مبارك.. 4 سنين محاكمات والشعب هو "الخسران"
كتبت-دعاء الفولي:
سقط حكم مبارك. ارتاحت أنفس الخارجين في ميادين الثورة، في إبريل 2011 صار سجينا بجرائمه التي ارتكبها؛ ظن المواطنون أن فساد الثلاثين عاما ولى راحلا، وأن حقوق الشهداء الذين وقف محاموهم أمام دفاع "مبارك" في المحكمة ستأتي رغما عن أصحاب الجريمة، لكن السنون مرت بسلام على الرئيس الأسبق ومعاونيه، وبأسى على أهالي الشهداء والمحامين، وكنهاية تليق بالتعسر الذي مرت به المحاكمات قامت محكمة النقض اليوم بقبول الطعن المقدم من الرئيس الأسبق، بخصوص قضية قصور الرئاسة، على الحكم الصادر من المحكمة الجنائية بحبسه بثلاث سنوات، وجمال وعلاء نجليه 4 سنوات، على ألا يتم إخلاء سبيل الأب والأبناء حتى يتم نظر القضية في الدائرة الجديدة التي ستنظرها، ورغم ذلك فـ"مبارك" صاحب المكسب الأكبر من وقت الثورة إلى الآن.
لم تتعجب هدى نصر الله، المحامية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وأحد المحامين بالادعاء المدني في قضية قتل المتظاهرين، من الحُكم، بل هي نتيجة طبيعية على حد قولها، فمبارك كان يخضع لمحاكمة جنائية، تحتاج إلى دعم من النيابة التي تتقدم بالأدلة لتتحرك القضية، بالإضافة إلى أن الثلاث قضايا التي يُحاكم فيها وهي قتل المتظاهرين، قصور الرئاسة وتصدير الغاز لإسرائيل لا تُذكر ضمن ما فعله النظام بشكل عام أثناء فترة الحكم، أما على مستوى التعامل القضائي، فالقضايا الجنائية تخضع لما يُسمى في القانون بـ"عقيدة القاضي"، فإعمال القانون وتطبيقه أو إهماله يرجع إلى القاضي -ليثبت الحكم او ينفيه-، مما يجعل الهوى جزءا من الحكم بشكل أساسي، ويختلف الأمر من قاضي إلى آخر.
أثناء مشاركتها كمحامية بالادعاء المدني بقضية قتل المتظاهرين، شهدت "نصر الله" على تفرقة في التعامل بين محامين دفاع "مبارك" والطرف الآخر، تذكر المقاطعات الكثيرة في المحاكمة الأولى أثناء المرافعات، لصالح محامين المتهمين، وفي إحدى المرات قرر المستشار محمود الرشيدي، إحالة الجلسة إلى محكمة متخصصة، فلم يستطع محامين الادعاء حضور الجلسات "لكن كان ممكن نحضر كموكلين عن أهالي الشهداء"، غير أن القاضي لم يسمح بدخولهم كذلك، إلا زميل واحد فقط استطاع بشكل ودي عن طريق علاقات جيدة مع الضباط حضور الجلسة "ومكنش بيقدر يتكلم بشكل كبير".
"السلطة القضائية مستقلة، لا يجب أن تخضع لتحرك الشارع أو النظام"؛ قال محمد عيسى، محامي مختص بالعدالة الجنائية، في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يعتقد "عيسى" أن تحرك القضية إبان الثورة بسبب ضغط الشارع كان خطأ، لأنه بمجرد انتهاء الحراك الثوري ستهدأ خطى المحاكمات، وهذا ما حدث، فمع الضغط الشعبي عقب الثورة بدأت النيابة العامة في التحقيق، وبعد انشغال القوى الثورية دخلت الجلسات مسار بطيء، وأصبح الأمر مرهونا بالشارع.
الشق الثاني مما وصل به الحال الآن يعتمد على القوانين نفسها "أنت تحاكم النظام بقوانينه ومن كانوا أتباعه يقدمون الدليل ضد رؤسائهم.. وبالتالي البراءات بشكل عام للضباط وحتى العادلي ومبارك شيء طبيعي"، قال "عيسى"، مضيفا أنه قبل استهلال المحاكمات في 2011، كان من المفترض تعديل القوانين والمنظومة التي تُشرف عليها، وبشكل عام فإن الهوى السياسي يتدخل في الأحكام، سواء بقضية مبارك أو خلافها، فيوضح "عيسى" أن مدد الأحكام التي تنطبق على المتظاهرين وتصل إلى 15 عام أحيانا تعبر عن ذلك الهوى، أما النيابة فهي تحرك الدعوى الجنائية ضد هؤلاء المتظاهرين بشكل سريع على عكس ما يحدث في محاكمة مبارك، ما يجعلها متواطئة بشكل ما.
الناشطة يارا سلّام التي تُحاكم الآن على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بـ"متظاهري الاتحادية"، هي دليل قوي على منطق "عقيدة القاضي"، على حد قول "نصر الله"، فلم يوجد دليل ضدها على نزول التظاهرات، لا فيديو أو صور، ولأن القضية جنائية، فقد اعتمد القاضي على شهادة الضابط صاحب المحضر، قائلا: "المحكمة اطمأنت لمحضر الضبط"، أي لشهادة الضابط، وتضيف "نصر الله" أن القاضي في تلك الحالة أخذ بجزء من الدليل فيما لم ينظر لبقية القرائن.
قال مجدي عبد الفتاح، المحامي بمؤسسة البيت العربي لحقوق الإنسان، إن التعامل بشكل جنائي خطأ فادح، فدول العالم التي مرت بتجارب مشابهة يمثل رؤسائها أمام محاكم سياسية استثنائية، وليس منظومة قانونية رتيبة كما حدث، ومن جهة أخرى يرى "عبد الفتاح" أن استرداد مصر لأموالها سواء بالخارج أو الداخل، لن يحدث طالما برأ القضاء مبارك وأثبت أن ذمته المالية نظيفة، ومن جهة أخرى فإن منع التعليق على أحكام القضاء لا يعترف به المحامي الحقوقي في حالة قضية مبارك، فهي قضية لا تخص فرد بل شعب وأموال مهدورة، كما أنه حكم بشري قابل للتأويل والمحاسبة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: