72 عاماً على ميلاد ''محمود درويش''.. ''شاعر القضية الفلسطينية''
كتبت - نوريهان سيف الدين:
''أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي، وتكبر فيّ الطفولة يوما على صدر يوم، أعشق عمري لأني إذا مت أخجل من دمع أمي''.. هكذا عاش بيننا، حنينه إلى أمه وطنه لا ينفصلان، حنين متلهف على أشجار الزيتون، إلى رؤية القدس القديمة، والعرب من حولها متحدون، لكنه حمل همه في قلبه كما حمل القضية، وعاش غريباً ومات بعيداً، لكنه ظل حيا في قلوب عاشقيه.
''محمود أيمن سليم حسن درويش'' أو كما اشتهر في ربوع الوطن العربي والعالم بـ''محمود درويش'' شاعر القضية الفلسطينية، ولد في مثل هذا اليوم 13 مارس 1941 في قرية البروة بمنطقة ''الجليل'' شرق ''عكا'' زمن الانتداب البريطاني على فلسطين، هو الابن الثاني وله أخوين وثلاثة أخوات.
تربى في بيت جده على أرض يمتلكوها مزروعة بأشجار الزيتون العامرة، وحين بدأ شتات اليهود يتوافدون واندلعت ''حرب 48''، رحلت الأسرة مع اللاجئين إلى لبنان، وعادت متسللة لترى الأرض قد اغتصبت، وأقامت عليها عصابات اليهود مستعمرات سكنية وأماكن لتدريب ''الهجانة''.
عاشت الأسرة بقرية ''الجديدة'' وتعلم هناك في مدارس ''كفر ياسين''، وانضم للحزب الشيوعي الإسرائيلي - حزب له جذور يسارية عربية يمثل العرب داخل الكنيسيت الإسرائيلي- وعمل ''درويش'' بصحافة الحزب وأصبح له نشاط سياسي وآراء جريئة أدت به للاعتقال 5مرات من قبل قوات الاحتلال أعوام 61، 65، 66، 67، 69، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية.
بعدها سافر للدراسة بالاتحاد السوفيتي عام 1972، وبعدها جاء للقاهرة لاجئاً، والتحق بـ''منظمة التحرير الفلسطينية''، ثم انتقل إلى ''لبنان'' مع انتقال المنظمة لهناك، وظل مع المنظمة حتى توقيع ''اتفاقية أوسلو 1992''، ليستقيل من ''اللجنة التنفيذية'' احتجاجاً على الاتفاقية.
''روبرت غانم - الصحفي اللبناني ورئيس تحرير جريدة الأنوار - هو صاحب الفضل في اكتشاف وشهرة ''درويش''، حين عمل على نشر قصائده في المقاومة من خلال الملحق الثقافي للجريدة.
تجمعت قصائده وصارت ديوان، وأصبح الديوان دواوين، وبيعت ملايين النسخ من دواوين ''درويش'' في ربوع الوطن العربي، وارتبط بصداقات طيبة مع أقطاب الشعر العربي الحديث أمثال ''نزار قباني، الفيتوري، رعد البندر'' وغيرهم.
سنوات عشق على المستوى الشخصي، ترجمها ''درويش'' على صفحات دواوينه، ونقل للقارئ تجربته الفريدة الممتزجة بالأرض والجذور والهوية العربية.
''عصافير بلا أجنحة 1960، أوراق الزيتون 1964، عاشق من فلسطين، يوميات جرح فلسطيني، آخر الليل، الكتابة على ضوء البندقية''، كلها دواوين نشرت لـ''درويش''، وهناك أيضا ''أحبك أو لا أحبك 1972، مديح الظل العالي، هي أغنية، حصار لمدائح البحر، أرى ما أريد 1990، أحد عشر كوكباً 1993''، وله من المؤلفات ''شيء عن الوطن، يوميات الحزن العادي، وداعا أيتها الحرب.. وداعا أيها السلم، في وصف حالتنا، الرسائل''.
حصل ''درويش'' على جوائز ''اللوتس، ابن سينا، لينين، درع الثورة الفلسطينية'' بالإضافة لجوائز عالمية أخرى و أوسمة، وترجمت أشعاره للعديد من اللغات، وبيعت ملايين النسخ من دواوينه الشعرية، كما تغنت بقصائده في العشق و الثورة كبار مطربي الوطن العربي أمثال ''مارسيل خليفة، أميمة خليل، ماجدة الرومي، أصالة''.
أقام لفترة في ''باريس'' وظل يعمل و يراسل الوطن من هناك، وبعد 40 عاماً من الغياب، حصل على تصريح من سلطة الاحتلال لزيارة أمه بـ''حيفا''، و طلب الأعضاء العرب في الكنيسيت السماح له بالبقاء بالوطن.
''درويش'' هو كاتب خطاب ''وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني''، والذي ألقاه الزعيم الراحل ''عرفات'' في الجزائر العاصمة في 15 نوفمبر 1988.
أتعبه قلبه كما اتعبه حب الوطن والحنين، وطار لـ''تكساس'' بالولايات المتحدة لإجراء جراحة قلب مفتوح، دخل بعدها في غيبوبة، ويعلن عن وفاته في السبت 9 أغسطس 2008، ويشيع جثمانه إلى ''مطار عمان بالأردن، ليدخل بعدها إلى فلسطين ويدفن بـ''رام الله'' بـ''قصر محمود درويش للثقافة''، و يعلن الحداد الوطني عليه ثلاثة أيام، ويشيع وسط موجات من ملايين الفلسطينيين والعرب حزناً على فراق ''شاعر القضية الفلسطينية''.
فيديو قد يعجبك: