فؤاد المهندس.. للإبداع أكثر من إطار
كتب- محمود جمال:
"دي ناس عرفت إن رمضان هو اللى بيكمل لمتنا" ما لبثت الناس أن سمعت صوته فى إعلان أحد منتجات المياة الغازية فى رمضان العام قبل الماضي، حتى سرت قشعريرة فى أجساد المصريين بالكامل ثم اكتمل الإعلان بظهوره كالعادة أنيقا مبتسما فأخذت أعين المشاهدين تلمع بالدموع.
تغير شكل فؤاد المهندس عدة مرات..
ظهر فؤاد المهندس في أول حياته مرتديا نظارته المربعة متمسكا بابتسامته المضيئة ويرتدى بذلته السوداء أو قميص أبيض يعلوه صديرى مفتوح متناسق الجسد ورشيق الحركة معتمدا فى كوميديته على الموقف و"الإفيه" الذى يسرقه خلسه أمام النجم الذى يقوم معه بالدور الثاني حيث كصديق للبطل.
في بداية الستينات تغير شكل الكوميديا وكانت الجماهير بحاجة الى حالة مختلفة عما يقدمه إسماعيل يس وعبد السلام النابلسى والقصرى الذين لم يستطيعوا أن يغيروا من أنفسهم وأرتموا فى دائرة التكرار التي قللت من شعبيتهم.. وهنا وجدها فؤاد المهندس فرصة لإخراج طاقاته؛ فقام ببطولة أولى مسرحياته وأخذ يتحرك على المسرح برشاقة معتمدا على الحركة الكثيرة والسرعة الشديدة في الأداء وحتى طريقة إلقاء "الإفيه"، بشكل مباغت ليفاجئ به الجمهور، فيعلو ضجيج الضحك أكثر وأكثر.
وهكذا ارغمت الجماهير المصرية ساحة الفن المصرى فى السينما والمسرح على أن يكون فؤاد نجما جماهيريا يعبث بقلوبهم لينزع منها الضحكات الصادقة، ومع مرور بعض السنوات أخذ "كرشا" صغيرا ينموا لفؤاد المهندس إلا أن هذا الكرش لم يزده سوى رشاقة ومرونة وخفة دم، بل كان مهندس الضحك يتفنن فى إبرازه ونفخه مختالا به على المسرح وفى الأفلام وأثناء غناؤه أيضا.
في أواخر السبعينات وفترة الثمانينات قلت رشاقة المهندش نسبيا وبدأ يأخذ فى أدواره وتحديدا على المسرح نهجا آخر؛ إذ ابتعد نسبيا عن أدوار الفقير المطحون الذى تأثر فيها بمدرسة الريحانى وبدت أدواره فى ذلك الوقت أنيقة وغنية، وتغيرت طريقته في الكوميديا فبدأ يؤدى بهدوء أو جالسا، فيما عدا طبعا مشهده الشهير الذى كان يضرب فيه "زكريا موافى" على ظهره فى مسرحية سك على بناتك بل وأيضا بدا يعطى فرصة للشباب ليعوضوا خفته الناقصة على المسرح مثل "أحمد راتب ومحمد ابو الحسن والطفلة رانيا عاطف ثم بعد ذلك شريهان والمنتصر بالله ومحمود الجندي".
في أواخر أيامه، تنحصر الأضواء عنه، فيما تبقى أناقته، وتستمر الضحكة تضيئ الشاشة فى أي لقاء يظهر به فى التليفزيون إلا أن شئ من الحزن بدت ظاهرة، لمحة من الإرهاق والتعب والشكوى تظهر فى عينيه وفى صوته الممتلئ بالشجن، تتزايد الأمرض ويثقل الكرش على قدمية فتقل مرونته حتى للحركة إلى البلاتوه فلا يظهر أمام الكاميرات إلا ضيفا فى برامج التوك شو. ويحاول أن يدارى أحزانه خلف نظارته المربعة الكبيرة ويقول مرارا فى حالة من المرح إنه يحب نانسى عجرم وإنه مغرم بها قاصدا إنعاش الجماهير وإسعادهم.
تابع باقي موضوعات الملف:
"عمو فؤاد".. 7 حالات لـ"ملك الانبساط" (ملف خاص)
فؤاد المهندس.. الله الوطن المسرح (بروفايل)
فؤاد المهندس.. سفاح الكوميديا "بروفايل"
''فؤاد المهندس'' حكيمًا.. فتش عن التربية و''الريحاني''
الغناء في مدرسة "فؤاد المهندس".. شيء لا يصدقه عقل
فؤاد المهندس.. ''قلبه الغاوي قارة واحدة''
ما بين فؤاد المهندس والحزن "كلمتين وبس"
فيديو قد يعجبك: