفاة العلي لم يتحدث عن الواقعة سوى في إحدى أعمق مرثياته ألمًا "إن ناجى العلى لنا،
ومنا، ولنا.. ولنا".

7
 
"الوالد كان هدفه من هذا الكاريكاتير توصيل رسالة لدرويش مفادها ألتقي بيسار شعبك أولًا"، يوضح خالد العلي أسباب الهجوم الذي شنه والده على درويش "الوالد كان يدرك في قرارة نفسه أن درويش شاعرًا كبيرًا، يمكنه أن يساهم بشكل مؤثر في الشأن الفلسطيني بمنتهى الاستقلالية، دون التقرب من أحد"، معتبرًا أن الحديث عن دور لـ"درويش" في حادثة اغتيال والده "كلام فارغ" خاصة أن "والدي انتقد درويش مرات عدة قبل ذلك".

5
 
مرت أشهر ثلاثة على إعلان الشرطة البريطانية، ومنذ ذلك الحين لم تتوافر لدى الأسرة أية معلومات عن سير التحقيقات ولا ما توصلت إليه "أعتقد أن هذه المدة ليست كافية حتى تصل الشرطة إلى شيء قوي"، لما عهده عن المحاكم خاصة في قضايا مثل تلك، لكنه في الوقت نفسه يعتبر أن "التأخير يُصيبنا بالإحباط بعض
الشيء، لكن سننتظر حتى النهاية".
 
يُمني "خالد العلي"، نفسه بأن تُسفر التحقيقات عن نتائج تساعد في التئام جرحهم وجرح العرب بأكملهم، حد وصفه: "بالطبع سنكون في غاية السعادة إذا توصلنا للقاتل.. وحتى يعرف العالم الحقيقة"، ليست تفاصيل ملابسات الواقعة وحسب؛ وإنما حقيقة خصوم والده الذين اتهموه بالانحياز؛ تلك التهمة التي لم ينفها عن نفسه "أنا لست محايدًا، أنا منحاز لمن هم تحت الذين يرزحون نير الأكاذيب، وأطنان التضليلات، وصخور القهر والنهب، وأحجار السجن والمعتقلات، أنا منحاز لمن ينامون في مصر بين قبور الموتى، ولمن يقضون لياليهم في لبنان يشحذون السلاح الذي سيستخرجون به شمس الصباح، ولمن يقرؤون كتاب الوطن في المخيمات".

6

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان