لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"مصر عادت".. هل اقتربت عودة "الوفاق العلني" بين القاهرة والرياض؟.. (تحليل)

02:46 م السبت 04 فبراير 2017

كتب- أشرف جهاد:

"مصر قامت مرة أخرى.. مصر عادت من جديد".. بهذه الكلمات غازل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، مصر الأربعاء الماضي، أثناء تفقده الجناح المصري في مهرجان الثقافة والتراث السعودي (الجنادرية).. ليعزز التوقعات باقتراب حسم الخلافات بين القاهرة والرياض، وعودة "الوفاق" بين الشقيقين الغريمين، ونهاية حالة اللعب بالأوراق الموجعة والمكايدات السياسية، بعد ما يقرب من 5 أشهر من الصراع الخفي والمعلن.

رسائل الجنادرية.. إعلان التقارب عبر الثقافة

في الجندارية، كانت هناك أكثر من رسالة بدأت باختيار مصر ضيف شرف الفعالية السعودية الثقافية الأهم، وخلال المهرجان أبدى الملك اهتماماً استثنائياً بالجناح المصري تجلّى بإصراره تفقد كافة أقسام الجناح الذي بلغت مساحته حوالى 2500 متر مربع ضمّت عشرين معرضاً عدا الخيمة البدوية ومسرح الاحتفالات الفنية والموسيقية.

وتوج الملك سلمان رسالة التقارب بمغازلة مصر قائلا لوزير الثقافة حلمي النمنم: "مصر قامت مرة أخرى.. مصر عادت من جديد، وبها الآن الأمان والطمأنينة والازدهار". وأكد النمنم أن العاهل السعودي قال له: القادم لمصر أفضل.

واحتفت وزارة الثقافة المصرية برسائل الملك سلمان، وصدرت خبر زيارة الملك برفقة العديد من كبار المسؤولين السعوديين الصفحة الرئيسية لموقعها.

وردا على الاحتفاء السعودي، نظم اتحاد الناشرين المصريين حفل توقيع لأعمال مبدعين سعوديين في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وقالت وكالة "واس" السعودية: "احتفاء بالمنتج الثقافي السعودي والشعراء والأدباء والمثقفين السعوديين في ظل المشاركة القوية للمملكة العربية السعودية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب فى دورته الـ 48، أقام اتحاد الناشرين المصريين حفل توقيع للأعمال الشعرية والأدبية للمبدعين السعوديين، وذلك بحضور الملحق الثقافي بالقاهرة الدكتور خالد النامي وأستاذ الأدب بجامعة المنوفية والدكتور عادل ضرغام وعدد كبير من مثقفي وشعراء وأدباء السعودية ومصر وحشد كبير من جمهور المعرض".

مؤشرات التقارب

العودة لمربع "الوفاق العلني"، ربما جاء قبل أيام قليلة من تصريح العاهل السعودي، ففي العشر الأواخر من يناير الماضي، كشفت مصادر دبلوماسية متفرقة عن وساطة إماراتية كويتية لرأب الصدع بين الدولتين، وبحسب المصادر تصاعدت وتيرة الوساطة مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي ترى دول الخليج أنه قد ينتهج سياسة سلبية أو عدائية ضدها.

وفي آخر أيام يناير، تحدثت المصادر الدبلوماسية عن زيارة سرية لمسؤول مصري، رفيع المستوى، إلى الرياض، التقى خلالها عددا من كبار المسؤولين السعوديين، وذلك بعد زيارات خاصة قام بها وفد سعودي للقاهرة لم يعلن عنها.

كان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، دخل على خط الوساطة مع الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، والشيخ، صباح الأحمد، أمير الكويت، وقالت المصادر إن هناك مؤشرا على انفراجه حدثت في العلاقات.

تصريح الملك سلمان، لم يكن المؤشر الأول على وجود تقارب علني بين البلدين، فقبل ساعات من التصريح، سارعت مصر بإدانة الهجوم الحوثي على فرقاطة سعودية في باب المندب، وقالت وزارة الخارجية، في بيان إن الاعتداء يمثل استمرارا لسياسة زعزعة الاستقرار فى المنطقة.

وفي الثالث من يناير الماضي، أشاد المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي، بتمكن الجهات المختصة في مصر من ضبط أفراد شبكة إجرامية قامت بالتخطيط لتهريب سبعة ملايين من أقراص الإمفيتامين والأقراص الخاضعة لتنظيم التداول الطبي إلى المملكة العربية السعودية، بتمريرها عبر الأراضي المصرية.

وفي مؤشر سابق على التقارب، وافق مجلس الدفاع الوطني، أواخر يناير الماضي، على تمديد مشاركة العناصر اللازمة من القوات المسلحة في مهمة قتالية خارج الحدود، للدفاع عن الأمن القومي المصري والعربي في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر وباب المندب.

وقبلها شارك الفريق محمود حجازي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، في فعاليات مؤتمر رؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجي.

كما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارا جمهوريا بالموافقة على مذكرة الاتفاق بشأن برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز، لتنمية شبه جزيرة سيناء، وهو ما رآه إبراهيم مصطفى، رئيس وحدة المشروعات بمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، بأنه مؤشر على تهدئة سياسية بين البلدين بعد الأزمة التي شهدتها العلاقات بين القاهرة والرياض.

انفراجة في أهم 3 ملفات خلافية

ورغم عدم الوصول إلى تسوية للخلافات، إلا أن هناك انفراجة غير كاملة في القضايا الخلافية، خصوصا مع تزايد قدرة نظامي البلدين على تفهم مواقف الشريك الآخر.

وفي حين لا تزال أزمة ملكية تيران وصنافير مفتوحة، كشف ما تسرب عن الوساطة، أن السعودية قالت إن هذه القضية ليست لب الخلاف، وإنها تعلم أن القضية اتخذت بعدا وطنيا في مصر، بعد استغلال المتربصين للعلقات بين البلدين للاتفاقية لتصفية الحسابات.

القضية الأهم للسعودية، هي اليمن وسوريا، وفي اليمن يبدو أن الخلاف بين البلدين ليس كبيرا، خصوصا مع تمديد مصر مهمة قواتها القتالية في باب المندب، ما يعد دعما مهما للمملكة في حربها ضد الحوثيين، وإن كانت تطمح فيما هو أكبر.

9 مؤشرات ترجح نجاح وساطة "صباح- بن زايد- أبو الغيط

أما في سوريا، فيبدو أن تغير الظروف الدولية، جعل السعودية أكثر تفهما للخلاف مع مصر، فشعار القاهرة "تحقيق مطالب الشعب السوري مع الحفاظ على الدولة السورية" أصبح الأكثر قبولا حاليا، حتى أن تركيا اعترفت به رسميا، وخرج نائب رئيس وزرائها يتحدث عن تفهمهم لصعوبة رحيل بشار الأسد حاليا.

كما أن مقاربة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حل الأزمة السورية بالقضاء أولا على الإرهابيين، غيرت خارطة تعامل القوى الدولية مع الأزمة، وعلى الأرجح باتت السعودية أكثر تفهما لبقاء الأسد مقابل تنفيذ خطة بديلة لاحتواء "الهلال الإيراني الخصيب"، وتفتيت التحالفات التي عقدتها طهران مع دمشق والحوثيين وحزب الله.

أما القضايا الأهم لمصر، فتتمثل في سحب السعودية الدعم الاقتصادي للضغط على قرارات القاهرة، إلا أن النظام المصري بات أكثر تفهما لمواقف الرياض التي بدأت خطة تقشفية قاسية.

وتزامنت تصريحات "سلمان" مع تردد أنباء في القاهرة عن بدء مفاوضات مكثفة مع المملكة العربية السعودية لتجديد سندات دولارية مودعة بالبنك المركزي ويستحق سدادها خلال النصف الأول من العام الجاري، بقيمة 500 مليون دولار، إلا أن طارق عامر، محافظ البنك المركزي، نفى هذه الأنباء، وقال إن القاهرة مستعدة لسداد كل الديون في ميعاد استحقاقها.

كما أكدت مصادر نفطية مصرية، استمرار شركة "أرامكو" السعودية، بالتوقف عن توريد النفط ومشتقاته إلى مصر للشهر الخامس على التوالي، وقال مسؤول في الهيئة العامة للبترول لـ"قدس برس" إن "الشركة السعودية تجاهلت الرد على تساؤلات نظيرتها المصرية، إلا أن ما تسرب عن الوسطاء كشف تبرير السعودية للأمر بإعادة ترتيب الحصص النفطية على ضوء قرار منظمة أوبك تخفيض الإنتاج.

خلافات لم يعد لها قيمة

في ديسمبر الماضي، أخرجت السعودية الخلافات مع مصر للعلن لأول مرة، بتعزيز التعاون مع قطر والدفع لإصدار بيان من مجلس التعاون الخليجي يدين اتهام القاهرة للدوحة بالتورط في دعم متورطين في عمليات إرهابية وآخرها تفجير الكنيسة البطرسية، إلا أن هذه التحركات تبدو حاليا مجرد مظاهر للخلاف لا تأثير لها حاليا.

التحركات السعودية أيضا للتقارب مع إثيوبيا، لم يعد لها نفس الوقع قبل نحو شهرين، فزيارة مريام ديسالين رئيس وزراء إثيوبيا للسعودية، والتقائه مع العاهل السعودي، ثم زيارة وزير الزراعة السعودي عبد الرحمن عبد المحسن الفضلي لإثيوبيا، والزيارة الفجة لمستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، لسد النهضة، لم تسفر كلها عن نتائج تذكر، وربما جمدت السعودية الأمر بعد الغضبة الشعبية في مصر.

في المحصلة، يبدو أن مصر والسعودية باتا قاب قوسين أو أدنى من العودة لمربع "التحالف الهش" بين الشقيقين الغريمين، خصوصا مع تغير معطيات السياسة الدولية بوصول ترامب إلى رئاسة أمريكا، ووضعه إيران في مقدمة أهدافه، مع تغيير الاتجاه الدولي في التعاطي مع الأزمة السورية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان