هل تخضع تقارير الطب الشرعي للسياسة؟
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت-دعاء الفولي:
يشتعل الرأي العام بين فترة وأخرى، حين يموت مواطن أو مجموعة من الأشخاص في حادث ذات شبهة سياسية، وتمتلئ وسائل الإعلام عن آخرها بالخبر. عقب ثورة يناير، ظهر اسم مصلحة الطب الشرعي في الصورة بشكل ضخم، وفيما تتواتر الحوادث كان ثمة تصريحات قد يراها البعض مستفزة أو غير مفهومة من قبل الهيئة الطبية، بينما يرى آخرون أنها غير مستقلة بشكل كامل، ومع الوقت أصبحت الأحداث السياسية التي تخلف قتلى عبئا جديدا على عاتق الهيئة التي لم تُنشأ إلا لتكون مُجردة تماما من الضغوط.
كانت واقعة عزل المتحدث باسم "الطب الشرعي"، هشام عبد الحميد، قد جاءت عقب تصريحاته التي قال فيها إن شيماء الصباغ ماتت بالخرطوش بسبب نحافتها؛ ما صدّر صورة سلبية عن مصداقية تقارير الهيئة، وجاء في قرار إعفاءه أنه ظهر إعلاميا دون إذن مدير الهيئة، وتعد تلك الحالة من التوتر ليست جديدة، فكان السباعي أحمد السباعي -الرئيس الأسبق للمصلحة- قد تم إعفاءه من منصبه، عام2011، بعد شهادة العاملين معه بتزويره تقارير شهداء الثورة، وأخذه أوامر من أجهزة سيادية.
وفي عهد رئيس الجمهورية الأسبق محمد مرسي، وعقب مقتل الشاب محمد الجندي فبراير 2013، توجهت أصابع الاتهام إلى وزارة الداخلية، وقال أحد الشهود إن "الجندي" تم تعذيبه في معسكر أمن مركزي، لكن التقرير الأول للهيئة قال أنه تعرض لحادث سيارة، بينما طالبت أسرته وقتها بتشكيل لجنة ثلاثية من الأطباء الشرعيين لفحصه، فخرجت نتيجة التقرير الثاني أنه لم يمت نتيجة حادث سيارة ولم يتعرض للدهس، واستمرت القضية بين أخذ ورد، حتى حسمتها النتيجة النهائية للنيابة، مؤكدة موته بحادث سيارة.
كان مقتل "الجندي" ضمن سلسلة من الحوادث التي أوقعت "الطب الشرعي" في فخ "تسييس" قراراته، وصار البعض يظن أن التقارير تخرج بنتائج يريدها الشارع للتهدئة أحيانا، أو يتبع رأي أجهزة سيادية في الدولة أوقاتا أخرى.
قال مصدر بوزارة العدل، إن عمل الطب الشرعي ليس مسيسا في الأساس، لكنه قد يبت في قضايا لها طابع سياسي، أما تدخل وزارة العدل في شئون "الطب الشرعي" فقد نفاه المصدر، لأن الهيئة تخضع لـ"العدل" بشكل إداري ومالي فقط، مؤكدا أن ما حدث للطبيب "عبد الحميد"، هو إعفاءه من منصب المتحدث الرسمي لكنه سيظل على نفس الدرجة الوظيفية، ومديرا لمشرحة زينهم، والقرار الذي اُتخذ بشأنه تنظيمي داخلي من قبل مصلحة الطب الشرعي.
أما ما يحدث من تضارب قرار حظر النشر والتصريحات الطبية التي تخرج للإعلام، كحال المتحدث السابق باسم الهيئة في قضية "الصباغ"، فهو أمر تنظمه النيابة مع أطباء الهيئة، لكن من جهة أخرى فحق تداول المعلومات مكفول بمواد الدستور المصري، لكنه ليس مفعل، ولا يوجد قانون لتنظيمه.
ماجدة هلال، كبير الأطباء الشرعيين الأسبق، أوضحت أن العمل داخل الهيئة، يقوم على إدلاء الطبيب المسئول عن التشريح باستنتاجه العلمي "الموضوع بيبقى عامل زي لعبة بازل وبنركب الدلائل في أماكنها"، ثم يعود الأمر للأطباء في المنصب الأعلى لمراجعة التقرير قبل تسليمه للنيابة "احنا لا نخضع سوى لضميرنا وربنا، مش لسياسة ولا غيره".
تقارير الطب الشرعي ليست ملزمة للمحكمة "احنا هيئة بتلجأ لنا النيابة وممكن متاخدش برأينا لو هي مش عايزاه"، حسبما أضافت "هلال" التي خرجت على المعاش منذ يناير الماضي، فالمصلحة هي حلقة الوصل بين الطب والقانون.
وتؤكد "هلال" أن وزارة العدل رغم أنها مسئولة بشكل تمويلي فقط عن المصلحة، غير أن ذلك لم يمنعها وآخرين من المطالبة بفصل عمل "الطب الشرعي" عن الوزارة، قائلة: "العدل فيها ناس أفاضل لكنهم مش فاهمين طبيعة شغلنا، اللي بتحتاج مصاريف وإمكانيات طبية معينة، ممكن يتأخروا فيها وتأثر على عملنا، لكن مش عشان الشبهة لأن طول مانا كنت في منصبي عمر ما حد أملى عليا حاجة"، وتضيف أن هيئة الطب الشرعي في مختلف دول العالم قد تتبع وزارة العدل أو الصحة، أو تصبح هيئة بميزانية مستقلة، كما يحدث في ألمانيا ـ
إذا أخطأ طبيب بشكل فني متعلق بتقرير عن جثة، فإن لجنة مشكلة من الأطباء الأعلى منصبا هي المخولة بمحاسبته، على حد قول "هلال"، وإذا ثبت خطأه بشكل متعمد قد ترفع اللجنة تقريرا إلى وزارة العدل، توصي فيه بشكل العقاب حسب مدى فداحة الفعل.
ترى "هلال" أن إقحام السياسة في عمل الطب الشرعي سببه تناول الإعلام للحدث، فـ"تحريف" المعلومات الواردة في تقارير الهيئة قد تحول الحادثة من عادية إلى سياسية "أنا كطبيبة بعاين الجثة اللي قدامي وبصورها وأطلع تقريري مليش دعوة هي اتجاهها السياسي ايه ولا جاية منين"، على حد تعبيرها، مؤكدة أنه إذا لم يراعِ المتكلم باسم الهيئة أنه يتحدث إلى أشخاص غير متخصصين طبيا، فسيتم تأويل كلامه بشكل خاطئ.
فيديو قد يعجبك: