"الدستور" مسيرة من الأزمات والانشقاقات.. فهل ينتهي حُلم البرادعي؟ (تقرير)
تقرير- محمد سعيد:
في 28 أبريل 2012، أعلن الدكتور محمد البرادعي، المرشح الرئاسي السابق والمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن تأسيس حزب سياسي عقب ثورة 25 يناير 2011، أطلق عليه اسم حزب الدستور.
وقال البرادعي، في مؤتمر صحفي لإعلان تدشين الحزب رسميًا، إن "الحزب هدفه توحيد صفوف المصريين وتحقيق أهداف الثورة، فعندما قمنا بثورة 25 يناير، لم يكن متوقعا أن تمر المرحلة الانتقالية بهذه المأساوية".
ولكن ما لم يتوقعه البرادعي أيضًا أن يمر حزبه بهذه "المأساوية" هو الآخر، فمنذ أن أعلن تأسيس الحزب، وهو يشهد حالة من التخبط والاعتصامات والاستقالات التي توالت عليه وكان آخرها الدكتور هالة شكر الله رئيسة الحزب.
وشدد البرادعي في البيان التأسيسي للحزب، على أن "الهدف من تأسيس الحزب هو نقل السلطة لجيل الشباب الذي فجر الثورة، والعمل على تكوين كوادر تتسلم مقاليد الحكم بعد 4 سنوات".
بداية الأزمات
ولكن أتت الرياح بما لا يشتهي البرادعي، ففي 7 يناير 2013، بدأت الأزمات بإعلان شباب الحزب الاعتصام داخل المقر الرئيسي بالقاهرة، معلنين رفضهم للقرارات التي اتخذها الدكتور محمد البرادعي رئيس الحزب، بتشكيل لجنة الإعداد للانتخابات البرلمانية، مشيرين إلى أن ذلك يتناقض جوهريا مع ما يطلبه الأعضاء من التصرف بصورة مؤسسية واتخاذ القرارات بعد التشاور.
وطالب الشباب في بيان لهم، بإقالة الأمين العام للحزب آنذاك الدكتور عماد أبو غازي، مؤكدين أن لجنة تسيير الأعمال فشلت في مهمتها بعبور الحزب إلى بر الأمان من خلال إتمام الهيكل التنظيمي للحزب، وتشكيل مكتب سياسي، بالإضافة إلى تمكين الشباب داخل الحزب كما وعد البرادعي في بيانه التأسيسي، مضيفين أن الحزب لا يطبق مبادئ الديمقراطية التي تأسس الحزب من أجلها.
وفي 21 مارس 2013، أعلن الدكتور حسام عيسي، أحد مؤسسي الحزب، عن استقالته، مؤكدًا أن هيكلة الحزب قد طالت بشكل غير مقبول. وأرجع عيسى سبب استقالته إلى ما وصفه بـ"محاولات التزوير التي يحاول البعض من خلالها ضمان البقاء الأبدي على مقاعد السلطة داخل الحزب".
الأزمات تتوالى
وفي 23 مارس 2013، أطلق شباب الحزب صفحة رسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" باسم "لا لاستقالة الدكتور حسام عيسى"، وأكدوا في بيان لهم أنهم يرفضون استقالة عيسى من الحزب، وهم بصدد عمل بيان للتوقيع عليه من شباب المحافظات والأمانات لرفض قبول الاستقالة.
وأضاف الشباب في بيانهم، "نحن منذ فترة نرى العديد من المحاولات للتخريب داخل الحزب وقد اتخذنا الإصلاح والعمل في صمت سبيلا لحل المشاكل إلا أن بعض الأطراف تظن أن هذا ضعف وتحاول استغلال خوفنا على الحزب في سبيل تمرير الفساد".
وطالب الشباب البرادعي رئيس الحزب، بإقالة كل من أحمد البرعي وعماد أبو غازي من الحزب نهائيا لتحملهم مسئولية كل الخراب الذي حدث بالحزب في الفترة الماضية، كما طالبوا بإتمام الهيكلة طبقا لقواعد الانتخابات التي أقرها الدكتور حسام عيسي بالانتخاب الحر المباشر والإعلان عن مواعيد واسماء الأعضاء الذين لهم الحق في الانتخاب قبلها بأسبوع على الأقل.
وتم تدارك الأزمة بإعلان جميلة إسماعيل، أمين التنظيم بالحزب، ما أطلقت عليه "خارطة طريق" لوضع نهاية للأزمة التي يمر بها الحزب إثر اعتصام عدد من أعضائه بالمقر الرئيسي لاعتراضهم على إدارة الحزب، والتي وافقت الهيئة العليا عليها لاستكمال الهيكلة وإجراء الانتخابات بأمانات المحافظات المتبقية.
وتضمن مقترح "جميلة" تشكيل لجنة توافق وتسوية منازعات، وفتحت أمانة تنظيم الحزب باب الشكاوى والطعون على الإجراءات التي تمت لهيكلة أمانات الحزب سابقا في محاولة لاحتواء غضب الشباب، مؤكدة أن حزب الدستور سيودع فصلًا قاسيا من عمره، تمهيدا لعقد المؤتمر العام لحزب مصر الكبير، وسننطلق بكيان تنظيمي قوي شعبيا وجماهيريا وسياسيا"، فضلا عن ان "لجنة فض المنازعات" ستنظر فقط في الشكاوى الجادة.
استقالات جماعية
ولكن لم يُكتب لحزب الدستور أن تستقر الأمور داخله، فسريعًا ما تشتعل الأمور داخله مرة أخرى، حيث ضربت عاصفة من الاستقالات أسوار حزب الدستور وكان على رأس المستقيلين الدكتور عماد أبو غازي الأمين العام السابق للحزب، والدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي الأسبق، وجورج إسحاق، وكمال عباس وشادي الغزالي حرب وإسراء عبد الفتاح وناصر عبد الحميد وعضوي لجنة الخمسين أحمد عيد وعمر صلاح.
البداية كانت عندما أعلن الدكتور هاني سرى الدين رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب استقالته في تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، مؤكدا أنه أحيانا يكون الانسحاب هو الأفضل لتوجيه الجهد لما هو أجدى وأثمن من مجرد خلافات حزبية ضيقة، وأن الخلاف في حزب الدستور كان مرتبطا بالبناء المؤسسي للحزب واستكمال هياكله.
وفي 10 أغسطس2013، تقدمت الإعلامية بثينة كامل باستقالتها والتي قبلها السفير سيد قاسم المصري رئيس الحزب لتسيير أمور آنذاك، حيث كانت هماك خلافات بين "بثينة" وجميلة إسماعيل أمين عام الحزب في هذه الفترة.
انقسام بسبب الانتخابات
17 يونيو 2015، شهد حزب الدستور انقسامًا داخليًا مجددًا، بسبب إعلان كشوف الناخبين ممن لهم حق التشريح والتصويت في انتخابات الحزب المقرر لها 29 من الشهر ذات الشهر، وبعد إعلان الدكتورة هالة شكر الله، رئيس الحزب، عدم نيتها خوض الانتخابات مرة أخرى، عقب رفض إقرار اللائحة الجديدة التي طرحتها على أعضاء الحزب ورفضها الشباب.
وسادت حالة من الغضب بين أعضاء الحزب بين الجبهتين المتنافستين داخل الحزب، الأولى تضم قائمة "معا نستطيع" وتمثل التيار الثوري في الحزب وتضم خالد داوود المتحدث الإعلامي للحزب، وهاني الجمل ومؤيدي هالة شكر الله وجميلة إسماعيل، والقائمة الثانية بشعار "نبني البديل" والتي يقودها أنصار الدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي الأسبق، والمستقيل من الحزب بعد سفر البرادعي خارج البلاد.
وتسبب إعلان كشوف الناخبين ممن لهم حق الترشح والتصويت في الانتخابات حالة من الاستياء من قائمة "معاً نستطيع" بعد أن تبين استبعاد عدد كبير من الأعضاء من الكشوف على رأسهم جميلة إسماعيل المرشحة السابقة لرئاسة الحزب، فيم تم إدراج "البرعي" وجورج إسحق المنسق الأسبق لحركة كفاية في الجداول رغم استقالتهما في 2013 وعدد ممن استقالوا معه، وهو ما تسبب في هجوم عنيف على اللجنة المشرفة على الانتخابات واتهامهم للدولة بمحاولة السيطرة عل حزب الدستور من خلال وزير سابق بحكومة حازم الببلاوي، رغم عدم إعلان البرعي رسمياً خوضه انتخابات رئاسة الحزب.
وكل الأمور تشير إلى ترشح عدد الشباب بدعم من جميلة إسماعيل في مواجهة أحمد البرعي بعد أن أعلنت عن عدم رغبتها في الترشح على موقع رئيس الحزب هذه المرة.
استقالة "شكر الله"
أعاد قبول الهيئة العليا بحزب الدستور خلال اجتماعها، أمس السبت، 22 أغسطس 2015، لاستقالة الدكتورة هالة شكر الله، رئيسة الحزب، من منصبها، فيما تولى تامر جمعة القيام بأعمال رئيس الحزب، على أن يتم إجراء الانتخابات خلال شهر وإعادة جميع إجراءاتها من البداية.
وباءت كل المحاولات لإثناء "شكر الله" عن استقالتها بالفشل، حيث طالب الآباء المؤسسون لحزب الدستور في بيان لهم، شكر الله أن تتراجع عن الاستقالة، ولكن دون فائدة حيث أنها رأت أن الحزب وصل إلى دخل في حلقة مفرغة، ولا بديل عن الاستقالة.
وقالت "شكر الله"، في بيان استقالتها، إن قرار الاستقالة جاء بسبب وصول الحزب إلى حلقة مفرغة من التعقيدات التي قد تطول ما يهدد مسيرة الحزب وقدرته على الفعل بصورة واضحة، مؤكدة أن استقالتها جاءت في محاولة لخلق انفراجه للأزمة الراهنة التي يعيشها الحزب.
البرادعي يتحمل المسؤولية
"الدكتور محمد البرادعي يتحمل مسؤولية ما وصل له حزب الدستور من تدهور، فهو لم يكن رجل سياسة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل كان يثير المشاكل داخل الحزب" هكذا يقول الدكتور أحمد دراج أحد مؤسسي الحزب الأوائل.
وأضاف دراج، في تصريحاته لمصراوي، أن الحزب منذ الإعلان عن تأسيسه وهو يشهد العديد من الصراعات الداخلية، مرجعًا ذلك إلى عدم ارثاء قواعد تنظم العمل داخل الحزب لتفادي هذه الأزمات.
وأكد دراج، أن الحزب كان يدار بـ"شلاليه"، مضيفًا أن الحزب كان مخترقًا من أشخاص لا يعملون من اجل الحزب ولكن من اجل مصالحهم الشخصية، قائلًا: "جميع القرارات داخل حزب الدستور كانت تصدر دون الرجوع إلى قواعد الحزب".
وأضاف وكيل مؤسسي حزب الدستور، أنه حزين على ما يحدث داخل الحزب، مؤكدًا أن وفاة شعراوي عبد الباقي عضو أمانة 6 أكتوبر لحزب الدستور، إثر إصابته بأزمة قلبية بعد انفعاله في مشادات في اجتماع أمانة الحزب بالجيزة حول إعادة الهيكلة واختيار الأمانات، كانت بداية إدراكه أن الحزب لن تتحسن أحواله، قائلًا: "شعرت بخيبة أمل كبيرة، ولم أتوقع أن تصل الأمور إلى ما هي عليه الآن".
فيديو قد يعجبك: