مخاطر التقسيم تطل برأسها على سوريا بعد التدخل العسكري الأجنبي
اسطنبول - (د ب أ)
يقول ارون شتاين الباحث في المجلس الاطلسي ومقره العاصمة الامريكية واشنطن إن "سورية في الواقع يجري تقسيمها وفق مصالح قوى إقليمية ودولية معنية بالصراع".
ويضيف شتاين "التدخل الروسي يضر بجهود تركيا لأنه يعزز موقف الأسد"، مشيرا الى ان موسكو تدخلت بعد أن ترنح الأسد، حليفها العربي الرئيسي في الشرق الأوسط.
ومن جهتها، صعدت التطورات الأخيرة في سورية من حالة غضب تركيا وقلقها هذا الاسبوع، حيث أصدر رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو تحذيرا حادا بعد ما تردد عن اسقاط الولايات المتحدة ذخيرة لمقاتلين أكراد يحاربون تنظيم الدولة الإسلامية - داعش-.
وأكد صالح مسلم، زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب السياسي الكردي الرئيسي في سورية، أن 50 طنا من الذخيرة أسقطت للمقاتلين الأكراد وحلفائهم.
وقال مسلم لوكالة انباء الفرات الموالية للمسلحين الأكراد في تركيا وسورية "هذه هي مجرد البداية، سيتم إرسال المزيد من الأسلحة".
ولم تؤكد الولايات المتحدة لمن سلمت المساعدات العسكرية بالضبط، لكنها قالت فقط إن كمية الذخيرة الصغيرة هذه ذهبت إلى جماعات سورية عربية تحرت عنها واشنطن أمنيا.
وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "الهدف من ذلك هو البناء على بعض النجاحات التي حققتها تلك القوات في تطهير الأراضي السورية وهي مدعومة بضربات جوية للتحالف".
ويعتبر مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردي القوة الأكثر فعالية على أرض الواقع حيث دحروا متطرفي تنظيم الدولة الإسلامية وتلقوا مساعدة بشكل منتظم من الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة.
وأعلنت وحدات حماية الشعب الكردي مؤخرا تشكيل ائتلاف أوسع مع بعض الميليشيات العربية، على الرغم من أن محللين أشاروا إلى أن الأكراد يظلون القوة الرئيسية في التجمع الجديد.
وظهرت مؤشرات من داخل سورية تفيد بأن القوات الكردية وحلفاءها قد يتقدمون قريبا نحو عاصمة الأمر الواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الرقة.
وقال قائد كتيبة معظمها من العرب ومقربة من وحدات حماية الشعب الكردي لموقع "سورية مباشر" انهم حصلوا بالفعل على أسلحة لكنه لم يحدد مصدرها.
وقال القائد مستخدما اسما مستعارا "لقد تلقينا وعودا تتعلق بمساعدات عسكرية في المستقبل، وفي الحقيقة بدأنا بالفعل في تلقي معدات لإبادة [تنظيم الدولة الإسلامية] في مدينة الرقة وريفها".
وأكثر ما يشغل تركيا هو أن وحدات حماية الشعب الكردي في سورية تؤجج المشاعر القومية بين الاقلية الكردية وأن الأسلحة المرسلة إلى الدولة الجارة يمكن أن ينتهي بها المطاف في أيدي حزب العمال الكردستاني المسلح.
ويرتبط حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض صراعا مع الدولة التركية منذ عام 1984، ارتباطا وثيقا بوحدات حماية الشعب الكردية.
وقال داود أوغلو في سياق تحذيره من ان تركيا يمكن ان تتخذ إجراءات "لن نتردد ولو للحظة، إذا اصبحت مساعدات الاسلحة المرسلة الى حزب الاتحاد الديمقراطي القريب جدا من الحدود التركية تمثل تهديدا لتركيا بأي شكل من الأشكال".
ويأتي القلق في تركيا في الوقت الذي ترى فيه أنقرة أن المتمردين الذين يقاتلون الرئيس بشار الأسد في وضع سيئ مع تدخل روسيا الشهر الماضي لمساعدة القوات الحكومية.
وتدعم تركيا منذ فترة طويلة فصائل المعارضة، بما في ذلك بعض الجماعات الإسلامية المتشددة التي رفضتها الدول الغربية كشركاء.
وفي حين أن روسيا، التي تقع قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط في غرب سورية، قالت في بادئ الامر انها تشن ضربات جوية لاستهداف تنظيم الدولة الإسلامية، فإن معظم عمليات القصف التي تقوم بها، بما في ذلك نيران المدفعية، استهدفت قوات المعارضة.
وقال حسن سليم أوزيرتيم، الباحث في منظمة البحوث الاستراتيجية الدولية ومقرها أنقرة، ان "روسيا تحاول أن تقوم بخطوة كبيرة نحو دعم نظام الأسد".
وتحرز قوات الأسد، التي ظلت لأشهر تحت ضغط وتواجه خسائر، حاليا تقدما. وتتأهب هذه القوات للاستحواذ على قسم استراتيجي من محافظة حمص من المعارضة.
وفي الوقت الحالي، يبدو ان الخط الاحمر بالنسبة لتركيا سيكون وقوع أي اسلحة في نهاية المطاف في أيدي حزب العمال الكردستاني - خاصة بعد أن انهار وقف اطلاق النار مع الحزب في يوليو - مما أدى إلى تجدد الصراع داخل تركيا وأسفر عن مقتل المئات.
كما لن تتسامح تركيا مع اكتساب الأكراد السوريين، الذين يتجهون نحو الغرب عبر نهر الفرات ، أراض جديدة في شمال سورية، في منطقة يسيطر عليها حاليا تنظيم الدولة الإسلامية. وتريد تركيا أن تحصل فصائل متمردة على هذه المنطقة الواقعة على طول حدودها.
ولكن كل هذا يشير إلى احتمال فشل سورية في المستقبل المنظور في أن تصبح دولة موحدة ذات حكومة مركزية لها السيادة الكاملة ، حتى وإن كان هذا ضد مصالح بعض القوى الكبرى المعنية بالصراع، وخاصة تركيا.
وتبقى العديد من التطورات الرئيسية ماثلة على المشهد: تدخل روسيا لتأمين الأراضي لصالح الحكومة السورية; إصرار تركيا على تحديد من يستطيع التحكم في مساحات شاسعة من الأراضي في الشمال; دعم المملكة العربية السعودية للجبهة الجنوبية المتمردة قرب الأردن; والدعم الإيراني لحزب الله الشيعي على طول الحدود اللبنانية.
فيديو قد يعجبك: