لماذا اختار "داعش" ليبيا لتكون عاصمته الجديدة؟
كتب - محمود أحمد :
بعد الضربات الكبيرة التي تلقاها في قلب معقله بسوريا والعراق، بدأت أنظار قيادات تنظيم داعش الإرهابي تتوجه إلى دولة أخرى يتخذوا منها مركزًا يتواجدوا فيه للاستمرار في شن هجماتهم الإرهابية، وتحقيق حلم "الدولة" الذي يراودهم، والمخطط الإجرامي لإشعال المنطقة العربية والسيطرة على الشمال الإفريقي خاصة مصر والجزائر وتونس والمغرب، فوجد ليبيا هي الملاذ الآمن له فعمل على التوطن فيه لتحقيق أهدافه.
بدأ مخطط التنظيم الإرهابي بالسيطرة على عدة مدن ساحلية ليبية وأهمها "سرت، ودرنة، وطرابلس"، وكشف خلال اليومين الماضيين عن وجود عدد من قياداته في ليبيا ممن تولوا زمام التنظيم ورئاسته في سوريا والعراق، مشيرًا إلى أنهم سافروا منذ فترة في ليبيا لمساعدة من وصفهم بـ"المجاهدين" لتنفيذ مخططهم عبر مدن ليبيا خاصة بعد سيطرته على "سرت" ومحاولات وضع يده على "مصراتة" بعد الاستيلاء على جزء منها، الأمر الذي يتيح له جعل ليبيا المركز الجديد له.
طلب الدعم من سيناء
وطالب تنظيم "داعش" في ليبيا "أنصار بيت المقدس"، عبر إصدار مرئي له، بإرسال عدد من عناصر التنظيم الموجودين بمصر خاصة من الكوادر الطبية التابعة للتنظيم الإرهابي، وخاطب أبومحمود بن يوسف، أحد عناصر تنظيم "داعش" عناصر تنظيم "بيت المقدس" على أحد المواقع الجهادية التابعة للتنظيم الإرهابي قائلًا لهم: "ليبيا تحتاج إليكم كما قلت من قبل يا مسلمي ليبيا اذهبوا إلى ليبيا".
واعتبر القيادي بـ "داعش"، أن ليبيا هي مفتاح مصر لإفريقيا ومفتاح أوروبا، مُطالبًا عناصر التنظيم الإرهابي من الكوادر الطبية بمصر التوجه فورًا إلى ليبيا لنجدة ما وصفهم بإخوانهم المجاهدين من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي.
كما بث المكتب الإعلامي لتنظيم "داعش" الإرهابي بالبرقة تسجيلًا مرئيًا بعنوان "رسالة إلى الكوادر الطبية"، طالب فيها الكوادر الطبية بمصر الانضمام لـ "داعش" قائلًا: "المجاهدون بحاجة لكم ولا حجة لكم عن تقاعسكم في تلبية نداء الجهاد".
في الوقت الذي توافد فيه قيادات التنظيم الإرهابي إلى ليبيا بعد تصفية عدد كبير من القيادات السابقة هناك لقيادة العمليات في مصر وتونس والجزائر وتوجيه المقاتلين، لإقامة ولايات جديدة في مصر وأجدابيا بليبيا وتونس.
طرق تهريب العناصر
وأكد ما يعرف بـ"شورى مجاهدي درنة"، الأقرب إلى تنظيم القاعدة الإرهابي، أن التنظيم بليبيا نجح في تهريب قيادات وعناصر جديدة إلى "ليبيا" عبر الأراضي السودانية والتونسية وعبر البحر من تركيا، خلال الثلاث أشهر الماضية، من أبرزهم -صاحب الألقاب المتعددة- "تركي البنعلي"، إضافة إلى "أبوسفيان السلمي، وأبوضرغام وأبوهمام الأثري"، ويعد من أبرز قيادات التنظيم الدعوية في سوريا، ومن أبرز تلاميذ "سلمان العودة" الداعية السعودي.
خطوات البقاء
أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي بليبيا، اليوم الأحد، تأسيس ما أسماه بـ "جهاز الشرطة الإسلامية"، وانتشارها في ضواحي مدينة "سرت"، على غرار جهازه الشُرَطِي بسوريا والعراق.
وأظهر إصدار جديد للتنظيم، انتشارا مكثفا لعناصره، في شوارع "سرت"، لتنظيم حركة المرور، وسيارات دفع رباعية تحمل أعلام "داعش"، وحملات تفتيشية على الطرق الرئيسية بالمدينة، وتخصيص مبنى سابق للحكومة الليبية مقرًا لجهازهم الجديد.
يأتي هذا في الوقت الذي يسعى التنظيم الإرهابي، لإعلان عاصمته الثالثة في مدينة "أجدابيا"، لتوطيد أركان دولته، بعد تضييق الحصار عليه في سوريا والعراق، بسبب الهجمات التي تشنها قوات التحالف الدولي والقوات الروسية.
ويسعى التنظيم يسعى في الفترة المقبلة إلى إنشاء محاكم شرعية، ودواوين تعليمية، وبيت مال للغذاء، ونقل كل مفاصل دولته إلى "ليبيا"، التي يعتبرها أكثر أمانًا، حيث أغفلت قوات التحالف الدولي، تمدد التنظيم السرطاني وانتشاره في "ليبيا"، ولم توجه له أي ضربات محددة داخل الجماهيرية.
قمع المواطنين
نفذ التنظيم الإرهابي سلسلة من عمليات الاغتيالات في مدينة "أجدابيا"، كان آخرها ضد ثلاثة من المدنيين في منطقة الحي الصناعي، بخلاف سلسلة الاغتيالات التي نفذها مؤخرًا ضد رجال الدين ونشطاء المجتمع المدني والسياسيين، من بينها اغتيال الشيخ السلفي "سليمان رمضان القبائلي" إمام وخطيب مجسد التوحيد، والشيخ مفتاح العوامي، نهاية أكتوبر الماضي، معتمدًا على "القنص" كطريقة أساسية لقتل جنود الجيش والشخصيات العامة.
ونشر التنظيم في مدينة "درنة"، صورًا لتدريبات مقاتلين جدد ضمن عناصره، وتوعد بتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية بهم خلال الفترة القادمة، تحت اسم "دفعة جديدة من أنصار الخلافة"، وتصديرهم إلى أجدابيا لإحكام سيطرته عليها.
الخطورة الكبرى
وتعليقًا على خطورة انتشار التنظيم ومحاولته السيطرة الكاملة على ليبيا، قال أحمد بان، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والجهادية، إن ليبيا بوابة مطلة على مصر، ويتخذها التنظيم للبقاء فيها باعتبارها الملاذ الأمن البديل بعد ضرب أغلب مواقعه في سوريا والعراق، وتشديد الجيش الروسي على خطواتهم بإنشاء قاعدة جديدة في سوريا.
وأوضح بان، في تصريحات لخاصة لـ"مصراوي"، أن الروس عازمين على تطوير هجومهم على "داعش" بإنشاء قاعدة صواريخ "باليستية"، بجانب إطلاق القذائف وصورايخ "كروز" عليهم من بحر قازوين.
وقال الخبير في شئون الجماعات الإسلامية إن لجوء التنظيم لليبيا، يرجع لامتلاكها حدودًا واسعة وكبيرة، بجانب سيطرة مقاتلين للتنظيم على الساحل الإفريقي، والبيعات المتتالية التي يحصل عليها من الساحل الإفريقي تساعده في تقوية جبهاته خاصة مع قربة من جماعة "بوكوحرام" النيجيرية، وأنصار بيت المقدس في مصر، وبالتالي قد تصبح مصر ذاتها أمام كماشة بنشاط داعش من غربها، وشرقها، وجنوبها بسعي التنظيم الإرهابي للتمدد في السودان أيضًا، والعمل على تنفيذ عمليات في داخل مصر كتفجير السفارات والقنصليات لتنفيذ مخططه.
فيديو قد يعجبك: