إعلان

أسامة بن لادن وعاء الملايين المهووس بالخيل الذي خاف من المشاركة بنفسه في الحرب الروسية (5)

05:17 م الثلاثاء 04 أغسطس 2015

اسامة بن لادن

 

كتب - حازم دياب:

تناولنا في 4 حلقات مضت في عرض كتاب "البروج المشيدة" لصاحبه لورانس رايت صاحب أرفع الجوائز الصحفية والتي قابل 600 فرداً في أعوام خمسة، ليوثّق رحلة بن لادن، التي بدأت من تصاعد موجة التكفير والفضل يرجع لأفكار سيد قطب، الذي حملها من مصر أيمن الظواهري، وسار على ركبه أسامة، المفتون بشخصية المجاهد عبد الله عزام، الذي لم يؤمن في حياته بعقيدة مثل القتال، وصلنا إلى الحرب المتأججة بين أفغانستان وروسيا. يقول لورانس رايت الذي ذهب لمقابلة أصدقاء بن لادن، ورفاقه في الحرب.

ودخل إلى تقارير المخابرات الرسمية الأمريكية بحكم عمله الصحفي، في الفصل الخامس "حرب المعجزات"، بإن مستشار الأمن القومي الأمريكي بحكومة الرئيس كارتر في ذلك الوقت زبيجنيف بزيزنسكي، كتب إليه يقول "يمكننا أن نجعل الاتحاد السوفيتي يواجه حرب فيتنام هو الآخر". وحين بحث الأمريكون عن حليف لمشاركتهم هذه الخطة، تحولوا إلى الأمير تركي الذي أصبح "الرجل الرئيسي في التحالف السري بين الولايات المتحدة والسعوديين لتهريب الأموال والأسلحة إلى المقاومة عن طريق المخابرات الباكستانية. في البدء كانت هناك فوضى في الحرب، المجاهدون يسافرون بلا تنظيم، حتى وصل عدد الميليشات الأفغانية المسلحة في منتصف الثمانينات إلى 170 ميليشيا، وللتعامل مع تلك الفوضى أسست المخابرات الباكستانية ستة أحزاب رئيسية من المهاجرين لكي تتولى استلام المساعدات. ولكن الأمير تركي فضل إنشاء حزب سابع أطلق عليه "الاتحاد الإسلامي" ويموّل بشكل رئيسي من أسامة بن لادن ويرأسه عبد الرسول سياف، وكان سياف جنرال حرب مهيب وجرىء، يتحدث العربية نظراً لدراسته في الأزهر، وكانت معتقداته الوهابية الراسخة تتعارض مع التيارات الصوفية التي سيطرت على أفغانستان قبيل الحرب.

"الخوف من المشاركة بنفسه في الحرب" هو ما أبقى بن لادن بعيداً عن أرض المعركة في السنوات الأولى للحرب، الأمر الذي وصمه بالخزي بعد ذلك، وكان قصر رحلاته إلى باكستان على مدينتي لاهور وإسلام أباد فقط، حتى إنه لم يغامر بالذهاب إلى مدينة بيشاور الحدودية، لكن هذه الرحلات القصيرة، أفقدته المشاركة مع مجموعة بن لادن في ترميم المسجد النبوي، ليخسر حصته من الأرباح التي وصلت لمليوني ونصف دولار حينذاك. في عام 1984، أقنعه عبد الله عزام بعبور الحدود إلى إقليم جاجي، حيث كان لدى سياف معسكر في أعالي الجبال، وقال بن لادن "فوجئت بالحالة المزرية للمعدات والأشياء الأخرى: الأسلحة والطرق والخنادق، وطلبت من الله العظيم أن يغفر لي، إذ شعرت أني ارتكبت إثما حين استمعت إلى من نصحوني بالبقاء. وشعرت أن هذا التأخير الذي دام أربع سنوات لن يغفر لي إلا بالشهادة".

كان بن لادن في رمضان أثناء وجوده في الخندق المسلح، يصف مشهد الانفجارات وأزيز الطائرات بالذي قربه من الله، عاد أسامة للسعودية بعد شهر، محملاً ببضعة ملايين من الدولارات كما يذكر الشيخ عبد الله عزام، ليبزغ نجم أسامة كمساعد رئيسي للمجاهدين العرب والأفغان معاً. لم يكن العرب يبلون في الحرب بلاءً حسناً، ينزحون إلى المخابىء عندما تحلق الطائرات، بينا يرابط الأفغان، حين تقابل بن لادن وعزام في موسم الحج، قررا أن يفتحا ما يشبه مركز لاستقبال وتدريب المجاهدين العرب، يتكفل بأسرهم ويوفر نفقات السفر والإقامة، وأصدر عزام ذلك بفتوى تقول: "إن الجهاد في أفغانستان فرض على كل مسلم قادر على القتال". وأجاز الشيخ بن باز الكتاب، وقدمه. المثير للدهشة أن ذلك الشيخ الفلسطيني عبد الله عزام الذي شارك في حروب العصابات الفلسطينية قدّم الجهاد في أفغانستان على الجهاد في فلسطين ضد إسرائيل، ويبرر ذلك بأن الحرب الأفغانية تهدف إلى خلق دولة إسلامية أما القضية الفلسطينية فتتبناها العديد من الجماعات المختلفة، منها "الشيوعيون والقوميون والمسلمون المحدثون" الذين يحاربون من أجل إنشاء دولة علمانية. يفتش لورانس دائماً في "البروج المشيدة" على الفكر الذي يعتنقه الجهاديون، الذي لا يختلف من عصر لآخر.

قابل الأمير تركي بن لادن في المرة الأولى بمنتصف الثمانينات، وقال إنه صدم من خجله وعذابته في الحديث ووده. كانت السعودية تمد المجاهدين بنحو نصف مليار دولار سنوياً، وكانت الأموال تودع في حساب في بنك سويسري. انضم جمال خليفة صديق بن لادن في السعودية إلى مكتب الخدمات الذي يستقبل المجاهدين، واستمر أسامة في حصد التبرعات، ليصفه عبد الله عزام بأنه "رجل أرسلته السماء".

رغم كل مساعدات بن لادن، إلا أن صفات القيادة لم تظهر عليه بعد، ويقول صديقه أنه في نوفمبر من عام 1985، عندما طُلب منه أن يخطب، لم يكن في ذهنه سوى الخيل. وصل عدد العرب الذي أطلق عليه "لواء الغرباء" وأطلق عليهم الأفغان اسم "الأفغان العرب" إلى نحو 3 الآف مجاهد، استعمل أغلبهم أسماء وكنى مستعارة. لقد كان الموت، وليس النصر في أفغانستان هو ما دفع العديد من الشباب العرب للسفر إلى بيشاور الباكستانية؛ وكانت الشهادة هي المنتج الذي يروج له عزام في كتبه، وشرائط الفيديو والكاسيت التي تروج في المساجد وفي مكتبات بيع الكتب العربية.

يرى الكاتب أن هناك فجوة كبيرة تتسبب في نمو التطرف في الوطن العربي، تلك الفجوة التي تتمثل في مثال يقول إن 260 مليون عربي يصدرون أقل ممن يصدره خمس ملايين شخص فنلندي، ليكون هناك مناخ من الملل والفن الفقير وغياب لوسائل الترفيه أمام الشاب العاطل الذي يتجه للتطرف.

كان بن لادن يتحدث عن رغبته ورفاقه في الاستشهاد والموت والفوز بالجنة، مستشهداً بحديث رسول الله الذي يقول "وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل". وكان حسن البنا يقول "الموت فن". ورغم أن القرآن ينص بوضوح أن "لا إكراه في الدين". كتب سيد قطب يقول: "الإسلام ليس مجرد عقيدة، إن الإسلام إعلان عام لتحرير الإنسان من العبودية للعباد. فهو يهدف ابتداء إلى إزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم على أساس حاكمية البشر للبشر". هكذا يؤصل "رايت" لأساس الفكر الجهادي. ويحكي قصة "محمد لؤي بازيد" الشاب السوري الأمريكي الذي قرأ مطبوعات عبد الله عزام، وفتن بالمعجزات التي يصنعها المجاهدين في قتال الروس، وفكر في أن يكون جزءً من الأمر بدلاً من تركز انشغاله على التسوق. وقال إن ما رآه في ساحة القتال جعل الرجوع إلى حياته الطبيعية مستحيلاً، هذه قصة من قص الأف فتنوا بخطاب حرب المعجزات، وتشويق الحصول على الجنة والحور العين.

في الحلقة القادمة كيف أسس بن لادن لسرية جهادية في الحرب كانت نواة للقاعدة.

 

 

 


اقرأ أيضا:

''التحول''.. كيف دنس المتمردون الحرم المكي.. وتضامن أسامة بن لادن معهم بعد ذلك؟ ''4)

بن لادن غضب من أغنية ''إنت عمري'' بعد أن كان مشاهداً لرعاة البقر..محاولة لفهم شخصية أسامة''3)

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان