إعلان

بالفيديو.. كيف تنهي مكالمة هاتفية من محتل حياة الفلسطينيين

02:30 م الجمعة 13 مارس 2015

فيلم العشر الأخيرة

كتب-إشراق أحمد:

الموت في نهايته راحة مهما بلغ قسوته على أهل الفقيد، فهناك مَن يموت في اليوم الواحد أكثر من مرة؛ في غزة تنسلب الحياة في عشر دقائق فقط، هي المدة التي يمهلها سارق الأرض لأهلها، لكي يغادروا منزلهم، وكأن مشيئتهم نافذة، لكسر نفس آل البيت، الذين يقفوا مكتوفي الأيدي، أمام قصف بيتهم، ذكرياتهم، تاريخهم الراغب المحتل في الاستيلاء عليه؛ تلك اللحظات العصيبة سجلها المخرج المصري "حاتم تاج" في فيلم قصير.

"العشر الأخيرة" اسم الفيلم الذي شارك فيه الفنان عبد العزيز مخيون ضمن مجموعة فريق العمل المصري بأكمله، خمس دقائق جسدت كيف يقابل أهل غزة إحساس انتهاء الحياة في لحظات دون قدرة على رفض الأمر المباغت، الذي بات انتظاره أمر محتوم لكن غير متوقع.

يرن الهاتف، يتحدث رب الأسرة /الفنان عبد العزيز مخيون/ إلى زوجته "تفتكري أجى دورنا"، صوت بلسان عربي متكسر اللغة يأتي عير الهاتف "أبو ياسر قدامك عشر دقائق وتخلي المنزل"، يهرع الأب صائحا على أسرته، لسرعة الخروج من البيت، فيما يأتي بعلبة معدنية كأنما أعدها لمثل ذلك اليوم، يضع بها ما يثبت حقه المسلوب من أوراق المنزل وغيرها من المستندات، تخرج العائلة مهرولة، تحمل الصغيرة حقيبة مدرستها، ويتشبث الأبن بحقيبة صغيرة أخرى معدة سلفا، بها أقل ما يمكن أخذه، قبل أن يقصف المنزل.

بعد يوم واحد من بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، بعملية عُرفت باسم "الجرف الصامد"، وبينما يطلع "تاج" على المتداول بـ"فيسبوك" وقعت عيناه على كلمات صديق فلسطيني يدعى "محمود جودة"، فكانت أول الخيط إلى عمل الفيلم، حيث عَبّر الكاتب الفلسطيني عن ذلك المشهد الذي يُفقد فيه بدقائق معدودة كل شيء "تاريخك الصغير عن سطح الأرض، هداياك وصورك الأخوة والأبناء الشهداء والأحياء، أشياؤك التي تحبها، كرسيك، كتبك، أخر ديوان شعر قرأته، رسالة من أختك المغتربة، ذكرياتك مع كل مَن أحببت، رائحة الفراش، عاداتك في ملاطفة الياسمينة التي تتدلى من شباكك الغربي، مشبك شعر ابنتك، دفء المقعد، ملابسك القديمة، سجادة الصلاة، ذهب الزوجة، تحويشة العمر.."، وبدأ السعي لإعداد الفيلم القصير بعد موافقة الصديق عن أن تُستوحى الفكرة من قصته.

6 أشهر حتى يخرج "العشر الأخيرة" إلى النور، شملت فترة توفير الميزانية اللازمة لعمل الفيلم، والتي اعتمد فيها "تاج" على التمويل الجماهيري /CROWD FUNDING/، حيث، يقوم المخرج بالإعلان على المواقع المتخصصة في ذلك عن فكرة الفيلم والميزانية التقريبية الموضوعة، ومن ثم يقوم متابعيه للتبرع "يعني المشاهد هو اللي يطلع الفيلم بتاعه"، خلال أشهر تمكن الشاب من تجاوز المشكلة المالية "في واحد معرفوش بعت لي 5000 آلاف جنيه كان نفسه يوصلهم لأهلنا في غزة وقت الحرب فقرر يشارك بهم في الفيلم" يقولها المخرج الذي تذللت أمامه العقبات تباعا.

لم يتطلب الأمر مجهود كبير لإقناع الفنان "عبد العزيز مخيون" للمشاركة في الفيلم حسب "تاج"، فمنذ الفيلم السابق لـ"تاج" والذي حمل اسم المحاصر، وظهر به "عبد الرحمن أبو زهرة"، وقد تعمد المخرج الشاب اثبات ""أننا نوصل لأي ممثل"، طالما كانت الفكرة تستحق، فتجد من يقف بجانبها، فكان للصديق الفلسطيني فضل في صوت الجندي الإسرائيلي المتحدث بالعبرية في بداية الفيل، كما تحققت الدقة المطلوبة بتواجد مراجعة للهجة الفلسطينية للمشاركين المصريين بالفيلم.

في منطقة الهرم، حيث البيوت المهجورة، كان موقع التصوير "كان أصعب حاجة في الفيلم"، فضلا عن المخاوف من التعطيل الأمني، غير أن الشيء المقلق بالنسبة للمخرج كان أسلوب اللقطة الواحدة الذي استخدمه "تاج" للمرة الأولى، مما تطلب مجهود مضن استمر أكثر من 14 ساعة.

يلقي الأب نظرة أخيرة على منزله، يطالب أسرته بالرحيل، يغيبوا عن الأنظار، فيما تتسمر عيناه على "شقى عمره"، ليجلس على كرسي ومن خلفه الركام، تحطمت الجدران لكنه لم يبرح أرضه، بينما نظرته الأبية لم تنكسر، تتحدث بلغة صامتة عن الصمود، والمقاومة في وجه المحتل الغادر، الذي انفق قرابة 2,5 بليون دولار منذ بدء الحرب على غزة في 2008 من أجل تدمير حياة أهل غزة، وهو ما أراده "تاج" من الفيلم القصير "أن توصل الرسالة للعالم كله مش مصر بس.. أن الفلسطينين مش بيبيعوا أرضهم ويسيبوها".

فيلم العشر الأخيرة

 

لمشاهدة الفيديو... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: