رحلة البحث عن "كيس سكر": الغني والفقير في طابور واحد
كتب- أحمد سيد:
أزمة مفاجئة في السكر، اجتاحت السوق المصرية مؤخرًا، حيث شهدت أسواق التجزئة ومنافذ التموين تراجعًا في كمية المعروض من السكر، مما جعل سعر الكيلو يتراوح من 8 إلى 12 جنيهًا، وذلك حسب الجودة ودرجة البياض.
خاض "مصراوي"، تجربة البحث عن كيس سكر كمحاولة لنقل معاناة المواطن. انخرط وسط الجموع في الطوابير التى ظهرت بالأماكن "الراقية" مثلما تظهر في الأماكن الشعبية، حيث تزاحمت الأيدي للفوز ولو بكيس واحد من السكر.
توجهنا إلى سوق ميدان (السيدة عائشة) بوسط القاهرة، كونه مكانًا شعبيًا.. وعند وصولنا إلى السوق، خلف موقف الميكروباصات، سألنا أحد العاملين بمحل ألبان كبير "في سكر؟".. فأجاب بانبهار: "لا مفيش..عموما في حارة جنب المسجد فيها دكان صغير ببيع روح والحق اشتري". بعد التجول في المنطقة قليلًا ولدى وصولنا لدكانٍ صغير بالحارة المقصودة سألنا أحد العاملين- من المرجح أن يكون صاحب المحل- "في سكر؟".. ليُجيب: "في، بس الكيلو بـ12 جنيه ونص".
تواجُد السُكر الشحيح بالأسواق وغلوّ ثمنه لم يقصر فقط على الحارات والدكاكين الصغيرة، فداخل "هايبر ماركت" الشهير، وفي أحد "مولات" منطقة التجمع الخامس الهادئة، يقف رجل أربعيني بوجه بائس في طابور طويل للحصول على مُبتغاه، يقول: "عُمري ما اتخيلت إني أقف في طابور بــ(قاهرة الأغنياء)، عشان كيس أو كيسين سكر".
الدكتور مصطفى أحد قاطني كمبوند (غرب الجولف) بحي الوزراء، يحكى عن وقوفه لأول مرة -بعد عودته من أمريكا منذ سنتين- لشراء كيس سكر "أنا متعود اشتري لوازم البيت كل أسبوع، بس بقالنا 3 أيام بندور على سكر أهو، الأزمة عمالة تكبر"- على حد وصفه.
"يا خسارة، وصل بينا الحال إننا نقف في طابور سكر" كلمات وضح بها "مصطفى" أسباب استيائه، مُضيفًا "الآن أصبح الأغنياء بجوار الفقراء لشراء السكر بأي ثمن".
رحلة بحث شاقة
على طريقة "إحنا النمل فين السكر"، إحدى الجمل الشهيرة في فيلم "صرخة نملة"، قضى رجلٌ خمسيني-غاضب الوجة- أكثر من 4 ساعات يبحث عن كيس سكر، وعقب رحلة بحث شاقة في عدد من المحال التجارية، قرر الهروب من جشع التجار، وكبار المحتكرين الذين يطمعون في تحقيق مكاسب كبيرة عن طريق تعطيش الأسواق، مع وجود أزمة حقيقية داخل بطاقات التموين.
"هنلاقيها منين ولا منين.. مرتب الحكومة مبيكفيش احتياجات الشهر، ورغم كده بيضيقوا علينا أهو، حتى كيس السكر مش لاقينه!" قالها أحد ساكني ميدان السيدة عائشة.
الحل
من جانبه، كشف رأفت أبو رزيقة، رئيس شعبة السكر والحلوى، باتحاد الصناعات، لمصراوي، أن الأزمة الحالية ترجع لعدة أسباب، أهمها ارتفاع تكلفة استيراد السكر بسبب أزمة الدولار الحالية، وكذلك عدم وجود عدالة في التوزيع، والتي تتسبب احتكار البعض كميات ضخمة من السكر بهدف تخزينها وبيعها بأسعار مرتفعة، موضحًا أن مصانع السكر المحلية استغلت أزمة قلة المعروض في رفع أسعار السكر من 4 آلاف و200 جنيه إلى 6 آلاف جنيه للطن.
وناشد رئيس شعبة السكر، النظر مرة أخرى في قرار زيادة الجمارك على السكر المستورد، وزيادة الطاقات الإنتاجية من المصانع المحلية لسد الفجوة، كما ناشد الحكومة بفرض قوانين لمراقبة المصانع، والقطاع الخاص والسلاسل التجارية، لزيادة المعروض من السلعة ومواجهة الاحتكار، وانخفاض سعره.
فيديو قد يعجبك: