لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بيروت منيحة رغم الاقتتال.. قصة لبناني عايش الحرب

11:21 م الثلاثاء 13 أكتوبر 2015

الأمين.. الشاب الذي عايش الحرب اللبنانية

كتبت-دعاء الفولي:

يلهو صغيرًا في محلة الشياح -إحدى مناطق بيروت، اعتادت أذناه أصوات القذائف إذ تهبط قريبا من المنزل، كان ذلك بالعام 1977، بعد سيطرة الفصائل الفلسطينية على الساحة. النضال ضد العدو الصهيوني هو ما عرفه الفتى؛ فحفظ النشيد الفلسطيني "فدائي.. فدائي"، لا يفهم كل معانيه، لكن يردده منطلقًا في الشارع حين يدوي صوت القذيفة، جسده الضئيل يبتعد عن أمان المنزل ليظل مع المقاومة، لكن يمنعه من هو أكبر سنًا. كانت الحرب اللبنانية بالنسبة لـ"رياض الأمين" أوقاتًا طيبًة يقضيها بالملجأ تحت الغارات برفقة الجيران، أصدقاء عرفهم، وقوم تجمعهم الهوية اللبنانية يتصارعون بجنون بينما تسعى إسرائيل للتوغل في بيروت.

المولد كان بالكويت، لا يذكر "الأمين" عن فترة السبعينات سوى الأشهر التي قضاها بصيف 1977، فلم يعد للبنان كي يستقر فيه إلا عام 1986، حينها كان الدمار هو البطل "وقتها كانت المعارك ماشية بالضاحية الجنوبية وكان فيه قصف"، إلا أن الحياة على الجهة الأخرى بالأسواق كانت مستمرة، الشوارع مكتظة، المدارس تعمل، والسهر أنيس المواطنين ليلًا "لما بس بتحتد المعارك ممكن الناس تتوقى الرصاص والقصف وتلجأ للملاجئ"، لذا أحب "الأمين" لبنان، ولم يُرد العودة إلى الكويت "أنا عشقت هاي الأجواء".

قضى الأمين أيامه بالجنوب بشكل طبيعي، يذهب للمدرسة صباحًا، يعود ليدرس، يخرج ليلعب، لكن الحرب فرضت نفسها على الأقل في تصرفات الكبار "كانوا أهلنا يوصونا ننتبه من السيارات العابرة ومن القناص.. وكان يقولولنا امشوا حد الساتر (تلال من الرمال لتمنع اختراق الرصاص).. لكن في النهاية الخوف ما أعاق الحياة".

لم يُدرك ابن لبنان أبعاد الأزمة إلا حينما شبَّ قليلًا، خلال الأربع سنوات الأخيرة التي قضاها ببيروت أثناء الحرب، لم يكن فيها مع فصيل ضد آخر "كنت مراهق وهاي الفترة بتتغير في الشخصية إشيا كتير.. لكني ما أيدت الحرب ع كل حال، ليش بدي أيدها؟"، غير أن كراهية العدو الصهيوني كانت متوطنة فيه، فالجنوب تم اجتياحه عام 1982 من قبل إسرائيل، بدعوى مهاجمة الفصائل الفلسطينية بعد محاولة اغتيال مبعوث إسرائيل إلى الأمم المتحدة، ويومًا بعد الآخر كان ثأره مع المُحتل ينمو خاصة "إنو خيي استشهد بالقتال مع إسرائيل".

سنون الحرب مُرهقة، انتهت رسميا 1990، ولم تترك إسرائيل الجنوب إلا عام 2000، وبين الأحداث المتفاوتة يذكر "الأمين" تفاصيل ناعمة "الملاجئ كانت جميلة.. التجمع داخل الملجأ كان به حميمية وحكي مع الجيران".

يذكر أيضا الخالة "أديل" التي حكى عنها بمقال نشره بمجلة العربي، فقد كانت مسيحية تسكن بنفس العقار مع مسلمين، خلال حرب قوامها طائفي، لكنها ما اهتمت بذلك "كانت تنده على جارتها المسلمة لتحذرها من القصف وتسأل عن ابنها علي، وإن كان موجودًا تذهب لتحتضنه أو تأخذه بشقتها"، أحبّت الخالة "علي" ابن جارتها، وكانت تُطعمه وتبتاع له ما يريد، لم تُنغص الحرب على السيدة عاطفة الأمومة، إلى أن اضطرت الجارتان إلى الانفصال بسبب اشتداد الأحداث.

بيروت حانية كما يذكرها "الأمين"، انتزع بعض سكانها الحب من أظافر الاقتتال، وما ساعدهم على ذلك أن الأزمات الحياتية كانت تعصف بالجميع على اختلافهم "إذا المية بتنقطع بتنقطع على كلو وكذلك الخبز والكهربا.. ما كان فيه تفاوت بين أهل بيروت الشرقية والغربية".

أوقات القصف هي أسوأ ما مرّ به "الأمين"، هناك قذائف الهاون الخفيفة التي سقطت على منزلهم ليلة رأس السنة عام 1989 "سماع أصوات إنفجارات وإطلاق نار بين الحين والآخر كان كجزء من الاحتفال"، لم يُستثنَ "الأمين" وعائلته من فقد قريبه بين تفاصيل الحرب كما حدث لـ17 ألف مفقودًا لم يتم العثور عليهم "خطفوه مع 3 أصدقائه كرمال يسرقوهن ولها لحظة ما رجعوهن".

العام 1990، توقف القتال بين الفصائل، محاور التماس بين بيروت الشرقية والغربية انفضت، صارت الطرق مفتوحة، فما كان من "الأمين" وأخيه سوى الهرع لأماكن الحواجز التي كانت مُحرمة من قبل "بسبب القناصين"، ذلك المشهد لازال عالقًا بذهنه وقد شارف عُمره على 43 عامًا "روائح كريهة ودمار، بيوت تركها أصحابها صارت غريبة، كان فيه ألغام وقوارض، وأعشاب برية مُخيفة وأحراش يتخبى فيها القناصين"، يعرف "الأمين" بقرارة نفسه أن الحرب لم تنتهِ "انتهى القتال لكن الحرب المعنوية بين المختلفين لم تتوقف".

"كريم" هو الابن الأكبر لـ"الأمين"، عُمره ست أعوام، لا يعرف شيئًا عن الحرب، ولا يهتم والده أن يُخبره بتفاصيل التاريخ الأليم، إلا أن "الأمين" نفسه لازال يبحث، يشاهد أفلام وأشرطة فيديو، حتى أنه أنشأ صفحة على فيسبوك ينشر فيها مزيدًا من التفاصيل عن الحدث  "بحاول أربط قبل ووسط الحرب وإلى شو انتهت الحرب وبحس الأمور أبدًا ما تبدلت وممكن في أي لحظة تصير حرب"، فترة الحرب كانت غنية بالنسبة له، ولا ينفك يبتسم كلما دقت أحداثها أبواب عقله مرة أخرى "بيروت بحبها أكتر هيك الفترة.. كانت فيه فوضى بس بحنلها يمكن لأني ما عانيت منها".

تابع باقي موضوعات الملف:

ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية.. "تنذكر ما تنعاد" (ملف خاص)

2015_10_20_18_10_5_829

الحرب الأهلية اللبنانية.. 15 عاما من الفتنة (ملف تفاعلي)

2015_10_20_15_7_49_927

بالصور: ''لبنان فلبنان''.. كيف تجمع صوت الحرب في كتاب؟

2015_10_13_12_58_45_41

بالصور: مشهد ما بعد الحرب اللبنانية.. "حولوها لمدينة أشباح"

2015_10_13_20_14_46_297

المفقودون بحرب لبنان: صورٌ ترويها "داليا" عن الفجيعة

2015_10_14_0_23_53_575

بالصور - مجلة "سمر".. تسلية في زمن الحرب الأهلية اللبنانية

2015_7_19_20_17_53_522

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان