''البشكار'' و''الجلاد'' و''السقاط''.. مهن لن تجدها إلا فى مكان واحد فقط
كتبت - جهاد رمزى:
''سن السكينة يلا'' و'' بص ع الخنصر ياض''.. عبارات لا تسمعها إلا فى عالم واحد فقط؛ عالم كبير ملئ بالخفايا والأسرار، له نظامه الخاص ولكل من يعمل بداخله عليه الالتزام بشروطه وقوانينه، لا يسمح بدخول الغريب بين أسواره بسهوله، فكل فرد بداخله له وظيفته الخاصة به ولا يجرأ أن يتعدى عليها غيره، يسترزق من بقاياه الكثير من من لا مهنة لهم، يضم العديد من مختلف الأعمار، يهابه الكثيرون ويخافون الاقتراب منه أو الاشتباك مع من يعملون فيه.
لا تمشى خطوة بداخله إلا وتعبر قدمك ''بحيرات الدماء الممتدة وبقايا الذبائح''، التى تجعلك تخطو فى حذر شديد خوفا من الاصطدام بها، تقع عيناك على أشخاص يرتدون ملابس مليئة بالدماء ويحملون على وسطهم ''حزام'' مرصع بسكاكين لها احجام وانواع مختلفة تساعدهم فى ''تخليص الدبيحة''.
داخل ''عالم المدبح'' الجميع يعرف وظيفته، الكل منهمك فى عمله ''لإن الغلطة بموته''، من بين الذين يعيشون داخل هذا العالم ''تامر فتحى'' - شاب عشرينى - ضئيل الحجم تخاله لا حول له ولا قوة، تشفق عليه من هيئته فهو يرتدى ''بنطلون متهدل وسديرى''، وعلى وسطه هذا الحزام المرصع بتشكيلة السكاكين المختلفة يعمل بـ''شكار'' .
ويصف الشاب عشريني مهنته فيقول'' بشكار يعني بجيب العجل ادبحه وبعدين يتسلخ، وبعد كده ارجع انضفه من جوا وأطلع منه ''الكرشة والفشة والممبار'' وفضلاته''.
وتجد أيضا داخل هذا العالم ''زعبولة أبو وائل'' دائما يجلس على كرسى بجانب بوابة ''المدبح'' يحمل ''سيجارة'' - صناعة محلية - بين طيات أصابعه يأخد منها نفس تلو الأخر، يرتدى نفس الزى ولكنه يحمل نوعية ''سكاكين'' مختلفة ''كل واحد هنا ليه شغلانته الخاصة بيه، محدش بيعمل شغل حد'' .
ويقول الرجل الخمسيني وهو منهمكا فى ملاحظة العمل فى المدبح ''أنا ''زعبولة أبو وائل'' ريس ''الجلادين''، والجلاد هو اللى بيسلخ الجلد من الدبيحة علشان يروح للمدبغة''، وعن أحواله المادية '' باخد أجرتى فى اليوم حسب كمية الشغل؛ يعنى مثلا العجل بـ 20 جنيه؛ وبدي كل واحد من الصبيان اللى تحت إيدى نسبة من الشغل يعني بتقف نسبتى على 10 أو 5 جنيه''.
وهناك من يتجول هنا وهناك داخل هذا العالم؛ إنها ''صباح'' ذات العباءة السوداء و''قمطة الإيشارب'' القوية على رأسها تحوم داخل المدبح باستمرار من مكان إلى أخر تجمع ''الدهن'' من ''الدبيحة'' لتبيعه لعملائها سواء من التجار أو الزبائن العادية.
أما خارج أسوار هذا العالم فتجد ''السقاط '' وهو صاحب الطاولة المنصوبة والمعلق عليها ''الكرشة والفشة والممبار ولحمة الرأس''، البواقى المسموح بيعها فقط داخل محيط المدبح بأسعار ''مهاودة'' عن أسعار محلات الجزارة .
وبالطبع لا يخلو ''العالم'' أو ''المدبح'' من ''الدكاترة'' التى تتأكد من سلامة ''الدبيحة'' والكشف على جودتها ولا عمال النظافة التابعين لإحدى الشركات الخاصة، الذين يقومون بتنظيف المكان باستمرار.
فيديو قد يعجبك: