في ذكرى الواقعة: سارتر.. الأديب الذي نال جائزة نوبل رغمًا عنه
كتب- محمد سعيد:
"عند الظهيرة وأثناء ما كان يتناول وجبة الغذاء في أحد المطاعم قرب منزله في باريس، وصله خبرا بإبلاغه أنه نال جائزة نوبل للأدب، ولكن كان رده آنذاك: أنا لا أستطيع ولا أرغب، لا الآن ولا في المستقبل، أن أقبل هذه الجائزة" هكذا كان موقف الأديب الفرنسي جان بول سارتر من جائزة نوبل والتي يحل اليوم 22 أكتوبر ذكرى هذا الموقف ولكن قبل 51 عامًا.
رغم موقف سارتر الغامض آنذاك، لا يزال سبب رفض الفيلسوف الفرنسي لجائزة نوبل التي اختير لها موضع جدل بين المثقفين، رغم أنه صار بسبب هذا الرفض واحدًا من أشهر من نالوا هذه الجائزة في العالم.
وتلقى سارتر خبر فوزه بجائزة نوبل حين هاتفته فرانسواز دو كلوزيه الصحفية في وكالة الصحافة الفرنسية، فأجاب سارتر: "أرفض الجائزة، وسأحتفظ بأسبابي وراء ذلك لأقولها للصحافة السويدية".
وبالفعل، كتب سارتر، إلى الأكاديمية السويدية يطلب فيها عدم منح جائزتها لشخص لا يرغب بذلك، كتب في نصها: "وصلتني بعض الأخبار ومفادها أني قد أنال جائزة نوبل، ولأسباب خاصة وأخرى موضوعية، أتمنى ألا أكون ماثلا على قائمة المرشحين للجائزة، وأنا لا أستطيع ولا أرغب، لا الآن ولا في المستقبل، أن أقبل هذه الجائزة".
جان بول سارتر من مواليد باريس (1905 ـ 1980)، وهو فيلسوف وروائي وناشط سياسي فرنسي. درس الفلسفة في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. حين احتلت ألمانيا النازية فرنسا، انخرط سارتر في صفوف المقاومة الفرنسية السرية. وعُرف سارتر واشتهر لكونه كاتب غزير الإنتاج ولأعماله الأدبية وفلسفته المسماة بالوجودية ويأتي في المقام الثاني التحاقه السياسى باليسار المتطرف.
أعمال سارتر الأدبية هي أعمال غنية بالموضوعات والنصوص الفلسفية بأحجام غير متساوية مثل الوجود والعدم (1943) والكتاب المختصر الوجودية مذهب إنساني (1945) أو نقد العقل الجدلي (1960) وأيضا النصوص الأدبية في مجموعة القصص القصيرة مثل الحائط أو رواياته مثل الغثيان (1938) والثلاثية طرق الحرية (1945).
كتب سارتر أيضا في المسرح مثل الذباب (1943) والغرفة المغلقة (1944) والعاهرة الفاضلة (1946) والشيطان والله الصالح (1951) ومساجين ألتونا (1959) وكانت هذه الأعمال جزءا كبيرا من إنتاجه الأدبي. في فترة متأخرة من عمره في عام 1964 تحديدا.
ويبدو أن خبر تلقيه جائزة نوبل التي تعد تكليلًا لأي مُبدع في مجاله لمسيرته، لم يُثر لديه أي مشاعر سوى السلبية تجاه رفضه لهذه الجائزة، لكن الأمر لم يُمر مرور الكرام في باريس، حيث أشيع خبر رفضه للجائزة التي تعد الأولى من نوعها منذ أن أصبحت الجائزة تهدى للشخصيات المؤثرة حول العالم.
أُقيم أوّل احتفال لتقديم جائزة نوبل في الآداب، الفيزياء، الكيمياء، الطب في الأكاديمية الملكية الموسيقية في مدينة ستوكهولم السويدية سنة 1901 وابتداءً من سنة 1902، قام الملك بنفسه بتسليم جائزة نوبل للأشخاص الحائزين عليها. تردّد الملك "أوسكار" الثاني، ملك السويد في بداية الأمر في تسليم جائزة وطنية لغير السويديين، ولكنه تقبّل الوضع فيما بعد لإدراكه لكمية الدعاية العالمية التي ستجنيها السويد.
أندريه جيجو المتخصص في فلسفة سارتر، يقول "كان لديه سببين عميقين يحولان دون قبوله الجائزة، الأول أنه كان يخاف أن يدفن حيا قبل أن يتم مساره، وكان ينظر إلى الجوائز على أنها (قبلة الموت)، أما "السبب الثاني أنه بنى كل أفكاره على نقد كل أشكال المؤسسات، التي كان يصفها بأنها مميتة".
ورغم رفضه للجائزة، أصرت الأكاديمية المانحة لجائزة نوبل منحه إياها دون النظر في قراره، ويبدو أن "السويديين كانوا واضحين جدا منذ البداية، أن رفض سارتر للجائزة لا يعنيهم، فقد تم اختياره وقضي الأمر".- هكذا يقول أنطون جاكوب، الصحفي بوكالة الأنباء الفرنسية وصاحب كتاب "تاريخ جائزة نوبل".
فيديو قد يعجبك: