بعد موافقة الحكومة.. "الجمعيات الأهلية" في قبضة البرلمان (تقرير)
كتبت ـ هاجر حسني:
بموافقة مجلس الوزراء، أمس الخميس، على مشروع قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية؛ أصبح القرار الأخير لإقرار القانون أو إجراء تعديل عليه أو حتى رفضه في يد مجلس النواب.
وتسري أحكام القانون على الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات المنشأة بقانون أو بمرسوم، والمنظمات التي تمارس نشاطا أهليا استنادا إلى اتفاقيات دولية، ويضع القانون بحسب المجلس أطرا تنظيمية تساعد هذه الجمعيات على العمل وتحقيق أغراضها في ضوء خطط الدولة واحتياجات المجتمع المحلي.
ومنذ ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس محمد حسني مبارك، أُعيدت صياغة قانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002 ـ القانون الحالي المنظم لعمل الجمعيات الأهلية ـ عدة مرات كان أبرزها التعديلات التي أُجريت على القانون عقب عزل الرئيس محمد مرسى، بعد أن شكل أحمد البرعي، وزير القوى العاملة والهجرة السابق، لجنة من الحقوقيين ضمت حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ونجاد البرعى، رئيس المجموعة المتحدة، والذي استقال بعد ذلك من اللجنة، وأعلن الوزير فى 26 نوفمبر 2013 أن الوزارة تسلمت التعديلات على قانون 48 لسنة 2002 من اللجنة الحقوقية وسيتم طرحها للحوار المجتمعي.
وفي مطلع العام الحالي، أعدت الحكومة متمثلة في وزارة التضامن الاجتماعي، لجنة خُماسية شارك فيها طلعت عبد القوي، رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، وهدى بدران، رئيس الاتحاد النوعي لنساء مصر، والقس أندريا زكي، رئيس الهيئة القبطية الإنجيلية، وحافظ أبو سعدة، رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وخالد سلطان، وكيل وزارة التضامن، وذلك لوضع مشروع لقانون الجمعيات الأهلية، وهو القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء أمس.
ورغم دعوة وزارة التضامن الاجتماعي لـ 20 منظمة حقوقية لإجراء حوار مجتمعي حول القانون وتقديم المقترحات والملاحظات عليه قبل إرساله إلى مجلس الوزراء للنظر فيه، إلا أنها لم تنتظر حتى نهاية المُهلة التي أعطتها للجمعيات والمنظمات وأرسلت القانون للوزراء.
ملاحظات
ويقول حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن أهم الملاحظات على مشوع القانون تتعلق بالمادة التي توضح أن "إنشاء الجمعيات يكون بالإخطار إلا إذا ثبت أن هناك خطأ في الإجراءات"، مُضيفا أن هذه المادة تُعطي سلطة تقديرية للحكومة.
وتابع أبوسعدة، "القانون يختلف قليلًا عن قانون 84 ولكنه أكثر تشددًا، لأن قانون 84 كان يعطي الحق للجمعيات في التكوين بالإخطار، ورغم أن القانون الحالي في ظاهره يعطي هذا الحق بالإخطار، إلا أنه في باطنه يكون بالتسجيل".
وكان البند الخاص بالتسجيل هو أهم التوصيات التي خرج بها اجتماع المجلس القومي لحقوق الإنسان لمناقشة التعديلات المقترحة على القانون، حيث لفت المجلس إلى أن المشروع أعطى الموظف السلطة في تقدير صحة الإخطار أو مخالفته، مطالبا بضرورة أن يتيح النص إشهار المنظمات بمجرد الإخطار حتى لو كانت أوراقها ناقصة، والوزارة تستعمل سلطاتها في طلب المنظمات استكمال أوراقها فى المدة المحددة بـ ٣٠ يومًا.
وبحسب أبو سعدة، فإن القانون أضاف أيضًا عدة قيود في التسجيل، من ضمنها إجبار أصحاب الجمعيات إحضار الصحيفة الجنائية "فيش وتشبيه"، وكذلك العقوبة التي تضمنها القانون، والتي تنص على عقوبة مالية تتراوح قدرها بين ٥٠ ألفا إلى مليون جنيه، بالرغم من أن الأصل في العمل الأهلي أنه عمل تطوعي، كما أشار إلى أن هذه الغرامة لا توجد في قانون الشركات، الأمر الذي سوف يسهم في غلق الكثير من الجمعيات.
وتنص المادة 75 من دستور 2014 على أنه للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار، وتمارس نشاطها بحرية ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شؤونها أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي.
كما قضت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، سبتمبر الماضي، بأحقية الجمعيات الأهلية في تلقي المنح والتمويلات الخارجية، للمساهمة في قضايا التنمية داخل جمهورية مصر العربية.
احتمالية تعديله
يرى نجاد البرعي، رئيس المجموعة المتحدة، أن القانون "أسوأ من قانون رقم 84 المعمول به حاليا وأنه أقرب في روحه إلى قانون 32 لعام 64 وبذلك فالقانون يمثل عودة للستينيات فيما يتعلق بقمع العمل الأهلي، وسيطرة الإدارة متمثلة في وزارة التضامن وكذلك سيطرة الأمن على مقدرات الجمعيات، وهو ما يجعلها جزء من الدولة وتنفذ خططها وتفتقد لاستقلاليتها".
ويقول البرعي لـ"مصراوي"، إن طريقة اختيار البرلمان سيئة" ولذلك فإجراء تعديلات على القانون أمر غير أكيد، وحتى إذا أُجريت تعديلا "فستكون بشكل سلبي وليست في مصلحة الجمعيات"، متوقعًا أن يتم تمرير القانون دون تعديلات عليه، لافتا إلى أن صدور القانون بشكله الحالي سيزيد من حالة الإحتقان بين الدولة والمجتمع المدني.
واتفق شريف هلالي، المدير التنفيذي للمنظمة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، مع رأي البرعي، حيث قال إن نية تعديل القانون غائبة من البداية خاصة بعد إعطاء منظمات المجتمع المدني مهلة من قبل وزارة التضامن لإرسال ملاحظاتهم على مشروع القانون، ولم تنتظر حتى نهاية المدة وأرسلت القانون لمجلس الوزراء لعرضه عليه.
وأضاف هلالي، لـ"مصراوي"، أنه من وجهة نظره، فإن البرلمان سيوافق على القانون دون الأخذ بأية توصيات أو مقترحات على بنوده، وخاصة أنه سيظهر داخل البرلمان جهات متشددة ضد الحق في التنظيم وستظهر نظريات تآمرية عن وجود تمويلات غير رسمية، وهو ما سيؤدي في النهاية لخروج النص السيء كما هو.
ولفت إلى أن أهم النقاط التي لابد من تعديلها تتمثل في "البند الخاص بتكوين لجنة من عدة وزارات للنظر في المنح التي تأتي للمنظمات"، قائلا إنه في حالة تعذر اكتمال نصاب اللجنة لأي سبب من الأسباب سيؤدي ذلك لتأخر صرف هذه المنح وبالتالي تأخر عمل هذه الجمعيات.
من جانبه، أرجع حافظ أبو سعدة، رأيه بأن البرلمان لن يُجري تعديلات على القانون، قائلا إن التجارب السابقة مع معظم القوانين التي ناقشها البرلمان توحي بذلك، لأن البرلمان دائما كان يُقر القوانين بشكلها الذي خرجت به من الحكومة، وكانت لا تُجري تعديلات إلا باستثناءات ضعيفة.
فيديو قد يعجبك: