إعلان

''بلفور''.. 96 عامًا على ''وعد من لا يملك لمن لا يستحق''

08:03 م الإثنين 04 نوفمبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - نوريهان سيف الدين:

رسالة غيرت مجرى التاريخ في قلب الشرق الأوسط، ''وعد'' أعطاه ''من لا يملك'' لـ''من لا يستحق''، تآمر استعماري دفعت ثمنه الدول العربية والعالم الاسلامي، والنتيجة كانت ''أكثر من نصف قرن من ضياع القدس''.

96 عامًا مرت على أخطر خطاب في سجل مراسلات السياسة الدولية، خطاب السير ''جيمس آرثر بلفور'' للسياسي وعضو الاتحاد الصهيوني ''اللورد دي روتشيلد''، وهو ما عرف تاريخيًا بـ''وعد بلفور''، الذي أرسل في الثاني من نوفمبر عام 1917، ووصف بأنه ''وعد من لا يملك - البريطانيين - لمن لا يستحق - الإسرائيليين''.

''عزيزي اللورد روتشيلد، إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر.. المخلص: آرثر جيمس بلفور''.

الوعد وصفوه بأنه تعويضًا لليهود لما لاقوه من اضطهاد وإنكار لحقوقهم، خاصة في دول شرق أوروبا، واعترافًا بصنيع كبار العائلات ورجال الأعمال اليهود بعد دورهم في الحرب العالمية الأولى، ومساندة ''رأس المال'' للتاج البريطاني و''الحلفاء'' في الانتصار على ''المحور'' باختراعهم ''الأسيتون الحارق''، وهو سبب ''تافه جدًا'' لزرع شعب كامل على أرض شعب آخر.

إلا أن ''الوعد'' في حقيقة الأمر هو تخلص من ''صداع مزمن في رأس الدول'' هم اليهود؛ فطبيعة المجتمعات اليهودية ترفض الاندماج، وتريد فقط حقوقها كاملة دون عناء، علاوة على تركيز الثروة في أيدي العائلات اليهودية الكبيرة، ودورها في ''الأزمات الاقتصادية العالمية'' مطلع القرن العشرين، واستئثارها بتجارة السلاح الدولية.

حقيقة الأمر إن تجمعات اليهود بدأت أواسط ونهايات القرن التاسع عشر، وظهرت الرغبة في تجميع شتات اليهود إيذانًا بالعودة للأرض المقدسة التي وعدهم الرب ملكها آخر الزمان، لكن ثمة خلافات مذهبية منعت تبلور الفكرة، حتى ظهر ''تيودور هرتزل'' الصحفي النمساوي اليهودي، وانعقد ''المؤتمر الصهيوني الأول 1897'' في سويسرا، وخلص فكره إلى ''السعي لإقامة الوطن'' بدلًا من الانتظار لآخر الزمان، وركز في دعوته على فقراء اليهود في أوروبا الشرقية، وانتشالهم من تجمعات ''الجيتو'' الفقيرة، ومساعدة كبار التجار وأغنياء اليهود، ويأتي دور ''القرار السياسي'' في النهاية.

فكرة إقامة الوطن في ''القدس - أرض الميعاد'' قوبل برفض شديد من السلطان العثماني ''عبد الحميد الثاني''، ولم ينجح ''سيف المعز وذهبه'' في تهديد أو ترهيب السلطان من جانب ''هرتزل'' تسانده بريطانيا، واتجه الفكر إلى إنشاء وطن قومي لليهود في المستعمرة البريطانية ''أوغندا''، لكنها لم تلق قبولًا في المؤتمر الصهيوني، واتجه الفكر إلى ''الأرجنتين''، لكن ''فلسطين'' عادت للظهور بقوة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وهزيمة الإمبراطورية العثمانية، وقدوم الاستعمار الإنجليزي والفرنسي لبلدان الشرق.

حتى صدور ''وعد بلفور'' كانت فلسطين لا تزال ضمن أراضي الدولة العثمانية، لذا سمي الوعد بـ''من لا يملك لمن لا يستحق''، رغم ''الانتداب البريطاني على فلسطين والأردن'' بموجب ''معاهدة سيفر''، وكانت إشارة البدأ لتدفق اليهود بأعداد كبيرة لفلسطين، وتسهيل عمليات الاستيلاء على الأراضي وتهجير الانتداب للفلاحين الفلسطينيين، وبيعها ببخس الأثمان للوافدين الجدد، لبناء مستعمراتهم عليها.

البداية جاءت بتهجير فقراء العمال والمزارعين اليهود لإقامة بنية تحتية للوطن الجديد، ثم جاءت الهجرة الثانية من أسر الطبقة الوسطى وبعض الأغنياء، وهي التي شهدت خروج الجيل الأول من رجال الدولة والساسة الإسرائيليين، ثم الهجرة الثالثة لأصحاب النفوذ والقوة والمال، ورغم ذلك، فضّل بعض ''الصهاينة'' البقاء في أوطانهم الأصلية لدعم الوطن الجديد ''إسرائيل'' عبر الضغط على بلدانهم، وهو ما يعرف حاليًا بـ''اللوبي الصهيوني''.

مارست العصابات الصهيونية أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين، وشهد عام 1920 أول انتفاضة فلسطينية ''انتفاضة النبي موسى'' ضد سياسات الانتداب والسماح بتفق اليهود والاستيلاء على الأراضي، وفي العام التالي اندلعت ''انتفاضة يافا'' بعد مذبحة المستوطنين بحق السكان الأصليين.

هدمت البيوت وحرقت أشجار الزيتون وبارت الأرض، وكادوا يهدمون ''حائط البراق'' 1929، واشتعلت الثورة من جديد، وتأسست أول كتائب المقاومة ''الكف الأخضر'' عام 1930، وشرع الفلسطينيون في أطول إضراب امتد لـ137 يومًا، وذلك عام 1936 احتجاجًا على سياسات التهويد للأرض.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 29 نوفمبر 1947، جاءت ''الضربة القاضية'' بقرار الأمم المتحدة لـ''تقسيم فلسطين'' لدولة عربية وأخرى يهودية، وتبقى ''القدس وبيت لحم'' تحت الإشراف الدولي''، وفي 14 مايو 1948 انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين، وبعده بـ''5 دقائق'' أعلن قيام ''دولة إسرائيل''، واعترفت بها على الفور الولايات المتحدة وبريطانيا وعدة دول أخرى، بعد أن كانت توسعت لحوالي 75% من مساحة أراضي الانتداب.

دخلت 6 دول عربية ''مصر، الأردن، سورية، لبنان، العراق، السعودية'' حربَا ضد العصابات الصهيونية، وهو ما عرف بـ''حرب فلسطين 1948''، وبعد تقدم عربي ملحوظ، جاء قرار وقف القتال، واستغلته عصابات ''البلماخ والهاجاناه وإرجون وشيترن'' لتقوية أسلحتها، وعادت الحرب ليتراجع العرب، وتصبح ''نكبة فلسطين''، وتستمر إسرائيل ''صداعًا مزمنًا'' في رأس المنطقة العربية، وسرطانًا ينهش جسد الأمة.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان