إعلان

مراهقون مصريون يخاطرون بحياتهم في رحلة موت إلى أوروبا

03:56 م الإثنين 25 يوليه 2016

مراهقون مصريون يخاطرون بحياتهم في رحلة موت

بون/ألمانيا – (دويتشه فيله):

وهم الثراء السريع والانبهار ببريق الحياة الأوربية، يغرى بعض المراهقين المصريين ويدفعهم إلى الهرب من البلاد بحثا عن وطن بديل. شبان مفعمون بآمال تحطمها قسوة التجربة، وتراودهم أحلام قد يدفعون أرواحهم ثمناً لها.

داخل منزل ريفي متواضع اجتمعت أسرة "رضا – 16 عام " لإجراء محادثة إلكترونية معه بمساعدة أحد الأبناء. تبدو الوجوه سعيدة برؤية الابن المهاجر، وبدون قلق عليه يتابع والداه الحديث بشغف معه خاصة بعد وعوده بإرسال المال إليهم لشراء أرض زراعية. وتشير الأم مبتسمة بأن ابنها سيصبح أوروبياً ميسور الحال، وأسرة المراهق غير نادمة على هجرته إلى إيطاليا برغم المخاطر.

DW عربية سألت رضا عن حياته كمهاجر غير شرعي فقال "أنا بحال أفضل الآن، تم إيداعي بمؤسسة للرعاية فى كاتانيا جنوب إيطاليا.

لست نادماً على مجازفتي رغم أنني كدت أن أموت، والآن أتمنى الحصول على إقامة قانونية لأنني قاصر". تلك الثغرة التي يستغلها المراهقون، حيث يحصل القاصرون الذين هم دون سن الثامنة عشرة على إقامة قانونية في إيطاليا بعد تخرجهم من مؤسسات التأهيل. لا ينكر رضا الصعوبات التي يواجهها رغم تواجده مع أصدقائه من أنباء قريته ويقول إن " الوضع أصعب كثيراً مما تخيلت، ولكنه أفضل مقارنة بالحياة في قريتي الفقيرة. سأحاول جمع المال، فقد أتيت إلى هنا من أجل ذل".

الأهل يدركون المخاطر والدولة لا تحرك ساكنا
عمدة القرية، خيرى البيجرمى، لا يعرف كيف يحمى المراهقين من تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر والموت، ويعبر عن حيرته وقلقه لـ DW عربية بالقول إنه "لا يوجد بيت إلا وخرج منه مهاجر، أصبح الأمر خطيراً وفشلت جهودي للتوعية بمخاطر تلك الرحلة. يغضب سكان القرية منى حين أطالب بتقنين الهجرة التي يعتبرونها الحل الوحيد لتحسين أوضاعهم الاقتصادية. الأسر مسؤولة عن تشجيع المراهقين على الهروب دون الاهتمام بسلامتهم".

خلال العام الحالي هاجر أكثر من 35 قاصرا من القرية توفى بعضهم غرقا في البحر، بعضهم وصل إلى الفردوس الأوربي والبعض الآخر لم تطأ قدمه الشواطئ الأوربية وبقي منتظرا على السواحل المصرية. يسرد العمدة حادثة وقعت في أبريل الماضي حين اختفى 8 أطفال من القرية خلال إحدى رحلات الهجرة وانقطعت أخبارهم، مما رجح وفاتهم وتداولت وسائل الإعلام الحادثة، لكن السلطات لم تحرك ساكنا.

العمدة يعتبر هذا التراخي متعمدا لاستفادة السلطات الحكومية من المنح المقدمة لمواجهة الهجرة غير الشرعية التي تقدر بأكثر من ألف يورو لكل مهاجر يتم ترحيله لبلده، حسب رأي العمدة.

الأحلام تصبح كوابيس

مصير المراهق مجهول خلال رحلة عبور البحر، محمود (17 عاما) واجه صعوبات ومخاطر كثيرة ولم يصل إيطاليا.DW عربية التقت محمود في القرية، التي يبدو الفقر والإهمال مسيطراً على كل بقعة منها، فتحدث عن رحلته المأساوية قائلا "اتفقت مع وسيط للتهريب على السفر إلى إيطاليا وأعطيته 30 ألف جنيه (حوالي 3 آلاف يورو). انتظرت فترة في إحدى المناطق الساحلية على البحر المتوسط بعيداً عن أنظار الأمن" ويتابع الحديث عن رحلته "ركبنا قوارب متهالكة غير صالحة للإبحار، تعرضنا لمعاملة سيئة من المهربين. رأيت الموت بعيني حين غرق قاربنا وقامت السلطات الإيطالية بإنقاذنا". في تلك الرحلة المأساوية توفى أكثر من 300 شخص. ويضيف محمود "لا أملك سوى حياتي التي كدت أفقدها؛ إنني نادم على التجربة. سأبقى في القرية أعمل بأي مهنة".

نحو المجهول

خلال تجاذب أطراف الحديث، قاطعتنا ضحكة ساخرة من زياد (16 عاما) الذي لديه تجربتان فاشلتان للهجرة. الأولى حين كان في الرابعة عشر وتعرض حينها للغرق وكاد أن يموت قبل إنقاذه. والثانية كانت قبل شهر حين اختفى المهربون قبل الإبحار ولم يستطع مغادرة السواحل المصرية، و يعلق في حديثه مع DW عربية على مخاطر الرحلة عبر الحبر بأنه يتفق محمود على أنها "رحلة الموت، لكنى أختلف معه في الخوف منها. ليس لدينا ما نخسره، الموت والحياة هنا شيء واحد فلماذا لا أحاول الهجرة مجدداً حتى أنجح في الحصول على حياة أفضل. فإذا كان مصير رحلة الهجرة مجهولا، فإن المصير هنا معلوم.. إنه الفشل والفقر". حاولت أسرة زياد إقناعه بعدم السفر ثانية، لكنها تراجعت بعدما رأت أطفالاً أصغر منه قد هاجروا ووصلوا إلى أرض الأحلام .

الانتماء والهوية في خطر
يشير تقرير أصدرته اللجنة الدولية لمنظمة الهجرة العالمية في مايو 2016 إلى أن عدد الأطفال المصريين المهاجرين عبر البحر المتوسط قد تجاوز 600 في الشهرين السابقين أي في مارس وأبريل.

صحيح أنه تم إصدار قانون لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتجريم تهريب الناس ومعاقبة من يفعل ذلك بالسجن المشدد أو بغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه مصري أي أكثر من 20 ألف يورو، إلا أن ذلك لا يكفى لمكافحة ظاهرة تهريب المهاجرين حسب رأي المختصين ويوضح ذلك أستاذ علم الاجتماع السياسي سعيد صادق، بقوله إن هجرة المراهقين تؤثر على النسيج المجتمعي وتقلل من الانتماء للهوية المصرية، لأن اكتساب الثقافة الأوروبية سيؤدى لصعوبة الاحتفاظ بالعادات المصرية وهذا أمر شائع بين المهاجرين حيث يزداد ولاؤهم للدول التي يهاجرون إليها ويستقرون فيها.

ويتابع صادق في حديثه مع DW عربية بأن "الظاهرة لها عامل طرد من حيث إهمال المناطق الريفية حيث لا تهتم بها الدولة، فيشعر المراهقون بالتهميش. وإن عامل انبهار المراهقين بنمط الحياة الأوروبية والحريات، بالإضافة إلى عدم اتخاذ إجراءات فعالة لتأمين الحدود وملاحقة المهربين وتعديل قوانين استضافة المهاجرين، سيخلق مشكلات أمنية واجتماعية وسيزيد من تدهور أوضاع المجتمع المصري".

معاناة رحلة اللاجئين في متحف تحت الماء

تحت الماء وعلى عمق 15 متراً تقريباً في قاع المحيط الأطلسي، توجد منحوتة تصور قارباً مطاطياً على متنه أشخاص تبدو عليهم مظاهر التعب واليأس. هذه المنحوتات وغيرها تعرض حالياً في في خليج "لاس كولوراداس" في جزيرة لانزاروته الإسبانية

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان