إعلان

ومن ''القلم'' ما قتل ''بروفايل)

12:07 م السبت 03 مايو 2014

ومن ''القلم'' ما قتل ''بروفايل)

كتبت– دعاء الفولي:

حرفًا بحرف يكتب القلم، يسطر نورًا للعقول، شفاءً لشغف المعرفة، كلمة بكلمة تُصبح جملة، بابًا لمعلومة جديدة، تكشف مستورًا، جملة بجملة يُصبح خبرًا، يتداوله الناس، ترضى عنه السلطة، أو تلفظ صاحبه، وربما لا يؤثر، القلم سلاح، طريقه مفروش بأخاديد، تملؤها النار، أسواط جلادي الشرطة، ولدغات ذاكرة المتابعين، التي لا تنسى؛ فلا تعفو، فإذا اشترى القلم رضا السلطة؛ باعه القاريء زهيدًا.

للقلم في مصر أحوال، يقف صاحبه على سلم نقابته، يبتغي ''حرية''، تتلقفه ''العصا''، تهبط عليه بقوة، تخلخل قوة الصحفي، ولا تكسر القلم، يُشفى الكاتب، وتبقى ندبات بحثه عن مساحة واسعة، يكتب فيها. التخبط يلاحقه، الشرطة لا تكف عنه، يظهر أحدهم متحدثًا عن حرية الصحافة، بينما دماء الصحفيين والمصورين لا تتوقف، بين الأمرّين يعانون، نقل الحقائق، بطش المواطنين العاديين أحيانًا، صمت النقابة، افتراء المؤسسات التي لا تأبه إلا بخبر أو صورة.

يتحول صاحبا الكاميرا والقلم إلى رقم، جرافيتي مرسوم على جدار النقابة، ينظر له العابرون حزنًا، أنهم لم يردوا دماءه المهدورة بعد، الصورة وجه آخر للقلم، آداتها سجن لأرواح الذين ماتوا فداءً لها، حتى محاسبة القتلة، ''الحسيني أبو ضيف''، ''أحمد عاصم'' وغيرهم، تُصنف مصر _ طبقًا للجنة الدولية لحماية حقوق الصحفيين_ كثالث أخطر دولة عالميًا على الصحفيين، قُتل فيها بأقل من عام خمسة صحفيين، بينما تعرض مالا يقل عن 44 صحفي للاعتقال.

يحنث بعضهم بالقسم، ''ن والقلم ومايسطرون''، يغضون الطرف، تغلف كلماتهم طبقة كذب، استسهال، وإخفاء لجزء من الحقيقة، والقلم بريء، لا يرتضي أن يكون آداة للسلطة، تستخدمه كيفما تشاء، يغتبط أصحاب الأقلام الملوّنة، بينما يعاني زملاؤهم، يقصفون أقلامهم بأيديهم، يغمسونها بالنفاق، ثم يطلقون عليه أسماءً، تختلف من عهد للآخر، ''الحفاظ على الأمن القومي''، ''محاربة الإرهاب''، ''عجلة الإنتاج''، تربت السلطة على أكتافهم، كصغارها هم، لكل عهد قلم يشتري صاحبه لهو الحديث، ولكل زمن صاحب قلم يقف كشوكة في حلق الخطأ، أيًا ما كان اتجاهه.

من الفعل قَطَع يأتي القلم، قاتلٌ هو، يصرع ظلمًا، أو يقتل صاحبه، يحكي الحاضر والتاريخ عن من واجهوا الخطأ، ولو بقصة خبرية واحدة، للصحافة فيهم أسوة حسنة، وجرائد قررت الاحتجاب ليوم واحد، اعتراضًا على قرارات سلطوية، تكرر الأمر عدة مرات، آخرها ديسمبر 2012، بسبب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس السابق ''محمد مرسي''، مصورون وصحفيون أضربوا داخل النقابة، نتيجة لسياسة وزارة الداخلية، ومؤسساتهم الصحفية، علّها تتخذ خطوة أسرع حال مقتل الصحفية ''ميادة أشرف''، التي سقطت مارس الماضي، بينما تغطي تظاهرات مؤيدي ''مرسي''، خطوات بسيطة، لا يهتم لها المسئولون، تتحول مع الوقت إلى شرخ بسيط، يتسع يومًا بعد الآخر، يكشف عن ثورة، ستبتلع يومًا من لا يتعلمون أن قلم الصحافة قوي كالحياة.

والقلم له جلال، لا تمحوه أزرار لوحة المفاتيح، لحبره رائحة، لا يطغى عليها شيء، بنات أفكار صاحبه، تُصيب الذين يهابون رؤية الحقيقة، بخيبة أمل، تبعث في نفوس الباحثين عنها، سعادة، تُزعج آكلو الكذب ومروجيه، وصانعيه، تُحرج الدولة الغاشمة، وتنصف العادلة، تنحني إكبارًا للمواطن البسيط؛ فهو جلادها، وسلطتها، وابنها البار الذي تصنع وعيه على عينها.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: