لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

السيارات المتهالكة.. مليارات مُهدرة على الرصيف

10:14 ص الإثنين 03 أغسطس 2015

عدد كبير من السيارات المتهالكة لا تزال تفترش طرقات

تحقيق- محمد أبو ليلة:

على جنبات الرصيف المقابل لشارع القصر العيني وتحديدا بالقرب من السفارة السودانية بالقاهرة، تتواجد سيارة قديمة من نوع "بويك سبيشيل" يكسوها التراب من كل ناحية، وهي موديل عام 1956، هذه السيارة لا تزال "مركونة" في ذلك الشارع منذ أكثر من أربع سنوات، ولا أحد يعرف أي جهة تتبعها هذه السيارة القديمة، التي أصبحت ملاذاً لأكياس القمامة تارة، وتارة أخرى للقطط والفئران.

عدد كبير من الشوارع الرئيسية للقاهرة، يتواجد بها سيارات قديمة لا يتم استعمالها، جزء من هذه السيارات تتسبب دائما في تعطيل حركة المرور، وعلى الرغم من صدور قرار من مجلس الوزراء ابتوريد جميع خردة السيارات المتهالكة من جميع المحافظات، إلى وزارة الإنتاج الحربي، لإعادة تصنيعها مرة أخرى، والاستفادة منها، إلا أن عدد كبير من السيارات المتهالكة لا تزال تفترش طرقات رئيسية في شوارع مصر.

"لدينا مشكلة في الكراكيب بصفة عامة والأشياء المتهالكة القديمة التابعة للأشخاص أو الحكومة، السيارات المتهالكة تعتبر قنابل موقوتة وتأخذ مساحات موجودة من الشوارع وتصبح نوع من أنواع الأوكار للأشخاص الخارجين عن القانون، وأطفال الشوارع".. حيث يؤكد ذلك الخبير الاقتصادي صلاح جودة في لقاءه بمصراوي.

150 ألف سيارة متهالكة

ويوضح جودة أن عدد السيارات المتهالكة في القاهرة الكبرى وحدها يصل لـ150 ألف سيارة، تكلفتها الإجمالية تصل لـ 2 مليار جنيه، طبقاً لدراسات الجدوى حول الفائدة من هذه السيارات إذا تم استخدامها استخدام أمثل، مطالباً بضرورة إصدار قرار من رئيس مجلس الوزراء بإعادة هيكلة السيارات المتهالكة، لأنها الأن متشعبة بين الإدارات.

صورة 2

"ممكن محافظة تجمع سيارات متهالكة ومحافظة تانية لا، لازم مجلس الوزراء يتدخل، ويكون بإشراف من إدارات المرور والأحياء وأفراد من المواصلات السلكية واللاسلكية والتليفونات، وأن يتم وضع غرامات على صاحب منزل، تتواجد سيارة متهالكة أسفل منزله وأن تكون الغرامة 200 جنيه".. يقول جودة.

حيث يؤكد أن الحل الوحيد للاستفادة من السيارات المتهالكة وضعها في أماكن أشبه بالمقبرة، ويتم كبس هذه السيارات واستخلاص المواد الخام منها "الحديد"، وبيعها لشركات الحديد والصلب، وهذا ما يحدث في عدد كبير من الدول الأوربية، "لو عملنا نفس الكلام ده على مستوى السكة الحديد للقطارات المتهالكة الموجودة والفلكنات والقضبان المتهالكة هنستفاد كتير جدا".. يتابع.

"جودة" يطالب الحكومة ببيع ما تبقى من السيارات المتهالكة لشركات الحديد والصلب، في مقابل أن تأخذ الحكومة حديد خام، من تلك المصانع، تستغله في مشروعات الإسكان للشباب ومحدودي الدخل، مقدراً القيمة المالية لكل "الكراكيب" بما فيهم السيارات المتهالكة بـ 12 مليار جنيه، وطالب بتشكل لجنة بها شخص من هيئة الرقابة الإدارية وأخر مندوب عن النيابة العامة يقومون بالإشراف على الصفقة التي تبرمها الحكومة مع مصانع الحديد والصلب، وهذا سيؤدي للتخلص الكامل من السيارات المتهالكة، وتزيد المساحة التخزينية للشوارع التي تعتبر أشبه بجراجات، كما سيساهم ذلك في خفض سعر الحديد .

12 مليار جنيه مُهدرة

وطبقا لدراسة أعدها مركز الدارسات الاقتصادية وحصل مصراوي على نسخة منها، فإن الأشياء القديمة والمتهالكة، لا تقتصر على السيارات فقط، وإنما تمتد لوجود "كراكيب"، أعلى أسطح الوزارات والمنشآت الحكومية، وأنه لو تم استغلال تلك الأشياء القديمة والاستفادة منها كمواد خام، ستوفر ما لا يقل عن 12 مليار جنيه، كما رصدت الدراسة أن السيارات المتهالكة في الشوارع أصبحت ملاذاً لأطفال الشوارع، وبعض الأعمال المشبوهة، مطالبةً الدولة بسرعة تجميع هذه السيارات والاستفادة منها اقتصادياً.

السيارات المتهالكة والخردة

وحذرت من قيام محافظات القاهرة والجيزة بتجميع عدد من السيارات المتهالكة، ووضعها في مخازن بعيدة عن النطاق السكاني، بدون استثمار لتلك السيارات أو كبسها للاستفادة من المواد الخام منها، وعلى سبيل المثل وجود مئات السيارات المتهالكة في مخزن قريب من مدينة السادس من أكتوبر بعضها متواجدة منذ سنوات، دون الاستفادة منها.. حسب الدراسة.

مصراوي قام بجولة بأحد مخازن السيارات المتهالكة على أطراف محافظة الجيزة في طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوي، وتحديدا أمام مبنى قطاع الأمن المركزي الجنوبي، حيث يتواجد ما يقرب من ألفي سيارة ملاكي وميكروباص وأتوبيس قديم ومتهالك، بعض هذه السيارات لم يتبق منه سوى هيكله الحديدي، ومعظمها تم تصنيعه في سبعينيات القرن الماضي، بالإضافة لعدد كبير من "التوك"، لدى أصحابها مشاكل في تجديد الرخصة وبعضها وقع عليها غرامات، لكن المحافظة رأت أن تودع تلك "التكاكت" بجانب السيارات المتهالكة، في انتظار أن يأتي قرار بالتصرف في تلك "الخردة".

لم يتواجد أي شخص بجانب ما أطلقت عليه محافظة الجيزة "مخزن السيارات المتهالكة"، سوى خفير واحد فقط يتبع مبنى الأمن المركزي المقابل للمخزن، سيد مصطفى أمين شرطة وخفير على مخزن السيارات يؤكد لمصراوي، أن هناك عدد كبير من السيارات المتهالكة داخل المخزن، جاءت عن طريق حملات قامت بها محافظة الجيزة في شوارعها، والبعض الأخر "خردة" أرسلتها هيئة النقل العام، باعتبارها غير مفيدة بالنسبة لها.

صورة 4

"سيد" أكد أن جزء كبير من هذه السيارات قد مر على وجوده في المخزن عامين، ولم يأتي مسؤول من المحافظة يوضح ماذا سيفلعون بهذه السيارات المتهالكة؟، حتى الأن، مضيفاً أن المخزن الذي تصل مساحته لـ 3 ألاف فدان في الصحراء، يوجد بداخله، 300 "توك توك" مخالفين للقانون، وبدون رخصة مرورية، ولم يأتي أصحابها لاستلامها.

وعلى صعيد أخر في شرق القاهرة بدأ حي مدينة نصر حملة لرفع كافة السيارات المتهالكة والمتروكة بالشوارع ليتم تجميعها في قطعة أرض فضاء خصصتها المحافظة بحى مدينة السلام لتجميع السيارات المتهالكة بنطاق الحى ، خاصة السيارات التي لا تحمل لوحات معدنية، كما تم رفع 160 سيارة متهالكة بحي المطرية وحوالى 65 سيارة بحي عين شمس وإيداعهم بالمخازن.

"أي سيارة تقعد أكثر من شهر في مكان المفروض يتم التحفظ عليها ويسأل على صاحبها، لأن سهل يوضع فيها متفجرات وتنفذ عمليات إرهابية في المنطقة المحيطة بها".. بتلك الكلمات بدأ اللواء حسن سليمان رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية حديثه لـ مصراوي.

مطالبا محافظة القاهرة والجيزة ومباحث المرور بتجميع السيارات المتهالكة، في حالة عدم وجود "مالك" لها وبيعها "خردة"، لأنه يرى ضرورة الإستفادة من تلك السيارات التي أصبحت عديمة النفع لأصحابها وتشكل خطر أمني ومروري في بعض الشوارع الرئيسية في القاهرة والمحافظات.

8 مليون سيارة في مصر

عدد السيارات التي تسير في شوارع مصر حتى نهاية عام 2014 وصل لـ 7.9 مليون مركبة، وطبقا لبيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء والذي حصل مصراوي على نسخة منه، فإن محافظة القاهرة جاءت فى المرتبة الأولى بنحو 2.2 مليون مركبة، بينما الجيزة بـ 921.5 ألف مركبة، والإسكندرية بعدد 702.1 ألف مركبة.

وأكد البيان أن عدد السيارات المرخصة وصل لـ 4.1 مليون سيارة، ووصل عدد السيارات الملاكي لـ 3.7 مليون سيارة، والأجرة عددها 322.1 ألف سيارة، وسيارات الهيئات الدبلوماسية تصل لـ 7.2 ألف سيارة.

"المشكلة ليست في السيارات المتهالكة فقط، وإنما في السيارات القديمة التي تسير في شوارع القاهرة، وقد مر على تصنيعها أكثر من 20 عاماً، نصف المركبات التي تسير في مصر مر على تصنيعها 20 عاماً".. يوضح ذلك اللواء حسن سليمان رئيس شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية لـ مصراوي.

مؤكداً أي مركبة بعد مرور عشرون عاماً على تصنيعها، لابد أن يتم استبدالها بمركبة جديدة، لأنها تصبح ملوثة للبيئة وقطع غيارها تعتبر نادرة مما يجعلنا نستوردها من الخارج بالعملة الصعبة، كما أنها تعتبر سيارات متهالكة وتستهلك بنزين ضعف السيارات الحديثة، وأوضح أن هناك قانون للمرور يحدد مرور كل هذه السيارات لكن لا يتم تطبيقه، إلا على سيارات التاكسي فقط، "المفروض إن كل السيارات الملاكي والميكروباص اللي بقالها أكثر من 20 سنة يتم تغييرها، مما يجبرنا على استيراد 280 ألف سيارة كل عام من الخارج".. يتابع.

صورة 5

رئيس شعبة السيارات يؤكد أنه صدر قرار جمهوري منذ عامين فى عهد الرئيس السابق عدلى منصور، خاص بإلغاء تراخيص السيارات الأجرة والنقل التى مر على تصنيعها عشرون عاماً، موضحاً أنه من المفترض ان يتم تجديد السيارات القديمة عن طريق محافظ القاهرة والبيئة والمرور، من خلال استبدال أصحاب السيارة القديمة سياراتهم بسيارات جديدة ويقومون بدفع الفارق في السعر، عن طريق بنك ناصر الاجتماعي، وأعلن عن وجود مبادرة من شعبة السيارات خلال الشهور القادمة بطرح ألف سيارة ميكروباص جديدة، واستبدالها بسيارات "ترامكو" قديمة والتي مر عليها 40 عاماً.

وتابع "سليمان": هناك عدد من الدول العربية منعت ترخيص السيارات التي مر على تصنيعها 30 عاماً، لأنها ملوثة للبيئة لكن ه نا في مصر الأمر مختلف، رغم صدور قرارات وقوانين، هناك سيارات قديمة تعمل وأخرى "خردة"، لو تم منع ترخيص السيارات القديمة أو المتهالكة، وإلزام أصحابها بدفع غرامة مالية، هيستبدلوا سياراتهم بسيارات جديدة، ويتم الحفاظ على البيئة.

الإدارة العامة للمركبات بجهاز شئون البيئة حذرت في بيان لها أن السيارات القديمة والمتهالكة تزيد من تلوث البيئة، مؤكدةً أن نسبة المركبات القديمة التى تجاوزت الحدود المسموح بها من انبعاثات العوادم تراوحت ما بين 6% و12%، حسب نوع الملوث.

وذكر مصدر بجهاز شئون البيئة لمصراوي "رفض ذكر اسمه" أن المشكلة الكبرى في تلوث البيئة تأتي من السيارات التي مر على تصنيعها 30 أو 40 عاماً، بعضها لا يزال يسير في شوارع القاهرة، مؤكداً أن السيارات التي تم انتاجها قبل عام 2003 لابد ألا تتعدى نسبة أول أوكسيد الكربون الناتج عنها نحو 4.5%، بينما لا يجب أن لا تتعدى نسبته 2.5% لموديلات ما بعد عام 2003، موكداً أنهم في جهاز شئون البيئة يفحصون بشكل دوري السيارات وخصوصا القديمة، وإذا ثبت أنها ملوثة للبيئة يتم سحب رخصة قائدها وعمل محضر بالإضافة لتقرير فني لحالة السيارة ودفع غرامة لا تتجاوز الـ 500 جنيه طبقا للقانون.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان