برج القاهرة.. ''شوكة'' عبد الناصر للغرب !
كتبت - نوريهان سيف الدين:
اسماه الغرب ''شوكة عبد الناصر''، في حين أطلق عليه المصريين ''وقف روزفلت''، وما بين كلا الاسمين، وقف ''برج القاهرة'' في قلب العاصمة المحروسة لسنوات وسنوات.
البداية جاءت نهاية خمسينات القرن الماضي، وقت بلغت ثورة يوليو 1952 أوج ازدهارها الخارجي، وحملت المشعل لتحرير الشعوب العربية من الاستعمار الأجنبي، وكانت ''الجزائر الشقيقة'' على رأس تلك الشعوب التي تولتها مصر حتى تتخلص من الاستعمار الفرنسي لأرضها.
لم ترضى ''فرنسا'' ولا حلفاؤها في الغرب عن موقف مصر، ورأت أن حكم ''ناصر'' بمثابة ''شوكة'' في ظهر المصالح الاستعمارية الأجنبية في المنطقة، فحاولت معه تارة بالترهيب كما حدث في ''العدوان الثلاثي''، و تارة أخرى بالترغيب، وكان الترغيب في صورة ''معونة'' بلغت قيمتها ستة ملايين جنيه مصري - كان حينها الجنيه المصري أعلى قيمة من الدولار الأمريكي - قدمتها الولايات المتحدة الامريكية للتأثير على موقف مصر من قضية العروبة و مساندة الجزائر، لكن ''ناصر'' اعطهم درسا للتاريخ و ''نصب عليهم في المعونة''.
المؤرخ العسكري ''جمال حماد'' يحكي قصة بناء ''برج القاهرة'' ويقول إن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هاود الإدارة الأمريكية في مطالبهم بتخفيف ضغط المقاومة المصرية المساندة للمجاهدين الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي بالجزائر، و في المقابل تحصل مصر على ''معونة تنموية'' لاستكمال بناء مشاريع الثورة المصرية.
حصل ''عبد الناصر'' على تلك المعونة وأمر ببناء مبنى تخصص له الملايين الستة، يكون شاهدا على ''لعبة الغرب''، ودرسا للأجيال القادمة ألا تضطرهم الحاجة للتخلي عن الأشقاء العرب و الرضوخ للغرب، ووُضع حجر الأساس لـ ''برج القاهرة'' عام 1956، بتصميم المهندس المعماري اللبناني ''نعوم شبيب''، واستغرق البناء خمس سنوات، ليخرج ''البرج'' على شكل ''زهرة لوتس'' ترتفع لـ187 مترا في سماء القاهرة، و يتخطى ارتفاع الهرم الأكبر بـ43 مترا.
افتتح ''برج القاهرة'' في 11 أبريل 1961، ليتم ''البرج الشهير'' في أبريل الجاري عامه الـ52؛ حيث كان يتألف من 16 طابقا من الخرسانة المسلحة، ترتكز على قاعدة من الجرانيت الأسواني، والتي سبق أن بنى بها الفراعنة منذ آلاف السنوات معابدهم و مسلاتهم العريقة.
ضم البرج في قمته ''المطعم الدائر''، وهو مطعم سياحي يرتكز على قاعدة ''ترس'' تمكنه من الدوران والاستمتاع بمشهد بانورامي من سماء القاهرة، وضم السطح ''تليسكوب'' يتيح لزوار البرج رؤية مقربة لمناطق القاهرة.
في عام 2006 ولمدة عامين، تولت شركة ''المقاولون العرب'' أعمال تجديد ''برج القاهرة'' تكلفت 15 مليون جنيه، ليخرج في أبهى حلة مزدانا بأعمال الإنارة، و يكون تحفة على ضفاف النيل الخالد، إلا أن تلك الأضواء الساطعة التي استُـخدمت في الترويج للسياحة في قلب القاهرة، اختفت منذ ما يقرب من عامين، وظل البرج يكتفي بالأضواء العادية في ليل القاهرة.
فيديو قد يعجبك: