إعلان

بعد الربيع العربي: التحرش والتمييز أبرز مصاعب الصحافيات

12:32 م الإثنين 15 يونيو 2015

برلين (دويتشه فيله)
ساهمت الكثير من الصحفيات والناشطات العربيات في تفعيل الحراك السياسي والاجتماعي في البلدان العربية وظهور ما يعرف بالربيع العربي. وكُنَّ من بين المطالبات بالعدالة وتوسيع حرية التعبير، فهل تحسن وضعهن بعد مرور سنوات على ذلك؟

لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الكبير الذي لعبته الناشطات والصحفيات العربيات في الثورات الأخيرة (الربيع العربي)، التي شهدتها بعض الدول العربية. فيكفي أن نتذكر من مصر أسماء محفوظ، التي ينسب إليها الكثيرون الفضل في الدعوة إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير من خلال نشرها فيدو يدعو إلى التظاهر قبل الثورة بأسبوع معرضة بذلك حياتها للخطر.

وفي تونس التي انطلقت منها شرارة الربيع العربي، تصدرت الصحفيات جنبا إلى جنب مع زملائهن الرجال مشهد الأحداث عندما اقتحمن المظاهرات وقمن بتصوير ما يجري فيها للعالم متحدين كل الأخطار.

ونفس الشيء ينطبق على دول عربية أخرى، شهدت حراكا سياسيا، كسوريا والمغرب واليمن والبحرين.

وكان الهدف من ذلك كله هو التخلص من قيود الظلم والتمتع بحرية أفضل وعلى رأسها حرية التعبير.

لكن الآن وبعد مرور سنوات على الثورة في مصر وتونس هل أصبحت الحرية التي ناضل، بل وقتل من أجلها البعض، واقعا معاشا أم أن المشهد لم يختلف كثيرا، ولربما ازداد سوءا، خصوصا فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الصحفيات أثناء ممارستهن لعملهن؟

الصحفيات المصريات صرن أكثر عرضة للاعتداءات
شهيرة أمين، صحفية معروفة، استقالت من العمل في التلفزيون المصري وانضمت إلى المتظاهرين في ميدان التحرير أثناء ثورة يناير، وفي حديث مع DW عربية تؤكد شهيرة أن الثورة المصرية لم تحقق حتى الآن الأهداف التي قامت من أجلها، لا سيما في مجال حرية التعبير. فقد عادت حرية التعبير للوضع الذي كان في أيام مبارك، إن لم يكن أسوأ، "حيث عادت الخطوط الحمراء من جديد وأصبح العمل الصحفي أكثر صعوبة، خصوصا للمرأة".

وتنبه شهيرة، التي تعمل حاليا مراسلة لموقع "اندكس أون سنسورشيب" أن الصحفيات المصريات أصبحن أكثر عرضة للتحرش الجنسي ولاعتداءات منهجية. واقع تؤكده أيضا الهيئات والمؤسسات الدولية التي ترصد أوضاع حرية الصحافة. فعلى سبيل المثال، اعتبرت منظمة "فريدوم هاوس الأمريكية" أن حرية الصحافة في مصر الآن هي الأسوأ منذ 11 عاما.

من جهتها تقارن الصحفية التونسية خولة شباح بين واقع العمل الإعلامي قبل وبعد الثورة في تونس بالقول: "قبل الثورة كانت التغطية الإعلامية تقتصر في الغالب على النشاطات الرسمية والمؤتمرات والندوات، لكن بعد ذلك أصبح الصحفي يغطي المظاهرات والاحتجاجات وأنشطة سياسية مهمة، مما شكل له تحديا جديدا في البداية؛ بسبب عدم تعوده على مثل هذه الأمور".

غياب الصحفيات التونسية عن مناصب قيادية
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الصحفيات التونسيات، فيبدو أن الوضع أفضل نسبيا من مصر، فحسب الإحصائيات الرسمية فإن عدد الصحفيات التونسيات في ازدياد حيث يشكلن حاليا 50.9 في المئة من مجموع العاملين في قطاع الإعلام.

كما أن الصحفية التونسية تتواجد الآن أيضا في الأماكن الخطيرة لتغطية الأحداث الإرهابية في الجنوب وعلى الحدود مع ليبيا.

لكن رغم ذلك لا تزال الإعلامية التونسية تعاني من مشاكل أخرى كالتحرش والابتزاز وعدم تكافئ الفرص في الترقية وبلوغ مراتب قيادية في المؤسسات الإعلامية.

توضح شباح قائلة: "عمل الصحفيات في الغالب يقتصر على الأخبار والتغطية الميدانية، ونادرا ما نجد صحفيات يتقلدن مهام رئاسة التحرير أو إدارة الشأن الصحفي داخل المؤسسة".

الصحفيات المصريات يجدن أنفسهن في كثير من الأحيان غير قادرات عن التعبير عن موهبتهن بشكل كامل بسبب قيام رؤسائهن في الصحف بمنعهن من تغطية الأحداث الميدانية الساخنة بدعوى أنها أنثى ويُخشى عليها من أن تصاب بأذى، وهو أمر ترفضه المصورة الصحفية إيمان هلال، التي قامت بتوثيق أهم لحظات ثورة 25 يناير بعدسات كاميراتها.

وتقول في حوار مع DWعربية: "كانت لدي مواقف تم منعي من الذهاب إلى التصوير بداعي أن هذا الحدث يتطلب إرسال شبان صحفيين بدل شابات لأنهم أكثر تحملا للمخاطر. لكني أرى في ذلك تمييزا ضد المرأة وحاجزا في طريق ارتقائها في مجال عملها".

إضافة إلى ذلك تشير المصورة المصرية إلى غياب الدعم من بعض رؤساء العمل بسبب قيود اجتماعية وأحيانا بسبب الخوف المبالغ فيه. وكمثال على ذلك تقول هلال إنها أنجزت قصة مصورة عن التحرش الجنسي في مصر ترصد فيه مظاهر مختلفة للتحرش، لكن جزءً من الصور فقط هو الذي تم نشره، بدعوى أن تلك الصور "غير لائقة".

ومن الأمثلة أيضا التي تشير إلى تراجع حرية التعبير في مصر، إعلان قناة "أون تي في" (ONTV) المصرية وقف تعاونها مع قناة دويتشه فيله (DW) بسبب "قرارات سيادية" بعد استضافة مقدمة البرنامج ريم ماجد للمصورة إيمان هلال التي تحدثت فيه عن توثيق ثورة 25 يناير وما بعدها.

وتعليقا على ذلك قالت إيمان هلال لـ DW عربية: " توقعنا أن يتوقف البرنامج بعد الحلقة. حاولت أن ألتزم الحياد قدر الإمكان". مضيفة: " أستغرب أننا وصلنا لهذا الحد، مجرد الحديث عن وقائع حصلت في مصر في وقت معين دون اتهام أحد يؤدي إلى مثل هذه النتيجة ويتوقف البرنامج".

لكن هلال أكدت في الوقت ذاته أنها لم تتعرض إلى مضايقات أو تهديدات، سوى بعض اللوم من بعض الأشخاص، الذين عابوا عليها التحدث على مثل هذه المواضيع في هذا الوقت بالذات.

"فترة مرسي لم تشهد سجن صحفيين"
بدورها تقارن شهيرة أمين بين الفترات التي تلت ثورة 25 يناير حتى الآن فيما يخص حرية التعبير في مصر وتقول: "كنت أقول الحقيقة في عهد مبارك وكانت تأتيني تهديدات أمنية. وفي عهد الدكتور مرسي لم أتعرض قط لمضايقات وكانت أكثر فترة فيها حرية بالنسبة لي ولم يتم فيها سجن أي صحفي، أما الوقت الحالي فهو في رأي أسوء فترة للصحفيين في مصر".

الوضع في تونس بعد الثورة أفضل نسبيا، خصوصا في ظل إنشاء مؤسسات ترصد الانتهاكات التي تتعرض لها الصحفيات والصحفيين وأيضا بسبب سن قانون جديد يلغي العقوبات الجسدية ضد الصحفي، بالإضافة إلى توقيع تونس دوليا على ضمان الحق في الوصول إلى المعلومة.

رغم ذلك تطالب خولة شباح بضرورة التكتل والحفاظ على المكتسبات التي جاءت بها الثورة، خصوصا في ظل المخاوف من تراجع في حرية التعبير بعد "الاعتداء الممنهج" الذي تعرض له الإعلاميون والإعلاميات مؤخرا في شارع بورقيبة عند تغطيتهم لمسيرة تتساءل عن البترول في تونس.

ولتحسين ظروف عمل الصحفيات في العالم العربي تدعو شهيرة أمين إلى ضرورة إنشاء شبكة للتواصل بين الصحفيات العربيات والدوليات لتبادل التجارب والاستفادة من خبرة بعضهن البعض؛ من أجل تطوير الممارسة الإعلامية والتمتع بحرية التعبير، التي كانت أحد المطالب الأساسية في ثورات الربيع العربي سواء في مصر أو تونس أو باقي البلدان العربية.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان