المستشار العسكري للجامعة العربية: التماسك والثقافة طريقنا للتنمية الشاملة.. حوار
حوار - حاتم أبو النور:
أكد اللواء محمود خليفة، المستشار العسكري لأمين عام جامعة الدول العربية، أن تفعيل إجراءات التنمية الشاملة في كافة المجالات يعد أحد أبرز الإجراءات المطلوبة في الفترة الحالية.
وأوضح خليفة، في حوار أجراه مع مصراوي، أن البيروقراطية في تنفيذ إجراءات الحصول على تراخيص المصانع، مٌحبطة في كثير من الأحيان للمستثمرين الراغبين في ضخ أموالهم بالسوق المحلي، وإلى نص الحوا..
كيف تقيم التحديات التي تواجهها الدول العربية حاليًا؟
أرى أن هذه المرحلة بها تحديات كثيرة جدًا ومخاطر تواجهنا، بل تواجه دول كثيرة، قد يظن البعض أنني أقصد الدول العربية فقط، ولكنني أتحدث عن مخاطر تواجه أيضًا دول إفريقية وأخرى آسيوية، بنفس حروب الفكر الذي ابتعد كثيرًا وتطرف عن الطريق الصحيح. ولذا أرى في هذه المرحلة أهمية وحتمية التماسك والاصطفاف الوطني مهما كانت المشكلات والعقبات إلى تواجهنا، فالقضية الآن قضية وجود وإرادة للبقاء.
في رأيك كيف يمكن لمصر تحقيق التنمية المرجوة؟
أهم الإجراءات المطلوبة في المرحلة الحالية والتي تمر بها مصر، هي الاهتمام وتفعيل كافة إجراءات التنمية الشاملة في كافة مجالات الحياة بمصر من خلال عدد من المحاور الرئيسية، والتي تشمل تعديل عاجل للقوانين واللوائح، ليس فقط في الأمور المتعلقة بالتقاضي وسرعة البت في الأحكام، ولكن كذلك القوانين الخاصة بالتنمية بما يضمن الاستفادة القصوى والسريعة من الإمكانيات والموارد الطبيعية المتاحة.
هل تلبي المشروعات القومية احتياجات تنمية المجتمع؟
المشروعات القومية التي يتم تنفيذها على أرض مصر غير مسبوقة كمًا ونوعًا وجودة، كمشروع قناة السويس الجديدة ومشروع شرق بورسعيد ومشروع المليون ونصف فدان ومشروعات الإسكان الاجتماعي ومشروعات حل مشكلة العشوائيات ومشروع 5000كم طرق والكباري، والعاصمة الإدارية الجديدة.
وما المردود المتوقع من تلك المشروعات؟
البعض أحيانًا يتساءل عن الناتج القومي لبعض هذه المشروعات، وأرى أن المشروعات الاستراتيجية لها دخلان، الأول أثناء التنفيذ الفعلي من خلال الدخل لمن تتاح لهم فرص العمل في المشروع وهم مئات الآلاف من المهندسين والحرفيين والمهنيين، أما الدخل الثاني بعد الانتهاء من تنفيذ المشروعات ومال لها من نتئج اقتصادية على المدى البعيد
ما أبرز القطاعات التي نستطيع من خلالها تحقيق التنمية؟
مجالات عديدة، ففي التنمية الزراعية والانتشار الزراعي الأفقي، وخاصة استخدامات أراضي الدولة، يجب سرعة الاستفادة فى كل منطقة أو محافظة أو إقليم طبقًا لطبيعته. وعلى سبيل المثال فإن تملك الأراضي للمصريين -وليس حق الانتفاع- مطلوب بالمحافظات التي تمتاز بعنصر الجذب السكاني مثل الوادي الجديد ومطروح والبحر الأحمر لتواجد ظهير صحراوي أكثر من 70 في المئة من مساحة مصر.
وماذا عن التخوف من ظاهرة "تسقيع الأراضي"؟
تطبيق كافة الضوابط، يضمن سلامة الإجراءات، علمًا بأن ترديد البعض باحتمالية شراء و"تسقيع الأراضي"، وهم وخيال، "المشتري الذي سيفكر في ذلك خاسر بالتأكيد"؛ لأن الأرض في هذه المحافظات لا يزيد ثمنها نهائيًا، كما أقترح تطبيق نظام حق الانتفاع على محافظات الدلتا والصعيد وسيناء وخط القناة، وبهذا نضمن الانتشار الأفقي وزيادة الناتج القومي وتشغيل العمالة.
ما أبرز الآليات المقترحة بشأن تحقيق التنمية الصناعية؟
أهمية القضاء على البيروقراطية في تنفيذ إجراءات الحصول على تراخيص المصانع والتي تعتبر طويلة جدًا، وأحيانًا محبطة للمستثمرين، علاوة على أهمية تنميط إجراءات فتح المصانع والشركات، والتنفيذ الفعلي على وجه السرعة لما يسمى بسياسة "الشباك الواحد"، وسرعة إعلان إجراءات محددة وغير مبهمة أو مطاطة للاستثمار.
وأرى أن الموافقة على تدشين مشروعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر بالمحافظات، يجب أن تصدر عن المحافظات وليس من الجهات المركزية، وبالتالي يتم تطبيق مبدأ اللامركزية المنصوص عليه في دستور 2014.
أما المشروعات الكبرى والمناطق الصناعية الكبرى تكون الموافقة عليها من الحكومة المركزية الوزارات، وأيضًا يجب تنميط ثابت ونشر القيمة المادية للحصول على التراخيص حتى لايتم التلاعب بمعايير مختلفة، وتحديد جداول زمنية ثابتة محددة للفترات اللازمة للحصول على التراخيص.
يعاني قطاع السياحة أزمات عديدة.. كيف ترى طريقة التغلب عليها؟
فى مجال التنمية السياحية يتوفر لمصر كافة أنواع السياحة (الشاطئية - العلاجية - البيئية - الدينية -المؤتمرات - السفاري)، لذا يجب على وجه السرعة وضع جميع المدن التي تتواجد بها آثار أو سياحة متنوعة على الخريطة السياحية، ويروج لها عبر وسائل الإعلام، والمكاتب السياحية والشركات بالداخل والخارج علاوة على الترويج السياحى العلمى المدروس، والبعد عن الأعمال الروتينية.
كما أن هناك نقطة مهمة للغاية تخص سياحة الآثار، وهى كثرة المعابد التي قد يصرف عليها ملايين الجنيهات للترميم، ولكن للأسف لا يخصص بضع الآلاف لعمل خدمات أخرى كالمطاعن والمقاهي السياحية، وهي الأمور التي قد تجعل السياح يحجمون عن الزيارة.
هل من الممكن أن يساهم المتحف المصري الكبير في تنشيط القطاع؟
في رأيي قد يكون المتحف الكبير الجاري إنشائه أفضل، حيث يجب أن يبقى المتحف المصري مخزن للآثار حاليًا؛ نظرًا لازدحام الآثار.
واقترح كذلك، إنشاء منطقة أثرية لا تقل عن حجم محافظة كبيرة، بها عدد كبير من المتاحف، وعلى سبيل المثال يتم تخصيص متحف لكل أسرة من الأسر الفرعونية، ومتحف لكل شخصية قديمة مثل متحف لأخناتون، ومتحف لتوت عنخ آمون.. وهكذا. على أن يضم كل متحف على القطع الأثرية الخاصة به وكافتيريات وأماكن استقبال وغرفة عرض فيلم تسجيلي عن المعبد وبازارات، وخطوط نقل متنوعة للربط بين هذه المتاحف.
وماذا عن الصعيد الثقافي؟
تعتبر الثقافة هى قاعدة الانطلاق لكافة أمور الحياة، فمن لديهم ثقافة عالية يهتموا ويتقنوا العمل ويحترموا الآخر، وأول الوحي الإلهي لرسوله محمد، هي "اقرأ باسم ربك الذى خلق"، وهذا يعنى أن الله سبحانه وتعالى أراد أن نبنى دولتنا على العلم والإدراك والثقافة والتوعية وإعمال العقل والأخذ بأسباب العلم.
فالدول لا تبنى أو ترتقي بالفهلوة أو الشطارة أو التواكل أو تأدية مناسك العبادات فقط ولكن بالإيمان والعلم والعمل والاجتهاد تبنى الدول حضارتها.
أما مسؤولية الثقافة والتوعية فهي مسؤولية شاملة الإعلام والثقافة وكل الوزارات والأزهر والكنيسة وكل أسرة مصرية وكل جهة عمل، وأنادي بحملة قومية للارتقاء بالوعي والثقافة فى كل وسائل الإعلام مثل الحملات السابقة للبلهارسيا ومحو الأمية. والثقافة من أهم الإجراءات اللازمة للوقاية من الأجيال الحديثة من حروب الجيل الرابع والخامس. وهو ما يعني حرب المعلومات، وهذه الحروب تحدث من خلال استخدام الفكر والمعلومة والشائعات للتأثير على عقول شعب أو مجموعة شعوب لتحقيق مصالح للدول التي تديرها.
فيديو قد يعجبك: