لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الوحدات الصحية في مصر.. هل تؤدي دورها أم مجرد ديكور؟

11:18 م الثلاثاء 01 أبريل 2014

كتب - أشرف بيومي:

''مجرد ديكور'' بتلك الكلمات وصفت الحاجة تحية مصطفي، ربة منزل، الوحدة المحلية بقرية باسوس والتي جاءت لها لتوقيع الكشف علي ابنها المريض، مؤكدة علي أن مستوي الخدمات في الداخل متدني ولا يوجد بها أي رعاية بالرغم من تحديثها مؤخرا.

وأيدتها في ذلك سنية الشافعي والتي قالت أنها جاءت لأول مرة للوحدة نظرا لسابق معرفتها بعدم وجود أي اهتمام داخلها وهو بالفعل ما تأكدت منه تلك المرة.

قطعت حديثها امرأة يبدو عليها ملامح التعب تُدعي ميرفت لتقول أن الوحدة ''مش كويسة'' ودائما ما يعتذروا عن عدم وجود كشف، وأظل أبحث كثيرا للحصول علي التطعيمات لابني، ولو ربنا كرمك وكشفت بتاخد نفس العلاج اللي بياخده الناس كلها.

''هذا المكان لا يهتم إلا بالحوامل والأطفال ولكن لا يُغيث مريض، ناهيك عن عدم وجود أطباء علي مستوي عالي من الخبرة، فهو حقل تجارب لأطباء حديثي التخرج، بل ويقوموا بالذهاب لبيوتهم في وقت مبكر'' تقول عائشة عمار، التي تؤكد علي أن العملية داخل الوحدة مقتصرة علي التطعيمات ووسائل تحديد النسل فقط.

بينما أشارت شيماء سيد، أنها تلقت التطيعمات الخاصة بمولودها بشكل منتظم دون تقصير من أي شخص داخل الوحدة، لتؤكد علي وجهة نظر سابقتها في أن الوحدة متميزة في التطعيمات فقط.

انتظار الفنيين

مبانٍ حديثة ومساحات قليلة من الحدائق في مدخل تلك الوحدة الصحية والتي يبدو عليها حداثة تجديدها، حيث استوقفني الدكتور نبيل شبل، أخصائي طب وجراحة الفم والأسنان، والمنوط به مسئولية الوحدة الصحية، للرد علي كل المشاكل التي تواجه الناس، ومدي كفاءة نظام العمل بها.

قال شبل في حديثه لمصراوي أن الوحدة تم تطويرها مؤخرا تحديدا أواخر 2011 وتزويدها بالعديد من الأجهزة والغرف الجديدة، إضافة الي تطوير أجهزة التحاليل وعيادة الأسنان والأشعة.

وتابع: ''لكن المشكلة تكمن في أن الوحدة يتوفر بها كل ما سبق والتي لم تكن موجودة من قبل إلا أنه لم يتم تشغيلها حتي الأن، نتيجة انتظارنا للفنيين والمهندسين ليقوموا بتركيبهم مع جهاز السونار لتدريب الأطباء والممرضين عليها''.

ولم يعترف شبل بأي مشاكل داخل الوحدة سوي عدم تواجد أخصائي، والتي يتم تدارجها عن طريق انتداب أخصائيين لمدة يوم واحد في الأسبوع، إضافة الي الحاق الأطباء حديثي التخرج بدورات تدريبية كل أربعة أسابيع.

ومن العراقيل التي تواجههم تفضيل النساء للكشف عند طبيبة وليس طبيب لأنهم في مجتمع ريفي_علي حد قوله، ولكننا نحاول توعية الناس علي قدر المستطاع.

حقل تجارب

''كلام ليس له أي أساس من الصحة''، هكذا رد شبل علي أقاويل الناس بأن الوحدات الصحية حقل تجارب لحديثي التخرج، معللا ذلك بأن طبيب التكليف الممارس هو من يعمل داخل الوحدة وليس طالب الامتياز.

وهذا ما نفته جملة وتفصيلا الدكتور سمر محمد، والتي تعمل بوحدة صحية اخري تُدعي 26 يوليو الصحية، حيث أكدت علي أن أطباء الوحدة يتخرجون من الجامعة ولم يتعلموا كل شئ، ونحاول تدارج ذلك عن طريق التكليف، فيتم توزيعنا علي وحدات الرعاية الصحية الأولية ''الوحدات الصحية ومراكز طب الأسرة''.

''هناك بقي الموضوع ظريف جدا'' بدأت سمر حديثها عن الوحدة بتلك الكلمات، مضيفة'' من الأخر كده انت رئيس جمهورية نفسك''، وهو ما فسرته بأنهم من الممكن أن يتخصصوا أطفال ثم نساء ثم باطنة، بل من الممكن أن تعمل علي السونار وتتابع حالة حمل وهو ما لم تره من قبل.

وتشير سمر، الي أن الكارثة في تركهم لحالات مصابة بالكبد والسكر والقلب لتقرر من تلقاء نفسك متي سياخذ الدواء ومتي يوقفه، وإذا فكرت تمشي صح وتكتب العلاج السليم لن تجد إلا نوعين أو ثلاثة من الأدوية لكل حالة.

وأضافت في حديثها لمصراوي: ''إذا حاولت أن تكتب روشتة علاج من الخارج، لا يقتنع المريض بها ويصمم علي أنه جاء للوحدة وقطع التذكرة لكي يأخذ الدواء من هنا، بالرغم من ان معظمه ضعيف وغير مناسب للحالة لعدم قوة المادة الفعالة به''.

وأكدت علي أن قسم الاستقبال والطوارئ في أي وحدة صحية لا يستطيع إنقاذ أي حالة، ولا توجد له أي اسعافات.

وذكرت سمر موقف حدث لها في أول أيام عملها مع مريض، تابعت حالته بعد زميل لها وهو مصاب بالضغط، فأخبرها المريض أن تكتب له نوع معين من الدواء، وعندما اعترضت عليه وأخبرته كيف لك أن تعلم صلاحية الجرعة لك فلابد أن تقيس ضغطك، ليخبرني بأنه يتمني أن يُقاس له ولو لمرة واحدة، وعندما بحثت عن الجهاز اكتشفت أن قسم التمريض يحتجز الجهاز لعدم تشغيله أو ارهاقهم، ومن المفترض أن هناك تفتيش دوري عليهم!.

ولكن ما يحدث أن التفتيش يكون علي دفتر الحضور والانصراف وقطع التذاكر والتطعيمات أو عدد الأدوية بالصيدلي، ولكن أي شيء يخص المريض أو المواد الناقصة في حجرة الطبيب ليس لها أي قيمة في حساباتهم طالما أن الدنيا ماشية.

ولم يختلف الوضع كثيرا داخل تلك الوحدة عن سابقتها، حيث تعددت شكاوي المواطنين ما بين تكرار نفس الدواء وانعدام الخدمات وعدم توفير مستلزمات طبية حديثة لتوقيع الكشف علي أي حالة طارئة.

إجراءات روتينية

وردا علي حديث سمر، أكد الدكتور شبل أن طبيب التكليف يعمل عند تعيينه في الوحدة طبيب أسرة، بمعني أنه يكشف باطني وأطفال ونساء وجراحات، وهذا لا يعني أنه متخصص في كل المجالات ولكنه علي دراية بقشور كل تخصص، وعندما تأتيه حالات صعبة يحولها لأخصائي في المستشفى المركزي التابع لها الوحدة.

ونوه شبل علي أن الوحدة لا يوجد بها دكتور متخصص أنف وأذن ولكن أمراضه معروفة يمكن علاجها بسهولة، اما الحالات المستعصية تُحول للمستشفى، مضيفا أن مرحلة التجارب هي سنة الامتياز وبعد ذلك يصبح الطبيب ذو خبرة الي حد ما.

وشدد علي أن التطعيمات تتم داخل الوحدة بشكل جيد وليس أي هناك شكاوي بخصوصها، وأن أكثر العقبات التي تواجه المواطنين هي الأمور الإدارية والروتين الذي لا ذنب لنا به، فمثلا اجراءات الشهادة الصحية لراغبي الزواج إذا تم إبلاغ الزوجين بوجوب ذهابهم لمكان اخر بالقناطر يصيبهم الملل ولكنها امور لا مفر منها.

وتابع: ''كذلك التطعيمات الخاصة بالحج والعمرة تكون في مكتب الأسرة بالقناطر مما يجعل الناس تشتكي من هذا الروتين ونحن ليس لنا أي يد في ذلك ونقف أمام شكاوي الناس متفرجين فقط''.

قلة الأدوية

وتطرق شبل في حديثه عن ندرة الأدوية الموجودة والتي تعتبر غير كافية ولا تتوفر بكميات كبيرة، مؤكدا علي أنهم ملتزمون بصالون طبي يعطي الأدوية بالتساوي بين جميع القري بصرف النظر عن ارتفاع العدد، ودائما ما يخبروننا بوجود زيادة مستقبلا ولكنه ''كلام فاضي''.

وردا علي حقيقة توزيع عدد معين من الأدوية علي جميع المرضي، أجاب بأن السبب في ذلك قلة جودة الدواء، إضافة الي ارسال الادارة نوع معين من المضادات والذي لا يصلح في بعض الأحيان لفئة عمرية معينة، فالمشكلة سببها عدم النظام.

ويقول أن الادارة تتبع نظام ''اللي هيجي هيتوزع'' مع العلم أننا نرسل طلبية نحدد فيها ما نحتاجه، لنُفاجئ بالرد بان الكميات غير كافية.

وأفاد شبل انهم يقوموا بتقديم حملات توعية عن طريق ادارة التثقيف الصحي والتي تقدم النصائح للناس في شتي المجالات الصحية، وتخصيص يوم معين للتوعية ببرامج التعذية المناسبة لمرضي السكر والضغط، وهناك ممرضة داخل كل واحدة للتثقيف أيضا.

وناشد الوزارة بضرورة زيادة عدد الأدوية والمستلزمات الطبية.

بعد الانتهاء من الحديث مع الطبيب، وأثناء توجهي للباب الرئيسي، ناداني شخص رفض ذكر اسمه مكتفيا بقوله أنه يعمل مساعد معمل داخل الوحدة ولديه بعض المعلومات التي يريد اخباري بها.

استهل حديثه قائلا أن الوحدة صُرف عليها مبالغ كبيرة لتجديدها ووضع رخام علي الواجهة، دون الاهتمام بتواجد عمال داخل الوحدة لعدم وجود تعيينات وضعف المرتبات.

ويقول أن الأطباء يعملوا لمدة عام واحد وينتظروا بعدها مجموعة اخري، لذلك لا يوجد عنصر الخبرة لتقع عليه المسئولية فترة طويلة.

المادة الفعالة

وروي أن الأدوية الموجودة بالمكان تنعدم بها نسبة المادة الفعالة وليس لها أي تأثير، ونفس الدواء إذا اشتريته من صيدلية خارجية سيكون له مفعول أقوي، ناهيك عن عدم وجود جهاز أشعة لإظهار الكسور، ولا يوجد سيارة إسعاف أو وحدة لغسيل المعدة او حتي شاش ورباط.

وذكر واقعة حدثت في القرية منذ فترة، عندما تعرض أحد الأشخاص للطعن بمطواة ومات في الوحدة لعدم وجود أي إسعافات لازمة، وناشد المسئولين تقديم ما يخدم المواطن البسيط، وتعيين أطباء في كل تخصص.

وقال أحمد البحيري، سكرتير عام مركز ومدينة القناطر الخيرية، لمصراوي أنه غير منوط به الرد علي تلك الاتهامات وأن إدارة الوحدات الصحية ووكيل وزارة الصحة هم المسئولون عن ذلك.

وفي سياق متصل أكد الدكتور محمد حلمي عبده، مدير تنظيم الأسرة بإدارة الوراق الصحية سابقا، أن الوحدات الصحية لا تقدم سوي التطعيمات الروتينية، فإذا مرض طفل وتم تحويله لوحدته الصحية يفاجأ بممارس عام يكشف عليه وأدوية رخيصة الثمن.

وقد حاولنا التوصل لرئيس قطاع الرعاية الأولية والمسئول عن الوحدات الصحية داخل وزارة الصحة للرد علي تلك الأقاويل إلا أنه لم نتوصل له لعدم استجابته حيث باءت جميع محاولات التواصل معه بالفشل فلم نجده في مكتبه ولم يُجب علي هاتفه.

ويُذكر أن هناك ما يقرب من خمسة ألاف وحدة صحية منتشرة في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، والمنوط بها تقديم الرعاية الصحية والعلاج شبه المجاني للمرضي، وإمداد تلاميذ المدارس في مراحل التعليم المختلفة بالخدمات الصحية الشاملة.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان