مصر وإسرائيل.. مجاملات سياسية مقابل غضب شعبي
كتبت-دعاء الفولي:
صباح اليوم قال المتحدث باسم رئيس وزراء إسرائيل، أوفير جندلمان، على صفحته الرسمية بموقع تويتر، إن مصر والأردن عرضتا على إسرائيل المساعدة في إخماد الحرائق. غضبٌ انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مما أسماه البعض "الصداقة المصرية الإسرائيلية"، إلا أن تلك المرة ليست الأولى التي تُثار فيها موجات اعتراض ضد العلاقات المصرية بدولة الاحتلال.
في الثلاثين من سبتمبر الماضي اُقيمت جنازة للرئيس الإسرائيلي الأسبق، شيمون بيريز، والذي تُوفي عن عُمر ناهز 93 عاما. وحضر الجنازة العديد من قادة العالم على رأسهم الرئيس الأمريكي أوباما ونظيره الفرنسي، وولي العهد البريطاني، فيما انتدبت مصر وزير الخارجية، سامح شكري، لتقديم العزاء في الجنازة.
وجود مصر رسميا وقتها في تل أبيب أثار استياء عمرو محمد-عضو بالحملة الشعبية لمقاطعة الكيان الصهويني-إذ أنه اعتقد أن الموقف المصري لن يُقدم الرثاء في شخص "كان وزير إعلام إسرائيل ساعة حرب اكتوبر وقتل آلاف الفلسطينيين" حسب قول الشاب.
تابع الشاب العشريني تصريحات المتحدث باسم رئاسة الوزراء الإسرائيلية خلال الساعات الماضية، غير أنه لم يتفاجأ "الطبيعي تبقى دي العلاقات طالما بنعزي في رئيسهم وبنتفرج معاهم على ماتشات الكورة".
نشر "جندلمان"، في يوليو الماضي، صورا على تويتر لوزير الخارجية المصري ونظيره الإسرائيلي، أثناء متابعتهما لنهائي بطولة الأمم الأوروبية (يورو 2016)، فجلبت الصور أيضا العديد من التعليقات المناهضة.
الأمر يمكن تفسيره في إطار العلاقات الدبلوماسية، حسبما يقول محمد أبو غدير، رئيس قسم الدراسات الإسرائيلية السابق بجامعة الأزهر، لمصراوي. إلا أن أبو غدير رأى موقف "مشاهدة المباراة" غير مُوفق من قبل الخارجية المصرية، لا سيما مع الحساسية البالغة ضد الاحتلال الإسرائيلي في نفوس المصريين.
"لمّا فتحت عنيا على السياسة كان عشان أتظاهر ضد الكيان الصهيوني".. هكذا يتذكر محمد عام 2001 وما تلاه، حيث انضم مرارا إلى احتجاجات تزامنت مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. استمر اهتمام الشاب بالقضية حتى شارك في تظاهرات خرجت عام 2011 ضد وجود إسرائيل، وانتهت برفع أحمد الشحات-أحد المشاركين- العلم المصري على السفارة وتنكيس الإسرائيلي.
تلك اللحظات تبدو لطالب كلية الحقوق من الأيام السعيدة. إذ كان باستطاعته وأصدقائه الاعتراض على أي تصرف مصري رسمي يُرسخ العلاقات بإسرائيل "كنا بنقدر نعمل فاعليات في الجامعة أو نوعي الناس أو نتظاهر.. بس بعد 2013 كل حاجة وقفت". لم تكن الحوادث فقط هي ما تؤجج غضب الشاب، بل بعض التصريحات الرسمية، منها حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أنه يأمل في "وجود دولة فلسطينية بجانب الدولة الإسرائيلية" أثناء خطابه أمام هيئة الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، مؤكدا أن هذا الحل يضمن "حفظ الأمن والأمان لكلا الدولتين ويحقق الازدهار والاستقرار".
لا يعترف الشاب بوجود "إسرائيل". يُطلق عليها الكيان الصهيوني، يعلم أن قنوات دفاعه عن رأيه منحصرة فقط في "فيسبوك والإنترنت بشكل عام". وفيما يتمسك محمد بنظرته للأمور، يقول أبو غدير إن مصر وإسرائيل بينهما معاهدة سلام، لا يمكن الفكاك منها، وهي ما تُحتم وجود "المجاملات السياسية".
لم يصدر أي تصريح مصري رسمي ينفي أو يؤكد ما قاله المتحدث الإسرائيلي حتى الآن. لكن الصفحة الرسمية للسفارة الإسرائيلية في مصر نشرت منذ ساعات، على موقع فيسبوك منشورا تشكر فيه مصر حكومة وشعبا على عرض لمساعدة، مؤكدة أن "التعاون المستمر يبني الشعوب و أن الصديق دائما و قت الضيق
رغم "العجز" الذي يشعر به محمد تجاه عدم قدرته على تسجيل اعتراضه بشكل أوسع، إلا أنه بات يعلم أن الأنظمة المصرية على اختلافها تسعى لتحسين العلاقات مع إسرائيل، إن لم يكن في عهد مبارك، ففي عهد مرسي "اللي بعت خطاب للرئيس الإسرائيلي"، أو في الوقت الحالي.
فيديو قد يعجبك: