لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

150عامًا على ميلاد قاسم أمين.. مُحرّر المرأة وزوج ''المحجبة''

07:44 م الأحد 01 ديسمبر 2013

كتبت - نوريهان سيف الدين:

كتاباته كانت ''صرخة وطلقة'' أخرجها من صدره للمجتمع المحافظ المغلق، بعد سنوات من المشاهدة والتأمل في ''المرأة الأجنبية''، و دراسة وتذكر لما كانت عليه ''المرأة المسلمة'' في صدر الإسلام، ورغبة في تلمس ''المرأة المصرية'' مساوية لعقلية الرجل.

''قاسم بك آمين''، المولود في مثل هذا اليوم (الأول من ديسمبر 1863)، لأب ذو أصل كردي تنشأ في ''الآستانة''، وأم ''فلاحة مصرية''، تربى ''قاسم'' في حي الأثرياء ''الحلمية''، وسط مجتمع يرى في المرأة ''قرارًا'' أصله البيت، ولا مهمة لها سوى طاعة زوجها، ولا رأي لها في قرارات مصيرية كالزواج أو زواج زوجها من امرأة أخرى، أو امتلاك زوجها لـ''ملك اليمين''، فحز في نفسه أن المرأة التي كرمها الإسلام وأوصى بها الرسول الكريم، أن يتردى بها الحال في المجتمعات الإسلامية لهذا الحد.

تلقى ''قاسم'' تعليمه الإلزامي ثم سافر لفرنسا لدراسة القانون بجامعة ''مونبليه''، ومكث هناك أربع سنوات، عاكفًا على الدراسة الأكاديمية والمجتمعية، وأثناء تلك الفترة تعرف على ''الإمام محمد عبده'' الناشط الإصلاحي ربيب الأزهر الشريف، كما تعرف أيضًا على الإمام والثائر المجاهد جمال الدين الأفغاني، وتعمق في دراسة التحقيقات الإسلامية التراثية على يديه.

في 1894، رد على أحد الكتّاب الفرنسيين الذي ألفّ كتابًا طعن فيه في عقلية وكرامة المصريين ورسوخهم في الجهل والتخلف نظرًا لتشبثهم في تقاليد ''الدين البالية''، ورد عليه ''قاسم'' في (19 مقالًا) بجريدة ''المؤيد''، موضحًا أن الإسلام ليس دين تخلف ورجعية، و إنما الركون إلى ''تقاليد وتحريفات'' لأصول الدين، والهجمات الاستعمارية المتكررة هي ما أضعفت المؤسسات الدينية، وأغلقت منارات التعليم في طول البلاد وعرضها، أما بخصوص ''المرأة''، فإن المجتمع إن سمح بتعليمها كما ينبغي أن يكون، فإن بلاد المسلمين ستفوق ''فرنسا الثورة'' وسائر أوروبا إشراقًا وتقدمًا.

''تحرير المرأة''، كتابه الأشهر، ورغم إصداره لكتاب ''أسباب ونتائج وأخلاق ومواعظ'' قبله، إلا أن ''تحرير المرأة'' كان ''رصاصة مدوية'' أطلقها في المجتمع المحافظ الذي يفرض على نسائه ملازمة البيوت والحجاب الغليظ، وتحدث فيه ''قاسم'' حول أن المرأة عليها أن تتحلى بالتعليم والتنوير، وأن الحجاب بالمقام الأول هو ستر العقل عن العيوب، وأن الخروج لمباشرة المجتمع لا يعد خروجًا عن الدين، إلا أن هذا الكتاب لاقى انتقادًا واسعًا، وصلت إلى اتهام الكاتب ''بالمروق والخروج عن أصول الدين''.

ورغم هذا كله، فإن زوجته ''زينب'' ذات الأصل التركي رفضت التخلي عن حجابها، وحرص ''قاسم'' على تحفيظ ابنتيه ''القرآن الكريم''، واللغة العربية بالمنزل.

رغم وقوف سعد باشا زغلول وشقيقه المحامي فتحي زغلول، والكاتب وأستاذ الجامعة أحمد لطفي السيد، جنبًا إلى جنب ''قاسم''، وانضمام الإصلاحي الشيخ محمد عبده لجبهتهم، إلا أن أبرز المعارضين لأفكار ''قاسم'' كانوا مصطفى كامل، الزعيم الوطني، وطلعت حرب، رجل الاقتصاد، ورأوا أن دعوته لنزع غطاء الوجه عن المرأة ''امتثالًا لدعوات الاستعمار الإنجليزي، وأنها خطوة البداية لتفكيك المجتمع بإطلاق العنان لسفور النساء''، ومما زاد من هجمتهم على المؤلف، قيام بعض الهيئات الإنجليزية في مصر التابعة لسلطات الاحتلال بترجمة الكتاب، ومؤلفات ''قاسم آمين'' للإنجليزية، وتوزيعها ونشرها في المستعمرات الإنجليزية المسلمة وعلى رأسها ''الهند''.

لم تكن قضية ''تحرير المرأة'' هي شغل ''قاسم آمين'' الشاغل، بل كانت ''اللغة والأدب والكتابة'' هي أيضًا من اهتماماته القوية، ودعا في كتاباته لتطوير اللغة العربية ورشاقتها، والتخلص من السجوع والقوافي والأنماط التقليدية المتكلفة في الكتابات الصحفية والأدبية السائدة في تلك الفترة.

حياة قصيرة وضجة كبيرة وأثر عميق، تركهم ''قاسم آمين'' الذي رحل عن عمر الـ45، وقام كبار شعراء عصره برثائه، أمثال أحمد باشا شوقي، وخليل جبران، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وكانت من أشهر كلماته ''كلما أردت أن أتخيل السعادة تمثلت أمامي في صورة امرأة حائزة لجمال امرأة وعقل رجل''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة…للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان