في مباراة مصر والكونغو.. بائعو الأعلام في عرض "الفرحة"
كتب-رنا الجميعي وإشراق أحمد:
قبل دقائق معدودة من مباراة الحسم بين مصر والكونغو، أمسك محمد عاطف في منتصف شارع جامعة الدول بالأعلام. يقف ملوحًا بعلم مصر بين يديه، مُشيرًا به للسيارات، يعتبر عاطف "شغلانة" بيع الأعلام في المواسم الرياضية "ببيع في ماتشات المنتخب"، مترددًا على مهن أخرى باقي العام مثل "جرسون" بالكافيهات وجزار، حتى استقرّ كسائق للتوكتوك بمنطقته شبرا مصر.
يعمل عاطف في بيع الأعلام منذ عام 2002، الاستاد كان محل عمله حينها "دا كان أحلى شغل"، يقولها مُبتسمًا، مُستعيدًا ذكريات كان عُمره يناهز الـ12 "وقتها كنت ببيع في ماتشات الأهلى والزمالك وبطولة أفريقيا".
استمر الشاب في البيع داخل الاستاد حتى عام 2006، وقت استضافة مصر لكأس الأمم الأفريقية، بعدها قلّ الرزق، وأصبحت الجماهير أقل، فانتقل عاطف للبيع بمنطقة المهندسين، ليبيع العلم الآن بثلاثين جنيه.
يظلّ عاطف في البيع حتى الدقائق الأخيرة قبل المباراة، يأمل في بيع الأعلام، مُشاهدة الماتش أمر ضروري، يُفاضل بين مشاهدته على الشاشة الكبيرة أمام مسجد مصطفى محمود، أو يُسرع الخطى لرؤيته بمنطقته في شبرا، لا يختلف حاله عن كثير من الشباب "أنا مواليد سنة 90 مشوفتناش وصلنا لكأس العالم"، يفرد ذراعيه داعيًا بالفوز ويمضي ملوحًا للسيارات المسرعة.
على عجالة توقفت أسرة تستقل موتوسيكل، يقوده الأب، يبتسم لبائع الأعلام الهادئ المتخذ شارع جامعة الدول مستقرًا له، يبادله سيد كمال الابتسام يقول "إن شاء الله هنكسب". فيرد عليه والد الطفل الصغير الراكب أمامه بالتفاؤل "عايزين بس نكسب مش مهم النتيجة كام"، يشتري علمًا وطاقية بألوان العلم المصري ويرحل، فيما يمكث سيد مكانه في انتظار توقف عقارب الساعة على السابعة إلا عشر دقائق ليغادر من أجل مشاهدة المباراة.
"هشوفه في ميت عقبة دي أقرب حتة من هنا" يقول الرجل الثلاثيني، مشيرًا إلى اعتياده الهرولة قبل المباريات المهمة سواء لمنتخب مصر أو النادي الأهلي منذ التسعينيات حين بدأ في بيع الإعلام.
من بولاق الدكرور إلى شارع جامعة الدول العربية قدم سيد، منذ الأمس لبيع بضاعته، التي استغرق إعدادها للحدث المهم قرابة شهر، يأتي الرجل الثلاثيني في الحادية عشر ويذهب بعد منتصف الليل، لكنه ينتظر المباراة بفارغ الصبر لأن "البيع هيزيد لو مصر كسبت الكل هيشتري أعلام"، كذلك سيدخل السرور على قلب الرجل "هفرح وارقص مع الناس لغاية الصبح"، لكن إن جاءت النتيجة مخالفة لما يشتهيه المصريون "هاخد الأعلام واروح بيتنا".
مع بطولة الأمم الافريقية عام 2006، عرف سيد رواج بيع الأعلام "الجماهير كانت موجودة والناس كانت بتشجع". يذكر بائع الأعلام الذي لم يبرح منطقة المهندسين مع المباريات المهمة أن بعد ذلك العام، ومباراة مصر والجزائر عام 2010 خفت الأيدي عن الأعلام في المباريات، لكنه ظل على عهده في الصمود حتى العشر دقائق الأخيرة قبل المباراة.
فيديو قد يعجبك: