متظاهرون ينتظرون "برلمان 30 يونيو" على الرصيف- تقرير
كتبت - نورا ممدوح:
في الوقت الذي تقف فيه مصر على بعد خطوات من انتهاء الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق، لتشكيل برلمان شرعي يناقش مشاكل المواطنين التي دفعتهم لاختيارهم كممثلين عنهم أمام الدولة، يسلك البعض سبيل آخر للمطالبة بحقوقهم التي لا تنتظر الانتهاء من الانتخابات البرلمانية والوصول لحالة الاستقرار التي ترجوها الحكومة .
تشهد هذه الفترة ارتفاع في وتيرة الاحتجاجات في عدد من القطاعات التي يختلف منظموها في اختيار شكلها سواء كانت وقفات احتجاجية أو إضرابات عن العمل كوسيلة للضغط للفت الأنظار إليهم في المطالبة بحقوق يرونها مشروعة، على أمل أن تنجح هذه الوسائل في تحقيق ما يرجونه مثل طلبة الثانوية العامة .
العلاوة الاجتماعية
كرد فعل على تأخر صرف العلاوة الاجتماعية بنسبة 10% والتي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي بصرفها لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، امتنع عمال شركة المحلة للغزل والنسيج عن صرف رواتبهم لمدة ثلاث أيام ومن ثم أعلنوا دخولهم في إضراب عن العمل وإيقاف جميع مصانع الشركة اعتراضاً على عدم صرفها على شركات قطاع الأعمال العام .
في حين فشلت محاولات إدارة الشركة تهدئة العمال من خلال صرف بدل الغذاء ٣٠٠ جنيه بدلا من ٢١٠ وهو ما رفضة العمال، وأعلنوا استمرارهم في الإضراب لليوم الخامس على التوالي، إلا أن الإدارة اتخذت قرار بإحالة ٣ عمال إلى الشئون القانونية ومنعهم من دخول المصنع لحين الانتهاء من التحقيق بتهمه التحريض على الإضراب.
كما أضرب عمال شركة غزل كفر الدوار عن العمل بكل أقسام المصنع، مطالبين بالعلاوة الـ١٠٪ وتشغيل المصنع بكامل طاقته، وضد خصخصة الشركة وتضامنًا مع مطالب عمال غزل المحلة.
حامل الماجيستير
خبر اعتادت العين رؤيته على المواقع الإخبارية بشكل شبه يومي، "وقفة احتجاجية لحملة الماجيستير والدكتوراه للمطالبة بالتعيين"، لم يمل هؤلاء المتفوقون من تكرار وقفاتهم الاحتجاجية، دون أن يكون لها صدى يُهدئ من غضبهم، فعلى الرغم من تنظيمهم لوقفاتهم أمام مجلس الوزراء إلا أن لا أحد من الحكومة لا تزال تدرس قضيتهم.
تعددت طرقهم التي استخدموها في تظاهراتهم للفت الأنظار، فتارة يرفعون "الكوسة" احتجاجاً على عدم تعيينهم في الجهاز الإداري بالدولة، ورمزا ضمنياً بأن الوساطة والمحسوبية هي التي يتم التعامل بها في التعين وليس الكفاءة والشهادة، وتارة أخرى يشعلون النار في شهاداتهم بعد أن أيقنوا أنها ليس لها قيمة في بلدهم .
الصحف
حملة تصفية يشنها أصحاب الأعمال على الصحفيين بعدد من المؤسسات الصحفية، من بينها جريدة التحرير والمصري اليوم والشروق، نظم على إثرها مئات الصحفيين وقفات احتجاجية على سلالم نقابة الصحفيين للمطالبة بالعودة لعملهم، بعد قرار الفصل الذي وصفوه بالتعسفي والمفاجئ وبدون إعطائهم مستحقاتهم المادية.
ويتحدث أصحاب المؤسسات الصحفية بأنها تتعرض لخسائر فادحة هى التي أجبرته على إغلاق الجريدة وتصفية الصحفيين العاملين بها مثلما حدث في جريدة التحرير، وقاموا على إثر هذا القرار بتنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية والتي لا تزال مستمرة حتى وصل الأمر إلى قيام أحد الصحفيين بمحاولة الانتحار وسكب الجاز على جسده لإشعال النيران لولا تدخل زملائه وإنقاذه.
وفي أحياناً أخرى تختلق إدارة المؤسسة سبباً ترى أنه كافياً لفصل أعداد ليست بالقليلة من عمالة المؤسسة، مثلما حدث مع صحفيي المصري اليوم، وذلك بعد فصل عدد كبير منهم بسبب أنهم يعملون في أماكن أخرى غير جريدتهم، ولكن الصحفيين أعلنوا دخولهم في اعتصام بنقابة الصحفيين للمطالبة بتدخل مجلس إدارة النقابة لوقف حملة التصفية بالجريدة.
معركة الـ10 درجات
هتاف تعالت به أصوات طلاب الثانوية العامة على مدار أيام وأسابيع متواصلة، اعتراضًا على قرار وزير التربية والتعليم الهلالي الشربيني، بتخصيص 10 درجات للسلوك والغياب لطلاب الثانوية العامة، وهو ما دفعهم للخروج ضده في عدد من التظاهرات والتي كان أبرزها أمام وزارة التربية والتعليم، بأعداد كبير تصل للمئات.
بعد عدة وقفات نظمها طلاب الثانوية العامة، خرج شريف إسماعيل رئيس الوزراء، بقرار أثلج قلوب الطلاب، بتجميد هذا القرار، وذلك في ضوء المناقشات التي تمت مع الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم، حول استكمال تطوير منظومة الثانوية العامة بكل عناصرها.
وعلى خلفية ذلك صرح وزير التربية والتعليم، بأن تجميد قرار درجات الحضور والسلوك لطلاب الثانوية العامة؛ لا يتعارض مع قانون التعليم الذي يلزم الطالب بالحضور بنسبة 85%، مشيرًا إلى أن تسجيل الغياب الكترونيًا سوف يستمر وإذا تجاوز الطالب نسبة الغياب المقررة سيتم فصله.
هيئة الأوقاف
نظم عاملون بهيئة الأوقاف، وقفة احتجاجية، اليوم الأحد، أمام ديوان الهيئة بالدقي، اعتراضًا على قرار وزارة المالية بوقف صرف الحد الأدنى للأجور، وتخفيض أجور العاملين بالهيئة، باعتبارها هيئة استثمارية لا تدخل ضمن قرار الحد الأدنى للأجور .
ورفع المشاركون في الوقفة لافتات منددة بقرارات الحكومة منها، "احنا موظفين مش شحاتين"، "جميع العاملين بالهيئة ومناطقها يقولون لا لتخفيض الأجور"، "لكل المسئولين أين الحد الأدنى للأجور"
تشهد الهيئة – خلال الفترة الأخيرة- غضب من العاملين بالديوان العام وأفرع الهيئة، مما أدى إلى دخولهم في إضراب عام عن العمل، عقب إصدار وزارة المالية وهيئة الأوقاف قرارًا بتخفيض رواتب الموظفين إلى أكثر من 40%، ومطالبتهم بإعادة الزيادات التي تم صرفها خلال الشهور الثلاثة الماضية، بواقع 300 جنيه شهريًا.
يشار إلى أنه قبل ثلاثة أشهر صرف موظفو هيئة الأوقاف، وفقًا للحد الأدنى للأجور الذي أقرته الدولة "1200 جنيه"، إلا أن الحكومة قررت إلغاء القرار باعتبار الهيئة استثمارية لا تدخل ضمن قرار الحد الادنى، وبالتالي انخفضت المرتبات من جديد إلى 1200 جنيهًا شهريًا إلى 600 جنيهًا فقط.
برلمان يفتقر للشرعية السياسية
ومن جانبه أرجع جمال زهران أستاذ العلوم السياسية، لجوء المواطنين للاحتجاج، للأزمة الأصلية المتمثلة في أن السلطة القائمة لم تستطيع أن تستجيب لمطالب الثورة وهي العدالة الاجتماعية والتي تعتبر الأصل في استقرار المجتمع .
وتابع زهران -في تصريح لمصراوي- أن العدالة الاجتماعية هى التي تمكن الدولة من عمل انتخابات شرعية، ولكن في ظل ما تمر به البلد فإن هذه الانتخابات تفتقر الشرعية السياسية التي تتمثل في قبول الشعب لها وهو ما لم يتحقق وظهر جلياً في امتناع المواطنين عن الذهاب للانتخابات كما كان متصوراً وكانت النتيجة اننا دخلنا في نفق التزييف.
وأكد أن البرلمان القادم مزيف ويفتقر إلى الشرعية والشعب لا يرغب في قبوله لأنهم لم يتمكنوا من تحقيق العدالة والحرية التي تخلق انتخابات سليمة، قائلا "مثل من يبنى عمارة بدون أساس ومش هنتحرك للأمام".
مرحلة إنقاذ الوطن
وقالت نهى بكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمريكية، إن الاحتجاجات ليست بجديدة، وأنه على القيادة السياسية أن تقيس نسبة الاحتجاجات بشكل مستمر للتعامل معها، وإذا كانت النتيجة بأن هناك زيادة في نسبتها فهذا يعني أن هناك تواطؤ من الحكومة
وأضافت بكر -في تصريح خاص لمصراوي- أنه إذا تم تقسيم الاحتجاجات، فإن الاحتجاجات الفئوية في ظل هذا التوقيت التي تمر به البلاد حيث كانت على شفا حرب أهلية، فإنه ليس من المفترض أن يتم عمل إضرابات عمالية في مرحلة إنقاذ الوطن لأن نتائجه ستكون وخيمة، وأنه لابد من التفاوض لحل المشاكل وليس الاحتجاج.
وتابعت: "البرلمان القادم عليه أدوار كبيرة من بينها المراقبة والتشريع وسيناقش مطالب المواطنين وإذا لم يتم وضع حل لها فإنه في هذه الحالة يلجأ للاحتجاجات، ولكن الدولة اقتصادها في أزمة حقيقية ولابد من محاولة التفاوض للوصول لحل قبل اللجوء إلى الاحتجاج".
فيديو قد يعجبك: