دائرة أزمات مصر مُفرغة.. وعلى المواطن التعود أو الغضب أو الانتحار
كتبت-دعاء الفولي:
قطع التيار الكهربائي، البنزين، والمطالب الفئوية، منذ ثورة يناير 2011 كانت هذه المشكلات تطفو على السطح، ما تلبث أن تختفي بين العام والآخر حتى تعود، تُعلن الحكومات المتعاقبة السعي لحلها فيضرب التفاؤل المواطنين، وعندما لا يتم حل المشكلة من جذورها تفرض نفسها مرة أخرى، وتبقى جُملة ''لف وارجع تاني'' نمط حياة الأزمات المصرية.
شهدت محافظة الغربية مظاهرة لحل أزمة الكهرباء، وذهب المواطنون بمدينة ''بيلا'' الواقعة في محافظة كفر الشيخ إلى مجلس المدينة بالشموع مطالبين بعزل رئيسه، بالقليوبية نادى نشطاء بعمل وقفات اعتراضا على استمرار انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، لم يختلف الحال كثيرا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إذ دعا بعض الشباب لمظاهرة إلكترونية في سبتمبر القادم لنفس السبب، حتى يتجنبوا القبض عليهم نتيجة قانون التظاهر، وقد تفاعل الآلاف مع تلك الدعوة.
في نفس الوقت لم يجد 2000 عامل من مدينة السويس بأكثر من مصنع سبيلا لهم للحصول على مستحقات مالية سوى الإضراب عن العمل، لتتجدد أزمتهم، أما البحيرة والغربية فقد شهدتا في اليومين الماضيين أزمة في البنزين وتراكم السيارات جانب المحطات وحدوث شلل مروري ومشاحنات، بالإضافة لانقطاع الكهرباء.
رد الفعل المشترك على الأزمات الثلاث كان الغضب الذي استخدمه المواطنون للتنفيس عما بداخلهم، مع اختلاف المحافظات، بينما تحاول الحكومة امتصاص تلك الحالة بإطلاق تصريحات تعد بتحسن ملحوظ في الشهور القادمة.
''الغضب طاقة خام تحتاج اتجاه يتم تصريفها فيه''، قال ''أحمد عبد الله''، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقايق، معلقا على الدعوة إلى التظاهرات أو الإضراب وما إلى ذلك، فمن الطبيعي أن يُصاب الناس بالإحباط مع تجدد الأزمات، فيحاولوا رفع المعاناة عن أنفسهم في كل مرة، أثناء حكم الرئيس الأسبق ''محمد حسني مبارك'' رأى المصريون أن خلع النظام هو الحل كي تنقشع المشاكل المتكررة، وكذلك الحال في عهد ''محمد مرسي''، وقتها تم تحجيم حالة الاستياء في حملة تمرد التي دعت لخلع الرئيس بدورها، في الوقت الحالي لا يستطيع أحد التنبؤ بدرجة غضب الناس في الفترة القادمة، لكن المؤكد أن السبب الرئيسي للاعتراض ليس التغيير في حال البلاد بقدر ما هو تعبير عن حالة التردي النفسي، على حد تعبير ''عبد الله''.
من جهة أخرى أوضح ''عبد الله'' أن استعادة الأزمات كل فترة سيجعل تعامل المواطنين مع الأمر مختلف بين شخص لآخر، فإن كان هناك من سيدعو للاحتجاجات سيلجأ البعض لابتكار حلول ذاتية للمشكلة ''يعني ممكن مجموعة مواطنين يشتروا مولد لمكان ويشتركوا فيه'' ثم يعهد الناس لعدم التعويل على الحكومة بشكل كبير وعدم انتظار الحل منها، وقد لا يكون الوضع بتلك السهولة على حد قول الطبيب ''ممكن الناس تلجأ للإدارة تماما ودة بيظهر أكتر في حالة العُمال اللي ممكن يستولوا على مصنع صاحبه بيظلمهم ويديروه بنفسهم''.
الفئة الثالثة من المواطنين لن يتسنى لها التعايش مع الوضع فستتخذ العنف وسيلة لإظهار الغضب، على حد قول الطبيب، أو تعاطي المخدرات والانتحار، ويضرب ''عبد الله'' مثالا لذلك على مخدر الترامادول الذي أمسى منتشرا بشكل مُرعب بين فئات المجتمع على اختلاف الأعمار، مضيفا أن قدرة المواطن النفسية على اعتياد المشاكل سيصمد كما حدث من قبل، لكن يجب أن يواجهه محاولات حثيثة من الحكومة للحل.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: