بالصور: جولة في صفحات التاريخ.. بداية الحياة النيابية المصرية
كتبت- شروق غنيم:
منذ أكثر من مائة خمسين عامًا، ظهرت الحياة النيابية في مصر، وإن لم تكن قد اتخذت شكلًا مؤسسيًا بعد، واليوم في مدينة شرم الشيخ، جرى احتفالًا ضخمًا بهذا الحدث، حضره الرئيس عبدالفتاح السيسي، والدكتور علي عبدالعال، رئيس البرلمان، فضلا عن عدد من رؤساء البرلمانات الدولية.
في هذا التقرير، يعود مصراوي إلى بداية الحياة النيابية، من خلال عيون موقع "ذاكرة مصر المعاصرة"، والصور والبيانات المتواجدة عليه.
يعتقد الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات المركزية والخدمات بمكتبة الإسكندرية، أن الحياة البرلمانية المصرية يفوق عُمرها المائة وخمسين عامًا، وبناءً على وثائق عثر -هو وفريقه البحثي - عليها لكنها لم تُتح للنشر حتى الآن وتحتاج 4 سنوات لذلك، فإنه يرى أن الحياة النيابية قد بدأت في العصر المملوكي، وكانت تعتمد على التمثيل النوعي أكثر منه التمثيل الجغرافي.
يسرد عزب لمصراوي التسلسل الزمني والمؤسسي للبرلمان في مصر، إذ أصبح أنه كان موجودًا في العصر العثماني تحت اسم "الجمعية"، وتبلورت فيها ما يُسمى الديوان الكبير في القلعة، والديوان العالي، ثم بات مايشبه البرلمان في عصر محمد علي بصيغة معينة، بحيث يجتمع مع الأعيان من مناطق مختلفة، إلى أن أسس الخديو إسماعيل البرلمان الحقيقي، وهو ما يعتبر بداية الحياة النيابية، وبدء المساءلة في مصر.
وصف الصورة: مضبطة الجلسة الافتتاحية لمجلس شورى النواب 1866
في الخامس والعشرين من أكتوبر عام 1866، ألقى الخديو إسماعيل خطبة شهيرة، في حفل افتتاح مجلس شورى النواب، أوضح فيها لماذا أسس هذا المجلس وآلية العمل فيه، "تبدى به الآراء السديدة، وتكون أعضاؤه متركبة من منتخبي الأهالي، ينعقد بمصر في كل سنة مدّة شهرين"، واستنادًا على الآية الكريمة "وَأَمْرِهِمْ شُورىَ بَيْنَهُمْ".
تابع الخديوي حديثه بأنه " كثيرًا ما كان يخطر ببالي إيجاد مجلس شورى النواب، لأنه من القضايا المسلمة التي لا ينكر نفعها ومزاياها أن يكون الأمر شورى بين الراعي والرعية، كما هو مرعى في أكثر الجهات".
ونشر موقع ذاكرة مصر المعاصرة، مضبطة الجلسة الافتتاحية لمجلس شورى النواب 1866، والتي وصفها بأنها أقدم مضبطة في تاريخ الحياة النيابية المصرية.
وصف الصورة: إسماعيل راغب باشا، رئيس مجلس النواب، في الفترة من 25/11/1866 إلى 24/1/1874
بعد ما يقرب من عشرين عامًا، أصبح البرلمان تحت اسم "مجلس النواب المصري"، وألقى حينها الخديوي توفيق خطابًا في جلسة الافتتاح، عام 1881، مستلهمًا النزعة الدينية في الخطاب أيضًا: "أُبدي لحضرات النوَّاب مسروريتي من اجتماعهم لأجل أن ينوبوا عن الأهالي في الأمور العائدة عليهم بالنفع"، استهل بتلك العبارة الخديو توفيق بيانه، ثم شرح أسباب تأخر انعقاد المجلس، وهو الظروف التي شهدتها الحكومة حينها:
"أنتم تحيطون علمًا أن جلّ مقاصدي ومساعي حكومتي هو راحة الأهالي ورفاهيتهم وانتظام أمورهم بتعميم العدالة بينهم، وتأمين سكان القطر على اختلاف أجناسهم، وهذا منهجي واضحًا مستقيمًا، متوسلين بعناية الله تعالى وإمداد رسوله الكريم، ومتمسكين بقوة ارتباطنا بالحضرة الشاهانية والدولة العلية، أدامها الله، نسأل الله حسن النجاح إنه ولي التوفيق".
ظل مجلس شورى النواب يؤدي دوره، حتى احتّل الإنجليز مصر عام 1882، وقرروا هدم النظام النيابي، لكن بمرور السنوات، صدر قانون عام 1913، ينص على إنشاء جمعية تشريعية، حينها ألقى الزعيم سعد باشا زغلول أول بيانًا انتخابيًا في تاريخ الحياة النيابية المصرية، في أول يناير "إذا شاء أبناء وطني أن ينتخبوني نائبًا عنهم فأنا أعدهم بأن أجدّ في خدمتهم بالبحث عن كل العلل والأسباب التي يشكون منها، وجمع الشواهد وإعداد الأدلة والحجج التي أتوصل بها إلى إقناع زملائي في المجلس حتى يؤيدوني فيما أقترحه على الحكومة من التعديل لخير الأمة، وإلى إقناع الحكومة بصحة اقتراحنا واستمالتها إلى قبوله والعمل به حبًا لخير الأمة".
ولكن بعد صدور دستور عام 1923 اختلف الأمر كثيرًا، وتحوّل البرلمان إلى مؤسسة حقيقية تحت مظلة الدستور، وأمام جمع من النواب، وباحتفاء، افتتح الملك فؤاد الأول البرلمان المصري، مُلقيًا ما عُرف حينها "خُطبة العرش"، في مارس من عام 1924، "اليوم تدخل في دور التنفيذ النظامات النيابية التي قررها الدستور ولا ريب في أنها تبشر بإقبال عصر جديد من القوة والسعادة على بلادنا المحبوبة".
واستطرد "لقد وضعت البلاد فيكم ثقة عظمى، وألقت بها عليكم مسئولية كبرى، فأمامكم مهمة من أدق المهمات وأخطرها، إذ يتعلق بها مستقبل البلاد وهي مهمة تحقيق استقلالها التام بمعناه الصحيح".
كما ألقى سعد زغلول حينذاك كلمة أمام الملك فؤاد.
وفي عام 1936، ذهب الملك فاروق إلى البرلمان، في موكبٍ كبير شهد اصطفاف الناس من حوله، وحضر حينها أول جلسة افتتاحية في عهده، وأظهرت الصور تواجد عدد من النواب، وعلى يمين الملك، وقف مصطفى النحاس، رئيس مجلس الوزراء آنذاك، يُلقي كلمة.
اعترض توثيق "عزب" للحياة البرلمانية في مصر عددًا من المشاكل منها فقدان الأرشيف، لكنه ما وصل إليه كان استنادًا على البحث في أكثر من مستوى، جاء أولها من خلال العائلات المصرية العريقة، والتي لديها تاريخًا برلمانيًا مثل عائلة بطرس باشا غالي، وفؤاد سراج الدين، وأسرة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، إذ تقلّد منصب رئيس مجلس النواب لفترة، كما استعان بالوثائق التي حصل عليها الباحثين، كما أتاح الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب الأسبق، أرشيف المجلس لتعامل الباحثين معه بشكل مباشر، وهو ما سهَّل المهمة.
مصدر الصور- مكتبة الإسكندرية.
فيديو قد يعجبك: