إعلان

فى الذكرى الـ123 على ميلاده.. هل كان ''طه حسين' يعبد الشيطان ؟

03:43 م الخميس 15 نوفمبر 2012

<

كتبت - نوريهان سيف الدين:
 
واجه في حياته انتقادات عديدة وصلت لحد الاتهام ''بالهرطقة والإلحاد'' بدءً من مهاجمته تقليدية المناهج وطرق التدريس بالأزهر الشريف، مرورا بتفضيله "الهوية المصرية" خالصة عن دخول "الهوية العربية" عليها، ووصولا إلى رسالته "في الشعر الجاهلي"، والتي استنبط فيها كتابة الشعر الجاهلي بعد ظهور الإسلام ونسبه لشعراء الجاهلية، منتهجا منطق "الشك الديكارتي".
 
اليوم تحل الذكرى 123 لميلاد عميد الأدب العربي الدكتور "طه حسين"، ولد في 15 نوفمبر 1889 بقرية قريبة من "مغاغة - المنيا"، لأب يعمل كاتبا بشركة السكر المملوكة لأحد "رعايا الدولة العثمانية"، عاش الطفل "طه" سنوات عمره الأربعة الاولى متمتعا بنعمة البصر، حاد الذكاء والمشاكسة بإخوانه السبعة و أمه، يعشق الجلوس للاستماع إلى المنشد يغني سيرة "عنترة والهلالي" على الربابة، إلا أن رمدا أصاب عينه، وجنى على بصره علاج "حلاق القرية"، فانطفأ نور عينه للأبد.
 
أصر والده أن يحفظ ابنه القرآن، وأدخله "كُـتّـاب" القرية ليتعلم أيضا مبادئ الحساب، واستطاع الطفل النابغ حفظ القرآن بسرعة وسنه لم يتجاوز العاشرة، إلا أنه نساه بسرعة أكبر بعد انصرافه عن الكتاب وذهابه حلقات الإنشاد، وبعد توبيخه من والده وشيخ قريته عاد للكتاب من جديد وحفظ القرآن ولم ينساه طيلة حياته.
 
جاء للقاهرة في عمر الـ14 للالتحاق بالأزهر أسوة بأخويه الكبار، وانتظم في الدراسة لسنوات ملّ فيها من تقليدية المناهج وعقم طرق التدريس، إلى أن انتسب لدروس المحدث "الشيخ محمد عبده"، لكنه لم يترك فرصة لمهاجمة "عقم مناهج الأزهر" واقتصارها فقط على العلوم الدينية دونا عن العلوم الدنيوية، وتم فصله من الدراسة ولم يرجع إلا بتشفع أحد الشيوخ له.
 
مع افتتاح "الجامعة المصرية - 1908" سارع "طه حسين" للالتحاق بها، وأقبل متعطشا على دراسة التاريخ والجغرافيا واللغات الشرقية وتاريخ الحضارة الإسلامية، وكان أول مصري يحصل على العالمية "الدكتوراه" من الجامعة المصرية عام 1914، عن رسالته "ذكرى أبي العلاء"، والتي أحدثت ضجة في أوساط التعليم الديني الراديكالي، ووصل الأمر لاتهام أحد النواب البرلمانيين له بالخروج عن الدين.

في نفس العام، أوفدته الجامعة في بعثة تعليمية لفرنسا، ولظروف الحرب بباريس التحق بجامعة "مونبليه"، فتعلم اللغة الفرنسية وآدابها وعلم النفس والتاريخ الحديث، وبقى لمدة عام، بعدها ألغت الحكومة البعثات التعليمية وعاد لمصر ليلقي محاضراته في الأدب الروماني بكلية الآداب، وعاد بعد ثلاثة شهور مرة أخرى لفرنسا بعد مقابلته "السلطان حسين كامل" وتوصيته أن يكمل بعثته في "باريس العاصمة"، ويحصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني بدرجة "امتياز" والدكتوراه الثانية من "السوربون" عن أطروحة "فلسفة ابن خلدون الاجتماعية - 1918".
 
عاد إلى مصر محملا بروح التنوير والانفتاح على حرية الفكر كما في الغرب، وخاض معارك ضد الجمود والفهم المنغلق للدين والاستسلام للمسلمات المغلوطة، وخرج بكتابه الثوري "في الشعر الجاهلي 1926" ليلقى عاصفة من الانتقاد وصلت لمواجهة "حكومة إسماعيل صدقي باشا"، ورفعت ضده قضايا حكم فيها القضاء ببراءته وتمكينه من عمله كأستاذ للآداب بالجامعة وعضوا بمجلسها، وكانت الجامعة المصرية تحولت لجامعة حكومية عام 1919 تشرف عليها الحكومة المصرية".
 
الصدام الثاني مع "حكومة صدقي" أيضا جاء بعد رفضه منح درجات الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية احتراما وتقديرا للدرجة العلمية، وما كان من "صدقي باشا" إلا أن نقله "لديوان وزارة المعارف" بعد أن فشل في طرده من الجامعة، لكن "طه حسين" احتج على هذا التدخل السافر، لينتهي الأمر بـ"فصله عن وظيفته وإحالته للتقاعد" في مارس 1933.
 
رأى "الدكتور طه" أنه فرصته للتعبير عن رأيه بحرية أكبر، ومارس العمل الصحفي مشرفا على تحرير مجلة "كوكب الشرق"، ثم أسس "جريدة الوادي"، و لم يكن "الجمود الديني" هي معركته الوحيدة، بل خاض أيضا معارك ضد الاستبداد السياسي "مثل موقفه من رئيس الوزراء إسماعيل صدقي"، والظلم الاجتماعي والفروق الطبقية، ظهرت في روايته "المعذبون في الأرض"، والتي اعتبرته السلطات "كتاب شيوعي".
 
عاد "طه حسين" عام 1934 إلى الجامعة المصرية أستاذا للآداب، ثم تولى عمادة كلية الآداب عام 1936، ما لبث أن استقال منها بعد خلافه مع "حكومة محمد محمود"، واكتفى بالتدريس، وفي عام 1943 تعين مديرا لجامعة الاسكندرية بجانب عمله مستشارا لوزارة المعارف، وبعدها بعام أحيل للتقاعد دون أن يحقق حلمه "التعليم حق كالماء والهواء، لكن القدر أنصفه وحقق حلمه عام 1975 بتطبيق مجانية التعليم.
 
اتهم "طه حسين" بالإلحاد أكثر من مرة، لا سيما مع نشر قصيدة بعنوان "كنت أعبد الشيطان"، والتي ثبت أنها لصحفي انتحل اسم "طه حسين"، لكن في عام 1955 أثناء توجهه للسعودية في جولة ثقافية أدى مناسك الحج، وهي دليل على عدم تركه الدين.
 
رشحته الدولة لجائزة نوبل للآداب عدة مرات لإثرائه الأدب العربي، وكانت رائعته "الأيام 1929" تحفة في أدب السيرة الذاتية، كما قدم للمكتبة العربية روايات "دعاء الكروان، الشيخان، أديب، الحب الضائع، المعذبون في الأرض، على هامش السيرة، ما وراء النهر"، وقدم مجموعة مقالات مجمعة مثل "قادة الفكر، ألوان، جنة الحيوان، حديث المساء، حديث الأربعاء - كان برنامجا إذاعيا له من قبل"، بجانب الدراسات النقدية مثل "الفتنة الكبرى، مستقبل الثقافة في مصر".
 
توفي طه حسين - "عميد الأدب العربي" - في 28 أكتوبر 1973، بعد أن قضى حياته بصحبة رفيقة عمره زوجته الفرنسية "سوزان" وأبنائه "أمينة ومؤنس".

 

p>

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان