إعلان

''شهدان الشاذلي'' تروي حكاية 6 صور تلخص مسيرة الفريق - حوار

11:57 ص الخميس 09 أكتوبر 2014

شهدان الشاذلي

حوار– يسرا سلامة:

في أحد البيوت بولاية كاليفورنيا الأمريكية، كانت تستعد ''شهدان الشاذلي'' من أجل رحلة استكشافية لرؤية كسوف القمر بالميكرسكوب، أو كما يسمونه هناك بـ''القمر الدموي''، لتحذو حذو أبيها الفريق ''سعد الشاذلي'' في اكتشاف جديد العلوم، وقيمة حب العلم الذي زرعه في بناته الثلاث منذ الصغر، أما هنا في النصف الآخر من الكرة الأرضية يحتفي الشعب بذكرى العبور والنصر، بعد أعوام لم يلحق فيها الجنرال بالتكريم الكاف.

من الفريق لبناته، رسائل وقيم وذكريات، حكايات تأبى النسيان، أيام حرب الاستنزاف، الساعات القليلة التي قضاها وسط عائلته ليقضي معظمها أعلى الجبهة أو في تدريب الجنود، لحظات فقدان الأمل التي تحيط بأسرته ككل أسرة مصرية انتظرت الحرب طويلًا، وهو كان ينفذ حلم كل مصري بوضع الخطة، وساعات الانهزام على أريكة يتابع منها تكريم أبطال أكتوبر في جلسة مجلس الشعب في فبراير 1974، إلا هو، ليطلق على الجلسة ''المسخرة''، مازحًا من مهازل إنكار الحقائق كما رآها من واقع الحرب.

عن تلك اللحظات تتحدث ابنة الفريق لـ''مصراوي'' عبر سكايب من الولايات المتحدة الأمريكية، تحكي عن والدها إنه تعلم لغات عديدة الروسي والألماني وغيرها، كان رغم شخصيته العسكرية بعيدًا عن الديكتاتورية بالمنزل، يزرع المسئولية فيهن.

حكاية الابنة مع فرقة المظلات

وكما كان ''الشاذلي'' رائدًا في تأسيس أول كتيبة لقوات المظلات في عام 1954، كان للابنة نصيب منها مرتين، الأولى في اسمها الذي اخذته من اسم طيارة ذي أصول إيرانية أو تركية، اشتركا في التسمية الوالد والوالدة، والمرة الأخرى عندما كانت في السادسة عشر عامًا من عمرها، لتعجب الفتاة بفرقة المظلات وأبدت رغبتها في تجربة السقوط من السماء، ليباغتها الفريق بأن تعد نفسها في خلال 24 ساعة من أجل التجربة.

تذكر أن أول عرض للمظلات في الخمسينات كانت هي واحدة من ستة فتيات، حدث وقتها جدال لرفض مشاركة الفتيات في الفرقة، ليُصر ''الشاذلي'' إن البنت مثل الولد ''إحنا اتربينا على كدة''، لتقفز ويلتقط لها صورة شهيرة مع أبيها تؤرخ لتلك اللحظة.

''الشاذلي'' مرحًا

تذكر ''شهدان'' الروح المرحة للأب الصارم، عندما ينفذ مالها يضحك ويقول ''شهدان أكلت في الأوبرج يا جماعة''، في إشارة للمطعم الشهير في الهرم آنذاك ''اللي كان بيروح ياكل هناك كأنه ملك''، تذكر خدعة نفذها ''الشاذلي'' في اختها، كان لديها ضرس ''ملخلخ''، والبنت تقول للأب ''اوعى تشده يا بابا'' خوفًا من الألم، ليجذبه الأب بعد خدعة صغيرة، ويقول للفتاة في نفس الوقت الذي يخلعه، لتضحك الأسرة معًا، وتضحك ''شهدان'' بعد مرور أعوام على تلك الواقعة.

الخلاف مع ''السادات'' واللجوء للخارج

حين دب الخلاف بين ''الشاذلي'' و''السادات''، ذاقت العائلة كلها ويلات ذلك، تقول ''شهدان'': ''السادات قالي ما تجيش مصر تاني''، وأغلقت شقة الابنة ''سامية الشاذلي'' بالشمع الأحمر، وتم مصادرة الأموال البنكية والأصول الخاصة بالعائلة، وتم وضع حراسة مشددة على أحفاد الجنرال.

وبعد لجوء ''الشاذلي'' للجزائر عاد في أوائل التسعينات إلى أرض الوطن حنينًا، ليفاجأ بإلقاء القبض عليه في مطار القاهرة، بتهمة إفشاء أسرار عسكرية لينكر التهمة تمامًا، ويقول إنها أسرار حكومية ''كان يرى إن السر العسكري هو ما لا يعلمه العدو وتضر معرفته بمصلحة الوطن''، وفقًا لـ''شهدان''.

أزمة صورة ''بانوراما أكتوبر''

ورغم وحشة الأحداث، نفذ إلى قلب ''الشاذلي'' إيمان مطلق بأن حقائق أكتوبر ستظهر يومًا ما، رأى صورة بانوراما أكتوبر الشهيرة التي تم حذفه منها من صورة تجع أبطال حرب أكتوبر السادات ومبارك وغيرهم من القيادات العسكرية، تقول ''شهدان'' إن المشير ''أبو غزالة'' قال عن تلك الصورة ''عيب يا جماعة اللي بتعملوه ده''، كان ''الشاذلي'' يرى في الأمر نفاقًا سينجلي في حينه.

ورغم إبعاده من التكريم، ونفيه بإسناد له مهمة سفير مصر في لندن، وبعدها نقله لسفارة البرتغال دون إخطاره ومعرفته من الجرائد كعقوبة له، لم يتسلل الغضب إلى قلبه، رأى في جلسة مجلس الشعب لتكريم أبطال أكتوبر بالمسخرة، تذكر ''شهدان'' حين وجه ''السادات'' سؤالًا إلى المشير وقتها ''أحمد بدوي'' ''انت اتحاصرت يا بدوي؟'' ليرد ''لا يافندم''، ليرى ''الشاذلي'' الأمر مسخرة ينكرها القادة ويعرفها كل العالم، بحسب ما رأى.

''الشاذلي'' في أروقة المحاكم

تجاهل تام من القيادات العسكرية لـ''الشاذلي'' أثناء سجنه عام ونصف، زيارة كل جمعة من الأسرة إليه، بجانب طرق العائلة في دروب القضاء من أجل إثبات بطلان الحكم ''كانت لعبة شطرنج''، وقتها نبه أحد الكتاب ''مبارك'' في حفل تكريم دار الهلال بضرورة الإفراج عن ''الشاذلي'' قبل إصدار حكم المحكمة الدستورية، ليخرج الجنرال يقضي أيامه بين الكتابة والاطلاع.

لم يدخل أحد من أحفاد ''الشاذلي'' إلى صفوف القوات المسلحة، لا تعتقد الابنة إن ذلك عقاب نتيجة لمواقف ''الشاذلي''، كما انكرت ما أشيع إنه غير موقفه من اتفاقية السلام ''كامب ديفيد''، التي رأى إنها السبب لما آلت إليه الأوضاع المصرية، كان تتمنى الابنة أن يرى الأب التكريم في حياته، خصوصًا إن بعض ما ذكره من معلومات عن الثغرة في الحرب ونيته لعدم تطوير الهجوم من أجل تجنب الثغرة تم ذكره في مؤلفات إسرائيلية مثل كتاب الجنرال أدان قائد الفرق 162 في الجيش الإسرائيلي إبان الحرب.

تتابع الابنة موقف ''الشاذلي'' من ''كامب ديفيد'' إنه كان يرفض تحييد دور مصر في ما يجري في المنطقة، وكان يعتقد إن ذلك التحييد أدى إلى جرأة الاحتلال على التمادي، سواء في فلسطين أو في حرب أمريكا على العراق، كان يرى إن مصر دولة كبرى ومواقفها تحدد مسار المنطقة.

احتفاء الشعب بـ''الشاذلي'' حيًا وميتًا

في كلمات سائق تاكسي يركب معه، وفي عيون ممتنة من كشاف النور الطارق على شقته بمصر الجديدة، وفي حفاوة ترحيب من أطباء في المركز الطبي العالمي، وفي زيارات لبعض الأصدقاء.. ذاق ''الشاذلي'' معنى الاحتفاء والنصر، لم يراه في النياشين أو الاحتفالات الرسمية ''كان بيفرح لما بيشوف الناس بتحبه''.

كان يقرأ من الجرائد كلها، ومن البرامج معظمها، المعارض له ومن معه، لم ينشغل كثيرًا بتغير اللعبة وطرح أكثر من مرشح لآخر، لم يفكر في طرق دوائر السياسة، لا حراسة تؤمنه، لا سؤال من قيادات عسكرية، مرت سنوات والقيادة تحتفل بنصر أكتوبر دون الاحتفاء بصاحب الخطة العسكرية لها.

وفي هدير ثورة يناير، كان لـ''الشاذلي'' تعليق تذكره الابنة حين سمع بخروج الملايين تطالب برحيل ''مبارك'' ''ياريت بس ما تتكررش تاني''، في إشارة أمنية ألا يطال الحكم ديكتاتور مرة أخرى، وفي عصر 10 فبراير 2011 توقف قلب ''الشاذلي'' في المركز الطبي العالمي، لتشهد جنازته عدد ضخم يصلي عليه، وبعدها يتم إعلان تنحى ''مبارك''.

''يومها بكيت عليه''.. تقول الابنة إنها لم تتوقع له جنازة عسكرية مهيبة، يحضرها كل هذا العدد، ولا نجمة الشرف التي عادت له من القوات المسلحة عقب ثورة يناير ''كان نفسي يشوف حب الناس دي كلها ليه''.

منذ فترة طويلة، تعكف الابنة على نشر كتب ومؤلفات ''الشاذلي'' فضلًا عن نشر مذكراته، طلبت من الفريق أن يضع معلومات في مذكراته عن ''التوجيه 41''، فذكر لها إنه كتاب عسكري بيه خطة العبور كاملة، ودور كل جندي في المعركة، ''نشرت كتبه في أمريكا وأوروبا والدول العربية ما عدا مصر، لم تشهد النور إلا بعضها وعقب ثورة يناير''، له كتاب ''الخيار العسكري العربي'' وآخر عن حرب العراق والكويت تحت أسم ''الحرب الصليبية الثامنة، لتختم ''شهدان'': ''إحنا في انتظار رد اعتباره بنشر حقيقة ما حدث من القائمين على الأمر''.

لمشاهدة الفيديو 1.. اضغط هنا

لمشاهدة الفيديو 2.. اضغط هنا

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان