إعلان

من مصر إلى أمريكا.. إعلاميون بطعم الثورة

08:31 م الخميس 29 يناير 2015

إعلاميون بطعم الثورة

كتبت-رنا الجميعي ودعاء الفولي:

إعلاميون.. قد تُعجبك مواقفهم، أو لا تفعل، غير أن هذه المواقف ظلت خارج السرب.. بعيدا عن المسار الإعلامي السائد، يرتد الطريق على بعضهم بسبب غضب المؤسسة التي يحملون اسمها؛ فيُطردون خارج جنتها، أو يتركوها بمحض إرادتهم، في كل الأحوال لا يمر الأمر بسلام، إذ يكثر أعدائهم، يدفعون ثمن اختيارهم، لكنهم يجنون سلاما نفسيا، واتساقا مع الذات ولو للحظات، حتى لو قرر أحدهم التراجع عن موقفه، تحت الضغط المستمر.

ريم ماجد.. الانحياز الشخصي أم المهني؟

بحلول يوم الثلاثين من يونيو 2013 خلت شاشة "أون تي في" من طلة الإعلامية ريم ماجد، وقتها ظنّ البعض أنها اتخذت قرار عدم الظهور على القناة عمدًا، إلا أن ما حدث كما قالت في حوار صحفي لها، إن "تعاقدي مع قناة "أون تي في" انتهى بالمصادفة يوم 30 يونيو، وقبل أن أجدد العقد أخذت إجازتى السنوية التى أحصل عليها فى شهر رمضان كل عام وخلال الإجازة تابعت أداء القناة، وكان واضحا جدا أن القناة غيرت توجهاتها بما يتخالف مع قناعاتي".

منذ ذلك الوقت إلى الآن لم تظهر ريم، مقدمة برنامج "بلدنا بالمصري"، كإعلامية بأية قناة، وتُظهر مقابلتها الأخيرة مع الإعلامية "ليليان داوود" في الذكرى الرابعة للثورة أن هناك تردد بين الانحياز الشخصي والمهني لروح التغيير، وأن حسم الأمر كان صعبا "أبقى بين الثوار ولا على الهوا"، فجاء القرار منذ أكثر من عام أن تبقى بين الثوار.

ريم ماجد مع ليليان داوود



أوكتافيا نصر.. الرفت بسبب "تويتة"

عشرون عاما قضتها أوكتافيا نصر بمؤسسة CNN كمراسلة للشرق الأوسط، إلا أن تلك الأعوام لم تغفر لها "التويتة" التي عزّت فيها "محمد حسين فضل الله"، أحد أكبر زعماء حزب الله اللبناني، وذلك في يوليو 2010، وقالت في تلك التغريدة، التي حذفتها فيما بعد: "حزينة لسماع وفاة محمد حسين فضل الله، أحد كبار حزب الله والذي أحترمه كثيرا".

وضعت "أوكتافيا" نفسها في طريق بعيد عن خط CNN الإعلامي المعروف، بسبب "التويتة" التي استنكرها الإسرائيليين ومن بينهم عضو لمنظمة حقوق صهيونية، قائلًا إن على السيدة الاعتذار لضحايا حزب الله الإرهابي، وعلى إثر الضجة التي حدثت، حذفت المراسلة التويتة وأوضحت في تدوينة لها أنها تحترم "فضل الله" بسبب مواقفه من حقوق المرأة، إلا أن "أوكتافيا" فُصلت من المؤسسة الإعلامية منذ ذلك العام.

حوار مع أوكتافيا نصر

 

ويلكوكس.. ثورة سريعة مرتدة

"منتقدون كثر لسياسة إسرائيل يرون أن الفلسطينيين عانوا كثيرا على أيدي اليهود كذلك"، أضرم تيم ويلكوكس-مذيع قناة BBC- النيران عندما ألقى بهذه الجملة، لسيدة يهودية الديانة. كان "ويلكوكس" يغطي تظاهرات منددة بالهجوم على مجلة شارلي إبدو بفرنسا، عندما تحدث مع السيدة اليهودية المشاركة في الاحتجاج، والتي أخذت الحديث في منحى آخر، إذ قالت أنها تخاف على حياتها كيهودية، تخشى وجود هولوكست جديد، فبادرها المذيع بهذه الجملة، بُهتت ولم تجد رد، مخالفا سياسة BBC التحريرية، انقلب الوضع على المذيع المخضرم، اتهمه اللوبي الصهيوني في بريطانيا بـ"معاداة السامية"، داعيا إلى إقالته.

تراجع "ويلكوكس" عن ثورته لاحقا، قدم اعتذاره بأحد البرامج التليفزيونية، مؤكدا أن "التعبير خانه"، وبالرغم أن ثورة المذيع لم تدم كثيرا، إلا أنها لاقت تعصبا من حملات معاداة السامية التي انطلقت تعليقا على الجملة الشهيرة، وشكاوى جاءت لإدارة القناة التي يعمل بها، مر الأمر دون عقوبات لـ"ويلكوكس"، لكن ثورته القصيرة خلّفت له أعداء جدد.

 

ديما صادق.. الحرية رغم أنف التضييق

ملابسها أنيقة، تليق بنجمة سينمائية، تجلس بثقة أمام ضيوف لهم ثقل سياسي. قررت ديما صادق، المذيعة اللبنانية، مع بداية العمل الإعلامي، منذ ست سنوات، أن تبيع التقاليد التي تُلزمها بها الدولة، وتشتري عقلها، ما جعلها محط أنظار وانتقادات، لكنها وكما ذكرت بأحد الحوارات الصحفية "لست نادمة لأن هذا هو شغفي، فمنذ صغري أحب النقاش السياسي، وأثناء وجودي في الجامعة كنت على رأس الندوات الجامعية والمظاهرات والحلقات النقاشية".

بدأت "ديما" عملها بجريدة السفير، ثم عملت أخيرا بقناة LBC اللبنانية، واستقرت على برنامجها "نهاركم سعيد" الذي تقدمه يوميا، يبدو لمن يسمع الاسم أنه خفيف المحتوى، لكنه يناقش القضايا السياسية على الساحة اللبنانية والعربية، لم تكن ثورة ديما واضحة حتى منتصف مارس 2014، إلى أن قررت حجب إحدى حلقات برنامجها، اعتراضا على تعسف الدولة اللبنانية تجاه الإعلام.

استضافت "ديما" في تلك الحلقة، التي لم تستمر سوى 8 دقائق، ناشط سياسي، ظلت تقاطعه كلما تكلم، بدا أنهما متفقان، تضع له محاذير لا يتطرق لها، تارة دينية، ومرة سياسية، وأخرى أَمنية، لتغلق الحلقة بابتسامة ساخرة قائلة "اتفقنا ما هنحكي بالقضاء ولا الفساد ولا الجمارك ولا الديانة المسيحية ولا الإسلامية.. إذا كان هيك بنشكرك على تواجدنا معك.. وبنشكر المشاهدين.. ما في شيء راح نحكي فيه".

 

هيلين توماس.. مراسلة البيت الأبيض وفلسطين

بمارس 2010 تم رفت "هيلين توماس"، مراسلة البيت الأبيض، بسبب تصريحاتها عن إسرائيل، حينما سألها أحد المراسلين "أية تعليقات عن إسرائيل؟"، ردت :عليهم الخروج من فلسطين، عدة أشهر من الضجة وعادت المراسلة العجوز مجددًا إلى عملها، غطت "هيلين" أخبار البيت الأبيض على مدار خمسة عقود متتالية من الرؤساء، فيما قالت بإحدى الحوارات الصحفية عام 2006 "لن أعبد أضرحة موظفينا العموميين، قاصدة الرؤساء، هم يدينون لنا بالحقيقة"، عام 2013 توفت "هيلين" عن عمر يناهز الثانية والتسعون، وقد نعتتها "الواشنطن بوست" بالمشاكسة.


هيلين توماس وتصريحها عن إسرائيل



يسري فودة.. آخر كلام دائما

له خط واضح، لا يحب الحياد عنه، ربما تلخص جملة "طول ما الدم المصري رخيص.. يسقط يسقط أي رئيس" هوية المذيع والصحفي الاستقصائي يسري فودة، قالها مرارا في حلقات برنامجه "آخر كلام"، الذي بدأه عام 2009، وقدم الحلقة الأخيرة منه في سبتمبر الماضي، خاتمًا إياها بقوله "إرضاء الناس، كل الناس، غايةٌ من المستحيل، واحترامنا لكل عادلٍ محبٍّ لهذا الوطن مؤمنٍ بدولة القانون لا يمكن أن يتأثر باختلافٍ في الرأي ولا يمكن أن يتبدل".

كان الصدام بين السلطة و"فودة" حاضرا، لم يسعى المذيع المصري له، بل تجدد كلما قال ما لا يعجب السطات المتتابعة على مصر ومؤيديها، خاصة بعد الثورة، فمن إيقاف البرنامج في عهد المجلس العسكري، إلى الهجوم الضاري عليه من قبل أنصار الإخوان، بعد هجومه على الرئيس الأسبق محمد مرسي، وحتى اعتراضه على سياسات الدولة عقب 30 يونيو، حتى قال في إحدى الحلقات "طفح الكيل، وحانت لحظة ينبغي لديها من يتولى زمام الأمور في مصر أن يجيب بوضوح، أمام شعب مصر، هل 30 يونيو موجة من موجات الخامس والعشرين من يناير؟ أم أنه، مثلما لا يريد البعض أن يتخيل، ثورة مضادة؟".

 

الإعلام الحالي والسابق

كانت التعليمات من المؤسسات العليا هي ما يحدد مسار الإعلام تحديدا بعهدي الرئيسين جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات، بينما الآن يتحكم في الوضع مالك المؤسسة الإعلامية كما يقول "صلاح عيسى" الكاتب الصحفي.

في العهود السابقة كانت الصحف ملك للدولة، حيث ألقى بعشرات الصحفيين بالمعتقلات من بينهم "عيسى" نفسه، على إثر سلسلة مقالات كتبها بالحرية اللبنانية تحت عنوان "الثورة بين المسير والمصير"، يُطالب فيها بالديمقراطية "الدولة اعتبرت المقالات معاداة لنظام الحكم والتحريض ضد الرئيس".

يحكي "عيسى" أن في تلك الأيام انتقل عدد من الصحفيين لمحلات "باتا" وإلى شركات قطاع عام والوزارات بدلا من عملهم بالصحافة، لم يكن الموقف ضد اليساريين فحسب ولكن الليبراليين أيضا، أسماء كثيرة من بينهم أمين العالم، عبدالرحمن الخميسي، إحسان عبدالقدوس، وأنيس منصور.

في 4 فبراير عام 1972 تم فصل 132 صحفي من الاتحاد العربي الاشتراكي-عهد السادات- وبمقتضى ذلك تم فصلهم من عملهم بالصحافة حيث يشترط موافقة الاتحاد، ثمان شهور من الفصل ثم تمت إعادتهم مجددًا قبل أسبوع من حرب أكتوبر.

هناك ذلك الموقف الشهير في سبتمبر عام 1981، إذ تم تقديم 79 صحفي إلى المدعي العام الاشتراكي منهم فريدة النقاش ومحمد حمروش وحسنين هيكل، في عهد السادات رحل الصحفيون من مصر إلى البلاد العربية مثل الصحفي "محمود السعدني".

أما بعهد "مبارك" كما يذكر "عيسى"، كانت حرية الصحافة أكبر، لذا لم تحدث تلك المواقف، غير أن هناك إشارات لعنف بلطجية اعترضوا فيها صحفيين مثل الكاتب "جمال بدوي"، وقيل وقتها أن هؤلاء البلطجية يتبعون الدولة.

المحاولات مستمرة

شاشة واحد قُسمت إلى 8 قطاعات، نصف ساعة من نشرة إخبارية مسائية لبنانية واحدة، تحت عنوان "فلسطين .. لستِ وحدك" قدّم ثمانية إعلاميون النشرة أثناء يوليو الماضي على غزة، اختلفت المقدمات، وتوحدت الفكرة؛ كلهم يطلبون السماح من فلسطين باسم "كتيبة الحبر والصورة".

في تلك النشرة أكد الإعلاميون اللبنانيون للعالم أنه بالإمكان الاتفاق على قضية واحدة، تعيش عليها الإنسانية؛ ألا وهي فلسطين "جارتنا، نجمتنا، ملح أقلامنا، بيارة برتقالنا، وقبلتنا التي نحملها بين جرحين"، أثبتوا في دقائق معدودة أنه ليس من المستحيل السير بسبيل واحد، وأن الثورة على الحسابات السياسية الضاغطة ممكنة، إذا ما تغلبت عليها قيم الإنسانية.

نشرة موحدة من تليفزيونات لبنان إلى غزة

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان