إعلان

حكاية التصوف في سيناء.. لماذا يهدد "داعش" بتفجير الأضرحة؟

11:42 ص السبت 10 ديسمبر 2016

حكاية التصوف في سيناء

كتب - محمود أحمد:

لم يكن يعلم "آل جرير" حينما أنشأوا أول زاوية للصوفية على أرض الطور، قبل ما يقرب من اثنين وستين عامًا أن أضرحتهم وزواياهم ستقذف بالصواريخ يومًا ما، وأن كبار شيوخهم سيذبحون أمام الجميع بزعم "الشركية ونشر البدع والسحر".

في التاسع عشر من شهر نوفمبر الماضي، خيم الحزن على قبيلة السواركة، أكبر قبائل سيناء عددًا، حينما أعلن تنظيم "الرايات السوداء" داعش، ذبح الشيخ سليمان أبو حراز - أحد أكبر شيوخ القبيلة البالغ 98 عام. إلا أن التنظيم الإرهابي لم يكتف بذبح الشيخ المُسن فقط، بل هدد بقتل "كل من هو صوفي".

التنظيم الإرهابي لم يكتف بذبح الشيخ المُسن فقط بل هدد بقتل "كل من هو صوفي"

وخرج أمس، ما يعرف بـ"أمير مركز الحِسبة" في حوار بمجلة التنظيم عن صوفيي سيناء يقول: "أعلموا أنكم عندنا مشركون كفار، وأن دماءكم عندنا مهدرة، ونقول لكم أننا لن نسمح بوجود زوايا لكم في ولاية سيناء".

يفسر علي بكر، الباحث بمركز الأهرام، والمتخصص في الجماعات الإسلامية، تهديدات "داعش" بأنها "عقائدية" يراها التنظيم في تعامله مع التيار الصوفي، حيث يعتبر منهجهم "من الشركيات" التي تخالف الإسلام، وهو ما يفسر تفجيره للأضرحة في العراق وسوريا.

الباحث بمركز الأهرام، يشير إلى أن التنظيم يكره شيوخ سيناء المعروفين بين أبنائها بحسن الخلق والزهد والتصوف، ويعتبرهم مصدر خطر دائم له، فضلًا عن اتهامهم بالتعامل والتقرب من أجهزة الأمن.

ما ذكره "بكر" يتفق مع حديث أمير مركز الحسبة بالتنظيم حينما اتهم الصوفية بأنها "واحدة من أخطر الأمراض التي ابتليت بيها دولة الخلافة" - في إشارة إلى المناطق التي يسيطر عليها التنظيم - متهمًا الطريقة الجريرية بقربها من الأمن في سيناء وعلى رأسهم ضباط المخابرات.

جذور الصوفية في سيناء ظهرت بشكل علني حينما انتقل الشيخ الصوفي أبو أحمد الغزاوي من غزة إلى سيناء، وحلّ في جوار صديقه وتلميذه عيد أبو جرير، شيخ عشيرة الجرارات من قبيلة السواركة فشهد عام 1954 نشأة أول مقر للطريقة العلوية الدارقوية الشاذلية.

وحمل أبو جرير رسالة أستاذه، فعمل على نشر زوايا الطريقة في منطقة الجورة بالشيخ زويد، والعريش حتى بلغ قرية الروضة بين العريش وبئر العبد.

الطرق الصوفية في سيناء بلغت أكثر من 12 طريقة أقدمها التيجانية

وبحسب دراسة نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في يناير 2014، تحت عنوان "الحرب في سيناء: مكافحة إرهاب أم تحولات استراتيجية في التعاون والعداء"، فإن العدواني الثلاثي على مصر عام 1956، أثمر علاقة قوية بين الجيش المصري ومخابراته الحربية وبين صوفية سيناء.

وتشير الدراسة إلى أن الطرق الصوفية في سيناء بلغت أكثر من 12 طريقة أقدمها التيجانية، وأكبرها عددًا العلوية الدرقوية الشاذلية التي تلقاها الشيخ جرير عن الشيخ أحمد الغزاوي، وينتمي أغلب أبنائها لقبيلة السواركة.

بعد حرب أكتوبر، بدأت أفكار التكفير في الانتشار بظهور ما يمسى بـ"الجهاديين"، وعلى رأسهم الجماعة الإسلامية، والتبليغ والهجرة، فأخذت تعبث في سيناء، وتحولت لعبءٍ يهدد التصوف في شبه الجزيرة، حتى أن استيقظ أهل سيناء في 14 مايو 2011، ليروا أكبر أضرحتهم بالشيخ زويد مٌستهدفة بصاروخ "آر بي جي" على يد إحدى هذه الجماعات.

أحد أبناء قبيلة السواركة - رفض ذكر اسمه - يقول لـ"مصراوي"، إن أبناء الصوفية باتوا مُهددين بشكل كبير، حيث تمكن عناصر "داعش" من اختراق مناطقهم، وتهدديهم، وخطف أبنائهم، وشيوخهم وعلى رأسهم "أبو حراز"، الذي ظل التنظيم محتجزه أسبوعًا كاملًا قبل ذبحه.

ويعلق الشيخ علاء أبوالعزائم - رئيس الاتحاد العالمي للصوفيين وشيخ الطريقة العزمية، على وضع صوفية سيناء، وقتل الشيخ سليمان أبو حراز، بأن التنظيم يحاول القضاء على التصوف الذي ينشر الأخلاق ويساعد على نشر الوسطية في المجتمع، لمواجهته أفكارهم المنحرفة. رغبة منه في تراجع أبناء التيار الصوفي عن منهجهم واتباعه.

بينما كان للقيادي بـ"داعش" رأيًا أخر، حينما زعم أن استهدافهم للصوفية لكونهم يعتقدون النفع والضر في الأموات، ويتخذوا شيوخهم وسائط بينهم وبين الله، ويؤدون لهم السمع والطاعة العمياء، ويحملون العداوة لمن وصفوهم بـ"المجاهدين" في سيناء.

مواجهة البدع والانحرافات كانت أداة داعش لتبرير القتل والاختطاف وتدمير الأضرحة في سيناء

مواجهة البدع والانحرافات، ونشر صحيح الدين كانت أداة التنظيم الإرهابي لتبرير عمليات القتل والاختطاف وتدمير الأضرحة في سيناء، وهو ما دفع ممثل قبيلة السواركة للقول: "الموضوع لا علاقة له بالدين، الشيخ سليمان كان رجًلا قيمة وقامة ولم يُهين أحدًا وقتل، وقتل قبله شيوخ من القبيلة وأبنائها أيضًا على يد التنظيم، والأضرحة دائمًا تُنتهك، وكل ما نتمناه أن تستقر سيناء".

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان