إعلان

نار الحرمان ولا غلاء الأسعار.. المضطر يركب "المقاطعة" (تقرير)

08:52 م الجمعة 13 يناير 2017

يعاني المصريون من ارتفاع جنوني في الأسعار منذ تحري

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - دعاء الفولي:
منذ 15 يوما لم تشترِ سامية محفوظ -اسم مستعار- اللحم أو التوابل، فيما تتجه الشابة الصعيدية للامتناع عن الدجاج بعدما زاد سعر الواحدة حوالي عشرة جنيهات خلال شهر واحد. بين حين وآخر يعود الحديث عن مقاطعة السلع، كحل غير مضمون النتائج، بين مواطنين ابتعدوا عن بعضها في صمت مُجبرين، آخرون دعوّا للمقاطعة لوقف "جشع التجار"، بينما اتخذت دعوات أخرى صفة "الرسمية"، كتلك التي وجهها جهاز حماية المستهلك للمصريين حين طالبهم بمقاطعة السلع ليوم واحد.

في مطلع نوفمبر الماضي؛ حررت الحكومة المصرية سعر صرف الجنيه المصري (التعويم)، ضمن حزمة قرارات اقتصادية، منها رفع أسعار الوقود والكهرباء، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، ما أدى لرفع أسعار السلع الغذائية المختلفة.

بحكم عملها كأمينة المرأة في أحد الأحزاب بأسيوط، تصطدم كريستينا عادل يوميا بشكاوى عن غلاء الأسعار، ويُعاني البعض في محيط كريستينا من تفاوت أسعار السلعة الواحدة "يعني انا بلاقي كرتونة البيض بـ38 جنيه في شارع وشارع تاني بـ 33 جنيه".

تلك الحالة من التفاوت دفعت كريستينا لتبنّي مبادرة عبر صفحتها على موقع فيسبوك "طلبت من الناس نعمل مقاطعة لبعض السلع بالاتفاق ما بينّا عشان الموضوع يبقى له أثر والناس بتتفاعل". كانت اللحوم على رأس قائمة الأشياء المُرشحة للمقاطعة بين الصيدلانية ومؤيدي المبادرة، يليها البيض "الواحدة بقت بجنية وربع".

1
وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد ارتفعت أسعـار اللحـوم الحمراء بنسبة 21.7% منذ نوفمبر 2015، وارتفعت أسعار الدواجن بنسبة 14.6% في نفس الفترة، بينما سجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعا قدره  %22.5.

اللحوم والتوابل هما مجرد البداية أمام سامية، فقد توقفت منذ أكثر من أسبوع عن شراء الزيت "باخد شوية زيت من الناس في العمارة وباخد توابل برضو". ما يزيد العبء على الأسرة القادمة من المنيا أن دخل الزوج ليس ثابتا "كان على توكتوك وسابه ودلوقتي هو أرزقي بيقف في الشارع طول النهار وممكن ميشتغلش". صار اعتماد الزوجين بشكل رئيسي على أجرة شهرية زهيدة يتحصلان عليها مقابل الخدمة في العقار.

السلع التي قاطعتها حارسة العقار مُرغمة، بدأ تامر عزت في التوقف عن بعضها بإرادته "عشان مبقتش فاهم على أي أساس بترخص وتغلى". يعمل عزت كموظف في إدارة الجودة بوزارة التربية والتعليم، بمحافظة مرسى مطروح، يروي أنه ذهب لبقال قريب من منزله منذ أيام لشراء زجاجة زيت فوجد سعرها 17 جنيها "قولتله هعدي عليك بليل قاللي لأ إلحق عشان هتغلى بعد العصر"، ظن الأب الثلاثيني أن صاحب المحل يمازحه، لكنه فوجئ بارتفاع سعر الزجاجة لواحد وعشرين جنيها في نفس اليوم "وقتها اضطريت اشتريها غصب عني".

2

كان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كشف في أغسطس الماضي، عن أن الحصيلة الإجمالية لارتفاع الأسعار من يناير 2016 وحتى منتصف العام الماضي، بلغت 10.6%.

لا تبدو مقاطعة السلع عموما حيلة سديدة، بالنسبة لرشاد عبده، الخبير الاقتصادي، حيث يقول لمصراوي إن ذلك يحتاج لآلية تستمر على مدى طويل نسبيا وليس أيام فقط.

"أولا يجب إن السلع يكون لها بديل يعني مينفعش نقاطع الرز مثلا.. ثانيا يجب ضمان إنه عدد كبير من الناس هيقاطع ".. حسبما يضيف عبده. ورغم أن المقاطعة قد تصبح حل جيد حال الالتزام بها، إلا أن المستهلك لا يأمن تصرف بعض التجار "يعني لو الناس قاطعت اللحمة ممكن بتوع الفراخ والسمك يرفعوا السعر عشان العرض والطلب" وبالتالي لن تتحسّن ميزانية المواطن كثيرا.

أطلق اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، في أول ديسمبر الماضي، حملة لمقاطعة شراء السلع ليوم واحد، غير أن تلك الحملة  في رأي الخبير الاقتصادي "مجرد بروباجندا.. يوم مش هيفرق مع التاجر في حاجة.. غير إن دور الجهاز دة هو الرقابة أصلا على التجار مش الحملات".

3

يختلف اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك مع رأي عبده، فيقول لمصراوي "الحملة نجحت بدليل حملات طلعت بعدها بتطلب من الناس مقاطعة حلاوة المولد عشان غلاء سعرها"، وأكد رئيس الجهاز أن أحد أهداف حملة المقاطعة كان نشر ثقافة الاتحاد ضد جشع التجار.

لم يدعُ عزت -الأب لثلاثة أبناء- أحد لمقاطعة السلع على عكس كريستينا، لكنه توقف منذ أسبوع  عن شراء أي خبز خارج منظومة التموين، مكتفيا بـ15 رغيفا يحصل  يوميا من التموين "بيبقى فرن جنب التاني والاتنين سعرهم فرق 2 ولا 3 جنيه.. بنحاول بالعيش البلدي نمشي حالنا".

يعتقد الموظف بإدارة الجودة أن التخبط قائم لعدم وجود سعر ثابت للسلع، فيما يقول رئيس جهاز حماية المستهلك "مينفعش الناس تفضل طول الوقت مستنية يبقى فيه تسعيرة"، بينما ترى كريستينا أن التسعيرة هي الحل الأوحد "عشان نعرف ممكن نحاسب مين وامتى بدل ما الناس ماشية في الشارع تكلم نفسها".

حملة المقاطعة لم تكن وسيلة جهاز المستهلك الوحيدة لدرء ارتفاع السلع، فيوضح يعقوب لمصراوي أنه تم اتخاذ قرار بمراجعة السجل الضريبي لأي تاجر يتم اتهامه برفع الأسعار عن المتوسط في السوق، ليتم محاسبته.

تسخر سامية من مطالب المقاطعة "ماحنا على أدنا ومقاطعين كدة كدة.. حصل حاجة؟ اللي معاهم برضو بيشتروا والتجار بيبيعوا"، في المقابل يُحاول عزت تسيير أحواله المادية "مرتبي مزادش من 2014 في حين الأسعار بتضرب"، صارت أشياء كثيرة رفاهية بالنسبة له، أهمّها المنظفات والعطور، أما كريستينا فقد استغنت مع بداية الأزمة عن أي منتج مستورد، باحثة عن بديل مصري جيد له، وإن بدا ذلك صعبا.



بالكاد تُدبر الحارسة بحي الهرم، أمور منزلها "بقيت أشتري كبدة ساعات أأكلها للعيال بس والسمك رخيص بس  مبيجبوش عشان مستهلكش زيت". تُشاهد أحاديث المسئولين في تلفاز صغير بُحجرة أسفل سلم العقار "ببقى متضايقة عايزة أعرف ليه مش بيساعدونا"، لكنها تعود مرة أخرى لصفوف انتظار "الفرج" في أزمة الأسعار، متخذة المقاطعة كطريق إجباري "الرئيس كان بيقول اصبروا عليا ست شهور كمان.. أما نشوف هيحصل إيه".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان