إعلان

في ذكرى غزوة الصناديق.. "الجنة" وهم على أرض تحكمها "جماعة" - تقرير

10:39 م السبت 19 مارس 2016

في ذكرى غزوة الصناديق.. "الجنة" وهم على أرض تحكمها

كتب - محمد قاسم:

لم يكد يمر شهران على اندلاع ثورة 25 يناير التي أزاحت نظاما تربع على عرش المحروسة لأكثر من ثلاثة عقود، حتى بدأت -قبل 5 سنوات تحديدًا- الإجراءات الرسمية الأولى لبناء الدولة الحديثة التي سقط لأجلها شباب أبرياء في ربوع البلاد.

في كل الأعراف التاريخية، يبقى "الدستور" أساس لدولة القانون الحديثة، فكان محط أنظار القائمين على الأمر والنهي في البلاد، متمثلين بشكل رسمي المجلس العسكري، حينها يراقبه الثوار والمنطوين تحت لواء مصطلح "الثوار" كُثر، فكان الخيار وقف العمل بدستور 1971، وكتابة دستور جديد يتواءم مع متطلبات المرحلة الراهنة، وكان هناك خيار آخر وهو إجراء تعديلات فقط على الدستور المعطل بعد اندلاع الثورة.

إن كانت الثورة قد أزاحت مبارك ونظامه عن الحكم، فإنها أفرزت تيار الإسلام السياسي المتعطش للعمل السياسي في العَلن بقيادة جماعة الإخوان المسلمين التي تمتعت بقاعدة شعبية حينها أغرّتها وطمّعتها لتحقيق مكاسب عاجلة في ظل تشرذم بقية لواء الثوار من الديمقراطيين والمدنيين. فكانت الدعوة إلى استفتاء على إجراء تعديلات على 11 مادة من دستور 71 أول تحدي رسمي لجماعة الإخوان المسلمين ومن ورائها السلفيين وحركات الإسلام السياسي، في 19 مارس 2011، وما عُرف حينها بـ"عزوة الصناديق".

روج الإخوان والسلفيون لأنصارهم أن موافقتهم على التعديلات طريق الاستقرار والفلاح وأن رافضوا التعديلات أعداء للدين لا يريدون الاستقرار بشعار (قل نعم حتى تدخل الجنة)، في الوقت الذي دعت فيه حركات "6 إبريل والاشتراكيون الثوريون" وعدد كبير من الشخصيات السياسية أمثال البرادعي؛ الذي قال أن الموافقة على التعديلات تقود البلاد إلى "الاتجاه الخاطئ" من الإصلاح بشعار (لا لترقيع الدستور).

جاء يوم الاستفتاء، وشارك فيه ما يقرب من 18 مليون ناخب بنسبة 41%، من أصل 45 مليون ناخب يحق لهم التصويت في الانتخابات في تلك الفترة، وصوت أكثر من 14 مليون ناخب بنسبة 77% لصالح التعديلات الدستورية، في حين صوت نحو 4 ملايين ناخب بنسبة 23% رفضًا لهذه التعديلات.

كانت نجاح أنصار الإسلام السياسي في إقرار التعديلات؛ المسمار الأول الذي قاد ممثلي تيار الإسلام السياسي إلى الهاوية والانتحار السياسي بعد أن صنفه شاغلوا الحياة السياسية في مصر بعد ذلك ما بين مناصر للدين الإسلامي ومحارب له، وكان أشهر التصريحات حينها، ما قاله الداعية السلفي محمد حسين يعقوب، "يقولون لنا بيننا وبينكم الصناديق، وقالت الصناديق للدين (نعم)".

قادت التعديلات الإخوان إلى الحصول على غالبية أعضاء برلمان 2011 - 2012 وبرفقتهم السلفيين وبقية الإسلام السياسي وبعدها الفوز بغالبية لجنة تأسيس الدستور الجديد وإقراره وبعدها انتخابات الرئاسة لصالح الرئيس الإخواني محمد مرسي، وفي مقابل ذلك ازداد العداء حدة مع التيار المدني والحركات الليبرالية والشخصيات السياسية العلمانية والمدنية إلى أن قادتهم للوقوف وراء حركة تمرد في 2013 ضد الرئيس الإخواني وبقية تيار الإسلام السياسي، وأزاحوه عن السلطة بدعم الجيش في ثورة 30 يونيو 2013.

منطقيًا ووفقًا لمعطيات أرض الواقع، لم يبق من الإسلام السياسي سوى حزب النور وحزب مصر القوية على الساحة، وتشرد تيار الإسلام السياسي فكان مصير قياداته إما التورط في أعمال عنف أو الهرب خارج البلاد أو اعتزال العمل السياسي.

يرى الدكتور كمال حبيب، المفكر الإسلامي، أن التيار الديني تأثر بعد دعوته للموافقة على التعديلات الدستورية، وأن الإخوان كانت تقود التيار الإسلامي حينها، وتعجلت في قرارتها وتحالفت مع المجلس العسكري لكي تذهب إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعد أن تيقنت أنها القوى السياسية الوحيدة المنظمة في ذلك الوقت.

وأضاف حبيب - في تصريحات خاصة لموقع مصراوي - أن الإسلاميين ظنوا أن تصويتهم بالموافقة على التعديلات الدستورية تصويت على الإسلام وطريق الجنة، وهو ما ساعد في الاستقطاب الحاد الذي شهدته الساحة السياسية قبل 5 أعوام واستمر بعد ذلك ولا يزال أثره موجودًا.

في الوقت نفسه، يجد حبيب في القوى المدنية والحركات الثورية أيام الاستفتاء مشردة وممزقة لا تتفق على رأي واحد، وأنها لم تكن تملك بديل يدفع الإسلاميين حينها للوقوف بجانبها.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان