هل ضغطت إدارة ترامب على مصر لمنع تمرير مشروع قرار دولي يدين إسرائيل؟
كتب – عمر محمد:
أرجأت مصر أمس الخميس، التصويت على مشروع قرار أعدته وقدمته لأعضاء مجلس الأمن التابع للامم المتحدة، يدعو إسرائيل إلى وقف أنشطتها الاستيطانية فورًا في الأراضي الفلسطينية والقدس الشرقية.
وتقول مسودة مشروع القرار المصري إن بناء إسرائيل للمستوطنات لا يستند إلى أي أساس قانوني، بالإضافة إلى كونه انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، كما أبدى مشروع القرار قلقًا شديدًا من استمرار النشاط الاستيطاني.
لكن تزامن قرار مصر المفاجئ مع إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اعتراضه عليه، دفع البعض إلى التكهن بوجود بعض الضغوط التي مارستها الإدارة الأمريكية لإرجاء التصويت، خاصة مع حديث بعض التقارير الإعلامية عن تواصل مسؤولين إسرائيليين مع الفريق الانتقالي لترامب للتدخل.
ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن مسؤول إسرائيلي تأكيده أن إسرائيل تواصلت مع الفريق الانتقالي لترامب لكي يتدخل في الموضوع.
وأشار المسؤول الإسرائيلي -الذي لم يفصح عن اسمه- أن المسؤولين الإسرائيليين أجروا اتصالات "رفيعة المستوى" مع فريق ترامب الانتقالي، بعد أن فشلوا في إقناع المسؤولين الأميركيين باستخدام حق النقض "الفيتو" لمنع التصديق على مشروع القرار وأنهم طلبوا منه التدخل.
وأعلن ترامب رفضه لمشروع القرار المصري، وكتب الرئيس الأمريكي المنتخب على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" : "القرار الذي يبحثه مجلس الأمن الخاص بإسرائيل يجب استخدام حق النقض ضده".
وناقش الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس – في اتصال هاتفي- الأوضاع الإقليمية وتطوراتها المتلاحقة التي تنبئ بتصاعد التحديات التي تواجه الاستقرار والسلم والأمن الدوليين لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
وقال السفير علاء يوسف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن الاتصال تطرق إلى مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي حيث اتفق الرئيسان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كافة أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية.
السفير رخا أحمد مساعد وزير الخارجية الأسبق أكد أن مصر أرجأت مشروع القرار لإجراء مزيد من المشاورات والتفاهم بشأن مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن، بعد طلب إسرائيل من أمريكا للتصويت بالفيتو ضد القرار.
وقال مسؤولان لرويترز إن إدارة أوباما كانت تعتزم تمرير مشروع القرار المصري والامتناع عن استخدام حق الفيتو.
ووجهت إدارة أوباما في الفترة الحالية انتقادات حادة لإسرائيل بسبب التوسع في بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن تصويت الإدارة الأمريكية الحالية بالفيتو ضد القرار كان سُيظرها بمخالفة القانون الدولي، وعدم احترامها مبدأ حل الدولتين، لذلك طالبت بمزيد من التشاور لإعادة صياغة بعض الفقرات التي تدين إسرائيل.
وقال السفير رخا أحمد إن إسرائيل فوجئت بمشروع القرار المصري وبقوته، ومساندة فرنسا لمشروع القرار المصري، لذلك طلبت إحداث التوازن في مشروع القانون عن طريق مطالبة الفلسطينين بالكف عن العنف، مؤكدًا أن مصر لن تتنازل عن إدانة بناء المستوطنات.
كان السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، قد وصف النص المصري المقترح بأنه "قمة الخبث"، معتبرًا أنه لا يؤدي سوى إلى "مكافأة السياسة الفلسطينية المتمثلة بالتحريض" - بحسب تغريدة له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي تويتر.
الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية أكد وجود ضغوط أمريكية وإسرائيلية على مصر للتراجع عن مشروع القرار، لأن إدارة ترامب لاتريد تمرير ذلك المشروع، لافتًا إلى أن إدارة أوباما ستمتنع عن التصويت وبذلك كان سيمر القرار الذي يخدم القضية الفلسطينية بصورة كبيرة.
وأعرب نافعة عن أمله بأن تدفع مصر مشروع القرار للتصويت في أسرع وقت، خاصة بأنها من بادرت بطرح هذا المشروع، إلى جانب التشاور مع الأعضاء المتحمسة لتمرير القرار.
وقال دبلوماسيان مصريان إن القاهرة طلبت تأجيل التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار يطالب إسرائيل بوقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد تأكدها من أن الولايات المتحدة سوف تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد القرار.
ووزعت مصر مشروع القرار على أعضاء المجلس الـ15 مساء الأربعاء، على أن يصوت عليه الخميس، غير أنها طلبت تأجيل التصويت حتى يتاح مزيد من الوقت لإجراء مشاورات عليه، دون تحديد موعد آخر للتصويت على القرار.
وأضاف الدبلوماسيان أن القاهرة تلقت تهديدات بصورة غير مباشرة -عبر طرف ثالث في مجلس الأمن- بأن واشنطن لن تكتفِ بعدم التصويت على القرار فقط حال طرحه، بل ستستخدم الفيتو ضده.
وقال أحد الدبلوماسيين إن "جزء من التهديدات الأمريكية جاء نكاية في القاهرة بالنظر إلى توتر في العلاقات بين البلدين" منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين من السلطة في يونيو ٢٠١٣.
وأشارا إلى سوابق في مجلس الأمن كانت فيها واشنطن "الدرع الذي يحمي إسرائيل" من أي تحرك في المنظمة الأممية.
ورفض أحد الدبلوماسيين التعليق على ما أوردته وكالة رويترز للأنباء نقلًا عن دبلوماسيين بأن الحكومة الإسرائيلية طلبت من مصر تأجيل التصويت على مسودة القرار.
واختلف الدكتور طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، مع رأي نافعة، نافياً وجود أي ضغوط على مصر لسحب مشروع القرار.
وأكد فهمي أن إرجاء التصويت على مشروع القرار المصري جاء بسبب خلافات في صياغة بعض النقاط الخاصة بالخلط بين المدنيين والمستوطنيين، والتمييز بين المستوطنات الشرعية وغير الشرعية.
وأوضح فهمي أن هناك مراجعة لموقف المجموعة العربية بما فيها السلطة الفلسطينية، بشأن بعض المواد المتعلقة بالقانون.
وأشار أستاذ العلوم السياسية أن بعض وسائل الإعلام تحاول إحراج الرئيس السيسي بزعمها تدخل الرئيس المنتخب دونالد ترامب لإرجاء القانون أو سحبه.
ويعيش قرابة 400 ألف شخص في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وكانت إسرائيل أعادت الشهر الماضي إحياء خطط لبناء 500 منزل جديد لمستوطنين في القدس الشرقية المحتلة بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة الاميركية، وسط إدانات دولية واسعة لإسرائيل.
وكان نتنياهو نشر تغريده على توتير تقول إن "على الولايات المتحدة استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع هذا القرار الذي سيصوت عليه في مجلس الأمن".
اقرأ أيضًا:
بعد اتصال السيسي وترامب.. مصدر بمجلس الأمن: إدارة أوباما ترغب في موقف انتقامي
فيديو قد يعجبك: