إعلان

زيادة المصروفات الدراسية..معاناة الأسر المصرية كل عام والتعليم تتجاهل الأزمة

01:43 م السبت 13 سبتمبر 2014

العام الدراسي

تحقيق- علياء أبوشهبة:

أيام قليلة و يبدأ العام الدراسي الجديد، يوم 20 من شهر سبتمبر الجاري وفق ما هو محدد، لكن تبقى المصروفات الدراسية صداع في كل بيت مصري، ما زاد من العبء هذا العام هو الزيادة في المصروفات الدراسية، بما تشمله من مصروفات المدرسة والملابس والأدوات المكتبية، وغيرها من البنود التي يرتفع سعرها بشكل متزايد بعيدا عن رقابة الدولة.

بورصة مصروفات المدارس

مصروفات المدارس تبدأ من 45 جنيها وتصل إلى 100 ألف جنيها، بطبيعة الحال تختلف المصروفات حسب نوع المدرسة والتعليم الحكومي هو الأدنى.

تبدأ المصروفات الدراسية لطلاب المدارس الحكومية بالنسبة لطلاب رياض الأطفال في المدارس الحكومية تبلغ 45 جنيها، و60 جنيها للابتدائي، و65 جنيها للإعدادي و85 جنيها للثانوي العام، و75 جنيها للثانوي الفني، و70 جنيها لدبلوم الدراسات التكميلية.

الفئة التالية لها هي المدارس التجريبية وعادة يقبل عليها الأهالي لأن أعداد الطلاب في الفصول لا يزيد عن 40، والالتحاق بها يعتمد في بعض المدارس على الواسطة للالتحاق بالمدرسة، وهي التي تصل مصروفاتها إلى 2000 جنيها، بينما المدارس التجريبية العادية والتي زادت مصروفاتها هذا العام إلى 600 جنيها مقابل 500 جنيها العام الماضي.

قبل أيام أكد الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، في تصريحات صحفية على هامش مؤتمر ''التنمية المهنية المستدامة للمعلمين وتطوير أدائهم''، على أنه لا زيادة في المصروفات المدرسية بالمدارس الحكومية، إلا أنه في المقابل أعلن الوزير عن زيادة مصروفات، المدارس الخاصة، والتي تم تحديد شرائح لزيادة المصروفات بها، بزيادة قدرها 17% للمدارس التي تقل مصروفاتها عن 600 جنيه، و3% للمدارس التي تزيد مصروفاتها على 4 آلاف جنيه.

إلا أن الواقع وفقا لما رصده مصراوي من خلال جولة لمعرفة مصروفات المدارس الخاصة يشير إلى وجود زيادات تفوق النسبة التي حددها أبو النصر، وشملت زيادة أسعار الزي المدرسي ومصروفات أتوبيس المدرسة، هذا بخلاف الزيادة في أسعار الأدوات المكتبية لذلك شهدت بضائع الرصيف رواجا لمواجهة الزيادة السعرية.

وفقا لما رصده مصراوي تتنوع مصروفات المدارس الخاصة وفقا لمستوى المدرسة، تنقسم مستويات المدارس إلى ثلاث مستويات، تتراوح مصروفات المستوى الأول في المتوسط بين 6 ألاف جنيها وحتى 8 ألاف جنيه، والمستوى الثان من المدارس تبدأ مصروفاتها من 8 ألاف جنيها و حتى 14 ألف جنيها، وهي مدارس اللغات التي تضم مباني للمدارس الدولية، أو من المدارس التي تتخذ الفيلات القديمة مقرا لها، لذلك تستوعب الفصول أعدادا بسيطة من الطلاب، في المقابل يكون فرع نفس المدرسة الموجود في المدن الجديدة مثل الشروق وطريق مصر إسماعيلية والتجمع الخامس و الأول والثالث ومدينة السادس من أكتوبر، هي الأعلى في المصروفات، لأنه في هذه الحالة تضم المدرسة ملاعب جولف وحمامات سباحة.

المستوى الثالث للمصروفات الدراسية يبدأ من 15 ألف جنيها و يتراوح بين 40 و 60 و 80 وحتى 120 ألف جنيها، وذلك للمدارس الدولية منها الأمريكية والبريطانية والكندية.

شكاوى بلا مجيب

نرمين عبدالله والدة الأطفال التوأم ياسين وجنى، الطلاب في المدرسة المصرية للغات، تحدثت لمصراوي عن زيادة المصروفات الدراسية هذا العام لتصل إلى 13 ألف جنيها، مقابل 11 ألف العام الماضي، و10 ألف و 500 جنيها العام قبل الماضي، ما دفع عدد من أولياء الأمور للتقدم بشكاوى إلى وزارة التربية والتعليم، اتفقوا على تقديمها بعد مشاركتهم الشكوى عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، إلا أن هذه الشكاوى لم تأت بثمارها، وهو ما تعتبره نرمين أمرا محبطا لعدم وجود رقابة فاعلة من الدولة على زيادة المصروفات الدراسية المبالغ فيها.

كما تضررت نرمين أيضا من الزيادة التي شملت باقي البنود الأخرى من ملابس و أتوبيس وأحذية وحقائب مدرسية وجوارب، والتي اعتبرتها مؤشرا لاستمرار غياب رقابة الدولة في كافة المجالات، موضحة أن أسعار الحقائب المعروضة في المكتبات الكبرى في مدينة نصر اختلفت تماما عن المماثلة لها المعروضة في ميدان الجامع في حي مصر الجديدة.

فيما يتعلق بالأدوات المدرسية، لم تجد والدة ياسين وجنى طريقة للتوفير والتحايل على إرتاع الأسعار، نظرا لأن إدارة المدرسة تطلب أنواعا معينة من الأدوات المكتبية والألوان، بكميات تعتبرها مبالغا فيها، مشيرة إلى أن إدارة المدرسة تعيد غالبية هذه الأدوات في نهاية العام الدراسي.

معاناة الطبقة المتوسطة

في السياق ذاته تحدثت نجوى حسن، والدة الطفل حمزه، الذي يدرس في مدرسة طيبة المعادى، عن الزيادة التي شهدتها المصروفات الدراسية بشكل غير مبرر في كافة البنود، فضلا عن تضررها من تخصيص نسبة خصم لأبناء العاملين في قطاعات القضاء والشرطة والجيش، وكأن من دون ذلك لا يستحق الخصم في حين أن الجميع يتشارك المعاناة بسبب إرتفاع الأسعار، وتحدثت عن لجوءها إلى عروض التوفير التي تقدمها محلات الهايبر الكبرى للتغلب على الزيادة المستمرة في أسعار الأدوات المكتبية.

أضافت قائلة :'' أبناء الطبقة المتوسطة يهتموا بالمظهر حتى على حساب أساسيات أخرى للحفاظ على مستواهم الاجتماعي، لكن استمرار زيادة الأسعار التي لا يقابلها زيادة في الدخل تعتبر هي الكابوس الذي لا نعرف كيفية مواجهته، فالتعليم الجيد هو أقل ما يمكننا تقديمه لأبنائنا، لكنه أصبح أمرا صعبا''.

أشارت مي هارون، والدة نادين وسما، إلى ارتفاع مصروفات الكتب المدرسية، والتي تحفل بالأخطاء. ما يدفع المدرسة لإرسال مذكرات تضم المنهج الدراسي، هذا بالإضافة إلى الاعتماد على الكتب الخارجية، والدروس الخصوصية.

إيمان مرتضى، لا تجد بديلا عن دفع 4800 جنيها مصروفات أتوبيس المدرسة الذي يوصل أبنائها من مقر سكنها في مدينتي بزيادة 800 جنيها عن العام الماضي، لأنها لا تجد بديلا أخر، وهو ما تعبره أمرا مبالغ فيه، خاصة أن إدارة المدرسة صرحت باحتمالية زيادة الاشتراك في حالة إرتفاع أسعار البنزين مرة أخرى.

غياب دور الدولة

دكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي قال لمصراوي إن الزيادة المبالغ فيها في أسعار المصروفات الدراسية وعدم الالتزام بنسبة الزيادة التي حددها وزير التربية والتعليم، هي نتاج طبيعي لغياب دور الدولة، وحالة الفوضى التي نشهدها منذ سنوات، مع غياب تطبيق القانون.

أشار عبده، إلى أن غياب الرادع القانوني دفع المدرسة التي التزمت بتعليمات وزارة التربية والتعليم ولم يوقع أي عقوبة على المدرسة المجاورة لها غير الملتزمة إلى تقليدها، ليصبح الضرب بتعليمات وزير التربية والتعليم عرض الحائط هو التصرف الطبيعي أمام عدم إتخاذ الوزارة أي موقف حازم تجاه المدارس المخالفة، ولو أغلقت مدرسة واحدة سوف تلتزم باقى المدارس، لكن ذلك لم يحدث.

أضاف الخبير الاقتصادي قائلا إن وزير التربية والتعليم الحالي جاء استمرار إختياره في منصبه أثناء تسريب امتحانات الثانوية العامة على الانترنت، في حين أن الواقعة كفيلة بإقالته من منصبه، معربا عن أمله السابق عندما تولى رئاسة الجمهورية شخص من خلفية عسكرية لكي يفرض الالتزام بالقانون، وهو الأمل الذي تبدد مع استمرار غياب تطبيق القانون.

باستمرار التواصل مع هانى كمال، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، للإجابة عن مصير شكاوى أولياء الأمور بخصوص زيادة المصروفات الدراسية، رفض الرد على مصراوي لمدة أسبوع.

تدنى التعليم مقابل زيادة المصروفات

في شهر أكتوبر الماضي صدر تقرير التنافسية العالمية لعام 2013/ 2014، الذى يصدره المنتدى الاقتصادى العالمى سنويا حول أهمية الابتكار وقوة البيئات المؤسسية، احتلت فيه مصر المرتبة الأخيرة بين الدول فى جودة التعليم الأساسى، حيث احتلت المرتبة 148، مما يضعها فى الشريحة الأدنى من البلدان.

تدني مستوى التعليم مع زيادة المصروفات الدراسية، والأحداث السياسية التي أدت لتعطل الدراسة كلها عوامل دفعت ''أم علي''، بائعة الخضار في سوق محطة مترو سعد زغلول، إلى إخراج ابنها من مدرسته الابتدائية التي لم يفلح في الحصول على شهادتها على مدار عامين، ''ده لا بيعرف يجمع و لا يطرح ده أنا بحسب أحسن منه خليه يساعدنى أحسن''.

''أم عبده'' السيدة الأربعينية التي تتولى الإنفاق على أسرتها من خلال تنظيف المنازل، بعد مرض زوجها مبيض المحارة، قررت هي الأخرى إبعاد ابنتها الكبرى عن الدراسة في مدرسة الصنايع قبل حصولها على دبلوم الزخرفة بعام، ''يعنى هي تعمل بيه إيه خليها تجيب تمن شوارها أنا لسه في رقبتي إخواتها الأصغر''.

تحدثت عن أيضا زيادة أسعار الزي المدرسي، إضافة إلى الأدوات المكتبية، والمواصلات، وهو ما يعنى زيادة المصروف اليومي لابنيها.

''كل ولد يا خد قميص أخوه الأكبر والمدام تقدر تضبطه عليه''، هكذا تحدث محمود حافظ، الموظف في الفترة الصباحية في مصلحة الضرائب، وسائق التاكسي في الفترة المسائية، عن طريقته في تدبير مصروفات الدراسة لأبناءه، متحدثا عن حلمه أن ينال أولاده تعليم أفضل مما ناله، لكنه يعود ليتذكر أن ''العين بصيرة''، وأنه يبذل قصارى جهده من أجل إطعام أسرته المكونة من ثلاث أولاد في مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي.

كما تحدث عن تحايله على غلاء الأدوات المكتبية باستخدام كراسات العام الماضى التي لم تنفذ جميع أوراقها بقطع المستخدم واستبدال المادة والسنة الدراسية.

500 جنيها، هو مبلغ الزيادة الذي لاحق ماجد خليل، الموظف في هيئة المجتمعات العمرانية، عند دفع مصروفات مدرسة الراهبات التي تدرس فيها ابنته ريموندا في المرحلة الإعدادية، وهي الزيادة التي شملت المصروفات الدراسية، والزي والكتب المدرسية، ما اعتبره يزيد من أعباءه، إضافة إلى الزيادة التي يتوقعها في أسعار الدروس الخصوصية.

غياب إرادة الإصلاح

اعتبر دكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، التفاوت الكبير في قيمة المصروفات الدراسية إفراز طبيعي لما فعله نظام مبارك في جعل التعليم في مصر عبارة عن نوعان الأول يضم 10% من أبناء الشعب ممن يدرسون في المدارس الدولية والخاصة، التي مهما زادت مصروفاتها سوف يقدر عليها أبناء الأثرياء وأصحاب النفوذ.

أضاف مغيث قائلا :'' كنت أعتقد بعد حدوث ثورتين إصلاح منظومة التعليم لكن الطبقية تزيد في ظل غياب دور الدولة المتمثل في وزارة التربية والتعليم المعنية بعلاج الأمر ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وهو ما يخلق الاحساس بالفوضى نتيجة عدم الالتزام بتنفيذ القرارات الوزارية، في حين أن وزير التربية والتعليم يمتلك الصلاحية الكافية لوضع أي مدرسة خاصة تحت الإشراف المباشر للوزارة، لكن الوزير لا يستخدم صلاحياته''.

أزمة مدرسة ''الرواد''

حيرة وقلق لا حدود لهما يسيطران على أولياء أمور الطلاب في مدرسة الرواد، الذين تفاجأوا منذ عشرة أيام بخبر اعتقدوا في البداية أنه شائعة، لكنه بكل أسف تبين صحته، وهو أن مبنى المدرسة مهدد بالانهيار بسبب أعمال الحفر التي قامت بها شركة في الأرض المجاورة لمقر المدرسة، ما أدى إلى حدوث شرخ في السور المواجه للشركة، وحدوث هبوط أرضي.

الواقعة أدت إلى انقسام أولياء الأمور بين مبادر بسحب أوراق أبناءه من المدرسة واللهث من أجل البحث عن مقعد شاغر في أي مدرسة أخرى مهما كان مقرها أو مصروفاتها، أو حتى مستواها الدراسي، قبل بدء العام الدراسي بمدة تقل عن شهر، في المقابل فضل بعض أولياء الأمور الانتظار إلى حين حل الأزمة.

منى عبدالرحيم، والدة الطلاب كريم ونور، تحدثت لمصراوي عن أزمة مدرسة الرواد قائلة:'' عقب التأكد من صحة ما سمعناه تواصل أولياء الأمور الغاضبين مع مدير المدرسة، وبتكرار الشكاوى المقدمة إلى وزير التربية والتعليم توجهت لجنة من الوزارة ومن هيئة الأبنية التعليمية وكلية الهندسة جامعة القاهرة، أكدت صلاحية المبنى ولكن بعد إجراء إصلاحات تقوم بها شركة المقاولون العرب، تم تحديد تاريخ مبدئي لبدء الدراسة بعد نهاية عيد الأضحى، لحين إنتهاء الإصلاحات.

وسط جهود وزير التربية والتعليم لطمأنة الأهالي والتأكيد على اهتمام رئيس الحكومة بالأمر، تظل مخاوف أولياء الأمور من وقوع ما لا يمتلكون الجرأة على التفكير فيه حتى في أسوأ كوابيسهم.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان