إلى رضوى عاشور.. "سلامًا طيبًا ووردة"
كتبت - نسمة فرج:
"لكل أولئك الذين أحبّونا و لم نحبهم كما ينبغي، سلامًا طيبًا و وردة".. كلمات رددها الكثيرون حزنًا على رحيل الروائية رضوى عاشور في 30 نوفمبر2014، واليوم نحتفل بذكري ميلاد باعثة الأمل الحكاءة "رضوى عاشور"، تاركة وراءها تراثًا لم يعرف التشاؤم.
حياتها
ولدت عاشور في 26 مايو 1946 في القاهرة درست الأدب الإنجليزي، وحصلت على الماجستير في الأدب المقارن من جامعة القاهرة عام 1972، وفى عام 1975 نالت الدكتوراه من جامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة، وعملت بالتدريس في كلية الآداب بجامعة عين شمس، كما عملت أستاذا زائرا في جامعات عربية وأوروبية.
تزوجت رضوى عاشور من الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، الذي تم إبعاده من مصر لمدة 17 سنة متواصلة، بعد اتفاقية كامب ديفيد بسبب اعتراضه على المعاهدة، ودفعت أسرة رضوى الثمن تشتتاً وانفصالاً، وبسبب هذا الموقف، وأنجبت رضوى ابناً وحيداً هو الشاعر تميم البرغوثي.
في 1977، نشرت رضوى عاشور أول أعمالها النقدية، الطريق إلى الخيمة الأخرى، حول التجربة الأدبية لغسان كنفاني، وفي 1978، صدر لها بالإنجليزية كتاب جبران وبليك، وهي الدراسة نقدية، التي شكلت أطروحتها لنيل شهادة الماجستير سنة 1972.
في نونبر 1979، وتحت حكم الرئيس أنور السادات، تم منع زوجها الفلسطيني مريد البرغوثي من الإقامة في مصر، مما أدى لتشتيت أسرتها.
في 1980، صدرت لها آخر عمل نقدي، قبل أن تلجأ إلى مجالي الرواية والقصة، والمعنون بالتابع ينهض، حول التجارب الأدبية لغرب إفريقيا. وستتميز تجربتها إلى غاية 2001، بحصرية الأعمال الإبداعية، القصصية والروائية، وكانت أولها أيام طالبة مصرية في أمريكا (1983)، والتي أتبعتها بإصدار ثلاث روايات (حجر دافئ، خديجة وسوسن وسراج) والمجموعة قصصية رأيت النخل، سنة 1989.
توجت هذه المرحلة بإصدارها لروايتها التاريخية ثلاثية غرناطة، سنة 1994، والتي حازت، بفضلها، جائزة أفضل كتاب لسنة 1994 على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، اشتغلت بين 1990 و1993 كرئيسة لقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب بجامعة عين شمس.
ونشرت بين 1999 و2012 أربع روايات ومجموعة قصصية واحدة، من أهمها رواية الطنطورية (2011) ومجموعة تقارير السيدة راء القصصية، في 2007، توجت بجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان، وأصدرت سنة 2008، ترجمة إلى الإنجليزية لمختارات شعرية لمريد البرغوتي بعنوان "منتصف الليل وقصائد أخرى".
الكتابة مقاومة
"أنني أحب الكتابة لأني أحبها، وأيضا لأن الموت قريب. قلت إن الواقع يشعرني بالوحشة، وإن الصمت يزيد وحشتي، والبوح يفتح بابي فأذهب إلى الآخرين أو يأتون إليّ، وألمحت أنني أكتب لأنني منحازة (أعي العنصر الإيديولوجي فيما أكتب، وأعتقد أنه دائمًا هناك، في أية كتابة) ولكن لو سألتموني الآن هل تكتبين لكسب الآخرين إلى رؤيتك؟ سأجيب بلا تردد: ليس هذا سوى جزء من دوافعي، أكتب لأنني أحب الكتابة، وأحب الكتابة لأن الحياة تستوقفني، تدهشني، تشغلني، تستوعبني، تربكني، وتخيفني، وأنا مولعة بها".
وتري الراحلة إن الكتابة في جزء منها تعتبر مقاومة للموت ومقاومة للحياة عندما تنفي إرادة الشخص وتفرض عليه ما تريده.
وفي إحد ندوات السيدة في عمان تسألت "هل أردنا نحن الروائيون أن نكون نصا تاريخيا حافظا للذاكرة؟ فقد كنا نتواصل مع الأجيال السابقة، مع الروائيين العرب الذين كانوا يحاولون عن طريق الرواية طرح الأسئلة. ولكن في تصوري أنا شخصيا فإن الرواية تعيد تقسيم الجسم الاجتماعي وتحويل المجتمع الى حياة تحكى، متضمنة السيطرة أيضا على الحيز الاجتماعي كما يقول ادوارد سعيد. ذلك أن هذا التقسيم يختلف عند توفيق الحكيم ونجيب محفوظ عنه عند عبد الرحمن منيف، فهي عنده افساح للمنفى والصمت".
وأضافت: "تستهويني فكرة العلاقة بين الهامش والملغي، وأتساءل ان كان هو مصدر حلمي لكتابة رواية، لماذا؟ لأننا تربينا في الهامش كمثقفين، تربينا في اختلاط الحابل بالنابل، اذ تبدو لي الطريق محفوفة بالشراك، وأستحضر حياتي كمشهد من مشاهد كرتون أطفال، ولكنني أعتقد أنني محظوظة بالكتابة، فأنا أكتب أدبا وأدرس أدبا، فان قراءة النصوص لحظة نادرة، وفي قراءة هذه النصوص من موقع نقدي أصيل يتبناه البعض، تحقيق لمنطق سليم على عكس أولئك الذين اختاروا العكس".
فيديو قد يعجبك: