نموذج فرنسي لمنع الانتحار في المترو.. هل تُطبقه مصر؟
كتب – عبدالله قدري:
بينما كان المترو في طريقه لدخول محطة جمال عبدالناصر يوم 20 يناير عام 2015، اصطدم القطار رقم 195 بالمواطن (محمد.ع)، نتيجة اختلال توازنه على حافة رصيف المرج، ما أدى إلى مصرعه في الحال، وتم التحفظ على جثته، وتولت النيابة التحقيق. بعدها بـ25 يومًا وتحديدًا يوم الأحد 15 فبراير، ألقى المواطن (سعيد. ع) نفسه أسفل قطار بمحطة دار السلام بالخط الأول، ولقى مصرعه في الحال، ولم يتبين وقتها سبب الانتحار.
وسواء كان سبب الوفاة، الانتحار أو اختلال توازن الراكب على الرصيف وسقوطه تحت العجلات، فإن حالات الموت تحت عجلات المترو، ومحاولات الانتحار متعددة، وهو ما يطرح تساؤلًا حول كيفية الحد من الموت تحت عجلات المترو، ومدى إمكانية تطبيق نموذج مترو باريس للحد من حالات الانتحار والحفاظ على أرواح الركاب.
وفي حين نفى اللواء محمد يوسف مساعد وزير الداخلية لشرطة النقل والمواصلات، وقوع حالات انتحار في المترو، موضحًا أن أسباب السقوط كانت نتيجة نوبات قلبية، بلغ عدد حالات من لقوا مصرعهم، تحت عجلات المترو في عام 2016 نحو (5) حالات حسب البيانات الرسمية الصادرة عن الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، وشرطة النقل والمواصلات، وفيما عدا ذلك محاولات انتحار فاشلة، كان آخرها السبت 21 يناير 2017، حين ألقت ربة منزل نفسها أمام المترو بمحطة جمال عبد الناصر، لمحاولة الانتحار بسبب الخلافات مع زوجها ونجلها، وتمكن رجال الشرطة من إنقاذها.
نموذج مترو باريس
نموذج مترو باريس يتلخص في تركيب بوابات إلكترونية أوتوماتكية حامية على رصيف الانتظار، لمنع حالات الانتحار واختلال التوزان في المترو، وحسب الهيئة الذاتية للنقل في باريس، فإن تركيب هذه البوابات ساهم في الحد من حالات الانتحار، حيث كان عدد حالات الانتحار أو السقوط في عام 2008 نحو 195 حالة وفاة، بينما انخفض عدد الحالات في عام 2011 إلى 71 حالة أو محاولة انتحار في المترو.
وحسب مقطع فيديو نشرته، شركة سيمنس الألمانية المنفذة للبوابات الأتوماتكية في مترو باريس، فإن هذه البوابات يتم فتحها وغلقها بدقة وبنظام استشعاري )سينسور – sensor) للراكب قبل وبعد الدخول، فمبجرد فتح بوابات المترو وقدوم الراكب تفتح البوابات الحامية بشكل أوتاوماتيكي، وبعد غلق بوابات المترو، تُغلق البوابات الحامية أوتوماتيكيًا؛ وبالتالي فإنه لا مجال لمحاولات الانتحار أو السقوط أثناء دخول المترو للمحطة.
ومن شأن هذه البوابات أن تضبط مواعيد القطارات، وتقلل معدل التقاطر بين قطار وآخر، وهو ما يؤدي إلى زيادة استيعاب المترو أعداد أكبر وتقديم خدمة بكفاءة، وبالمقارنة بما يحدث في مترو القاهرة حال سقوط راكب أسفل عجلات المترو، فإن هذا يؤخر حركة القطارات من 15: 30 دقيقة، ويساهم في التكدس والزحام على أرصفة وداخل عربات المترو، وربما يصل الأمر إلى هروب الركاب من العربات والمشي تحت الأنفاق.
كيف يتفادى السائق حالات السقوط؟
السائق (أحمد. ر) بالخط الثاني لمترو الأنفاق، يروي لمصراوي مشاهد من محاولات انتحار قام بها الركاب أثناء دخوله المحطة، يقول:" كل الركاب بتكون واقفة على الرصيف، فيه ناس بتنتحر، وفيه ناس بيختل توزانها، وفيه ناس بتقع نتجية الهزار خلال دخول القطار".
وعن كيفية تفاديه دهس الراكب الذي ألقى بنفسه أسفل المترو، يضيف أحمد:" في قاعدة عندنا في السواقة اسمها، ادخل المحطة قطة واطلع منها أسد؛ بمعنى أنه على السائق دخول المحطة بحذر وبأقل سرعة ممكن (40كم/س) حتى يستطيع الفرملة حال سقوط راكب، وعند خروجه من المحطة يخرج بأقصى سرعة"، وهو ما يعنيه بقوله "سرعة الأسد".
لكن المحاولات التي يتحدث عنها أحمد، غير مأمونة، خاصة أن بعض الركاب يلقون بأنفسهم أمام القطار عند دخوله المحطة مباشرة، وبالتالي فإن سائق المترو لن يكون أمامه فرصة للفرملة، وإن استطاع ذلك فإن من الممكن وقوع كارثة أخرى بين الركاب داخل المترو نتجية الفرملة بشكل مفاجيء، ما يعرض حياة الركاب للخطر، فيضطر السائق التضحية بفرد مقابل المجموع، وهو ما يطرح تساؤلًا: هل تستطيع مصر تطبيق البوابات الالكترونية الحامية على المترو؟
صعوبة التطبيق
يقول أحمد عبدالهادي المتحدث باسم الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، إن تطبيق نموذج البوابات الالكترونية الحامية على مترو القاهرة صعب جدًا، مضيفًا أن البوابات ثمنها مكلف جدًا، وأن شركة المترو لن تستطيع تطبيقها، في ظل الخسائر التي يتعرض لها مرفق مترو الأنفاق، حيث يتم الاكتفاء بالصيانة.
وتقدر الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، خسائرها بنحو 20 مليون جنيهًا شهريًا، ومن 240: 250 مليون جنيهًا سنويًا، ويعزي المسؤولون في المترو سبب هذه الخسائر الكبيرة إلى الفرق بين القيمة الفعلية للتذكرة وهي تكلفة التشغيل، وقيمة التذكرة التي تباع إلى الجمهور بجنيه واحد.
وأوضح عبدالهادي في تصريح لمصراوي، أن إدارة المترو وضعت أشرطة صفراء على حافة الرصيف، حتى يلتزم بها الركاب ولا يتجاوزها، مؤكدًا أن كثيرًا من الركاب لا يعرفون دلالة هذه الأشرطة.
لكن تجاوز بعض الركاب لهذه الأشرطة يعرض حياتهم للموت، وهو الأمر الذي يحتم وضع عقوبات على المتجاوزين للخطوط الصفراء، وبسؤال متحدث المترو عن ذلك:" قال لا توجد عقوبات مقررة على الركاب حال تجاوزهم الشريط الأصفر".
وتبلغ عدد خطوط مترو الأنفاق في مصر ثلاثة تربط إقليم القاهرة الكبرى، هم (المرج – حلوان)، ( المنيب – شبرا)، (المطار – امبابة)، بينما تبلغ عدد المحطات 64 محطة، وتستهدف وزارة النقل زيادة عدد هذه الخطوط إلى 6 خطوط وفق جدول زمني محدد، بينما يقل يوميًا نحو 4 مليون راكب.
فيديو قد يعجبك: