قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين يثير الجدل لتجاهل ''المعلقين''..(تحقيق)
كتبت- علياء أبوشهبة:
طوال 9 سنوات ظل يطرد شبح الموت المفاجئ عن باله، ليس تمسكا بمتاع الحياة، لكن فكرة انتقال أمواله التي تعب في جمعها إلى ملكية السيدة التي يحاول الانفصال عنها بعد زيجة قصيرة لم تتجاوز العام كان نتاجها طفلا لم يره سوى مرات قليلة، هو السبب وراء معانته، ليتعرض للنصب ثم يتمكن من تغيير طائفته الدينية والحصول على حكم من المحكمة بالطلاق.
أمير، وهو اسم مستعار، لصاحب المشكلة الذي كره رباط الزواج بسبب ما تعرض له من مشاكل، أوضح لمصراوي أنه أنفق ما يزيد عن 75 ألف جنيها، منها 15 ألف ضاعت بعد تعرضه للنصب، حتى أفلحت محاولته الأخيرة بدفع مبلغ 50 ألف جنيها مقابل تغيير الملة، وهو ما قبلته المحكمة، وفقا للمادة ٣ من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ التي تقضى بتطبيق الشريعة الإسلامية على المسيحيين فى حالة اختلاف الملة أو الطائفة.
ليرتاح أمير بعد سنوات ظل خلالها محاصرا بعبارة واحدة ''لا طلاق إلا لعلة الزنا''، ويتساءل ''كيف يمكنه إثبات الزنا أليس النفور سببا كافيا لوقوع الطلاق''، ليبقى أمير منتظرا الموافقة على التصريح الكنسي بالزواج الثاني، وهو الأمر الذي لم يعد راغبا فيه لصعوبته.
أمير قبل حصوله على حكم الطلاق قبل شهور كان واحدا من ألاف المسيحيين الذين ينتظرون الحكم الفاصل لإنهاء حياتهم الزوجية، والذي لا يوجد إحصاء رسمي لأعدادهم، لأن الكنيسة لا تعترف بهذا الطلاق.
قانون جديد
في بداية شهر نوفمبر الماضي وضعت وزارة العدالة الانتقالية مسودة لمشروع قانون للأحوال الشخصية لغير المسلمين ليكون نقطة الوصل بين الكنيسة والمحكمة، في تنظيم كل ما يتعلق بالطلاق والحضانة والنفقة، إضافة إلى الزواج المدني الذي ظل محل اختلاف بين الكنائس، لترفضه بشدة كلا من الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية، وسط تمسك بالإبقاء عليه من الكنيسة الإنجيلية، والتي رضخت في النهاية لاستبعاد الزواج المدني من مشروع القانون.
يجري حاليا التوافق بين الكنائس على بنود القانون تمهيدا لإرساله إلى لجنة الإصلاح التشريعي، بناء على طلب الرئيس عبدالفتاح السيسي، بسرعه إصدار القانون، الذي ظل حبيسا في أدراج الحكومة منذ عام 1979، وذلك استجابة لطلب الكنيسة الأرثوذكسية.
الطوائف المسيحية في مصر
بالرغم من أن البروتستانت ينقسمون إلى طوائف عدة في البلاد الغربية، إلا انهم يعتبرون في مصر طائفة واحدة وهي طائفة الإنجيليين الوطنيين فلم يوجد في مصر سوي مجلس ملي واحد هو مجلس طائفة الإنجيليين الوطنيين.
تطور التشريعات المسيحية
''مصراوي'' يستعرض تدرج القوانين المنظمة للأحوال الشخصية لغير المسلمين، في 3 مارس سنة 1883 أصدر الخديوي محمد توفيق قرارا بتشكيل المجلس الملي الذي صدرت لائحته التنفيذية من مجلس الوزراء برئاسة شريف باشا في 14 مايو سنة 1883 . وبناء عليه تم تأسيس المجلس الإكريليكي الذي يختص بالنظر في مسائل الأحوال الشخصية لأبناء الملة الواحدة.
لائحة 1938
توقف العمل بهذه اللائحة في شهر نوفمبر عام 1977، بعد جلوس البابا شنودة الثالث على الكرسي البابوي حيث قام البابا شنودة بإلغاء العمل بلائحة 1938 لأنها مخالفة لتعاليم الإنجيل وأن من وضعها هم ''العلمانيون''، وقصر البابا شنودة التصريح بالزواج الثاني لعلتي الزنى أو تغيير الديانة فقط، على أن يمنح الطرف المتضرر في حالة الزنى تصريح الزواج ويحرم منه الطرف الأخر.
وفقا للقانون رقم 1 لسنة 2000 المعروف باسم قانون الأحوال الشخصية الجديد تنص المادة الثالثة فيما يتعلق بغير المسلمين :'' تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والمله الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتي 31 ديسمبر سنة 1955 طبقا لشريعتهم فيما لا يخالف النظام العام''.
في عام 2008 اصدر المجلس الملي برئاسة البابا شنودة تعديلا جديدا لهذه اللائحة يقضي بقصر اسباب الطلاق علي سبب واحد هو علة الزنا، في حين ظلت طائفة الروم الأرثوذكس تطبق لائحة 1938، وهي طائفة لها تابعين فى مصر وأثيوبيا وليبيا ودول أفريقية أخرى ويتبعها 26 بطريركية وكنيسة.
في عام2010 اجتمعت الكنائس لوضع مسودة لقانون لتنظيم الأحوال الشخصية لغير المسلمين قدم إلى وزارة العدل، وضم 122 مادة تناولت المادة 111 انحلال الزواج وذلك في حالتين الأولى وفاة أحد الطرفين، وجاء في نص المسودة: ''الزواج الصحيح المكتمل بالمخالطة الجسدية الذي تعقده الكنيسة الكاثوليكية لا ينحل إلا بالموت، أما الزواج الصحيح المقرر غير المكتمل فيجوز انحلاله بناء على طلب الطرفين أو أحدهما بعد مواقفة الرئاسة الدينية الكاثوليكية إذا وجد سبب قوى يوجب انحلاله''.
وأجازت المادة 112 من مسودة قانون 2010 التطليق بسبب واحد وهو علة الزنا، وهو ما يتفق مع ما جاء لائحة 2008.
مسودة القانون الحالي
في شهر نوفمبر الماضي أعلن عن مسودة القانون الحالية، والتي أثارت الجدل منذ الإعلان عنها، اعترضت طائفة الأدفنست السبتيون، لتوصيف القانون لها على أنها طائفة غير مسيحية، وأصدرت بيانا بذلك، وهم طائفة بروتستانتية ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن التاسع عشر، تؤمن بقرب المجيء الثاني للمسيح، وتعتبر يوم السبت مقدسا.
وجاء ذكر طائفة الأدفنست السبتيون في الفقرة الخاصة بموانع الزواج:'' لا يجوز زواج من طلاقه لعلة الزنا، والزواج بمن تنتمي إلى دين آخر أو مذهب غير مسيحي كالسبتيين وشهود يهوه والبهائيين والمرمون. أو إذا كان هناك مانع طبيعي لدى أحد الطرفين، أو أحدهما مجنون أو مصاب بمرض قاتل يجعله غير صالح للحياة''.
كما أثار النص المتعلق بالطلاق الكثير من الجدل، أو كما جاء في مسودة القانون حالات انحلال عقد الزواج، نظرا لوجود مشكلة المعلقين، وزيادة أعدادهم، وهم طالبي الطلاق لأسباب لا تتعلق بالزنا، والراغبين في الزواج مرة أخرى، ما يتطلب الحصول على تصريح كنسي.
نصت المادة 136 من مسودة القانون الحالية على :'' ينحل الزواج المدني غير الكنسي في حالة موت أحد الزوجين أو التطليق في حالة توفرت الأسباب الممثلة في خروج أحد الزوجين عن الدين المسيحي، أو غياب أحد الزوجين 5 سنوات متتالية بحيث لا يعرف مقره، والحكم على أحد الزوجين بعقوبة السجن المشدد لمدة 7 سنوات فأكثر، أو إصابة أحد الزوجين بجنون مطبق أو مرض معد يخشى منه على سلامة الآخر، أو إصابة الزوج بالعنة أو اتفاق الطرفين على إنهاء الزواج بما لا يخالف هذا الاتفاق قواعد النظام العام والآداب العامة''.
ويضم القانون الجديد 7 أبواب، الأول يتحدث عن الخطبة وأركان الزواج وشروطه، وموانع الزواج، وإجراءات عقد الزواج، وبطلان عقد الزواج، وحقوق الزوجين وواجباتهما.
فيما يختص الباب الثاني بالأحكام العامة، والنفقة بين الزوجين، والنفقة بين الآباء والأبناء ونفقة الأقارب، وتناول الباب الثالث ما يجب على الولد لوالديه وما يجب له لكليهما، والسلطة الأبوية، والحضانة.
ويتناول الباب الرابع ثبوت النسب من حيث ثبوت نسب الأولاد المولودين حال قيام الزوجية، وثبوت نسب الأولاد غير الشرعيين، وتصحيح النسب، والإقرار بالنسب والادعاء به، ويتناول الباب الخامس انحلال الزواج، والتفريق بين الزوجين.
أما الباب السادس فحمل عنوان ''الجهاز والزواج المدني غير الكنسي ولجان تسوية المنازعات الأسرية المسيحية''، حيث تناول الفصل الأول الجهاز، والفصل الثاني تناول الزواج المدني غير الكنسي.
وناقش القانون قضية بطلان الزواج، وأوضحت المواد 31 و32 و33 و34 و35 على أن الزواج يعد باطلا في حال عقد بغير رضاء الزوجين أو أحدهما رضاء صحيحا، أو وقع أحد الزوجين في غش أو غلط ، ولكن لا تقبل الدعوى إلا إذا رفعت خلال ستة أشهر من وقت علم الزوج المعيب رضاءه بالغش أو الغلط، وأيضا إذا عقد زواج القاصر بغير إذن وليه فلا يجوز الطعن فيه إلا من الولي أو القاصر نفسه ولا تقبل دعوى البطلان من الولى إذا كان قد أقر الزواج صراحة أو ضمنا أو مضى شهر على علمه بالزواج، ولا تقبل الدعوى من الزوجين بعد مضى شهر واحد من بلوغه سن الرشد.
معاناة ''المعلقين''
من داخل محكمة الأسرة في مصر الجديدة استمع مصراوي لمشاكل المعلقين، المتقدمين بدعاوى للحصول على أحكام بالطلاق لم يتم الفصل فيها.
بعد ثلاث سنوات تأكد فرانسيس، ''اسم مستعار''، من استحالة العشرة مع زوجته، التي يحمد الله أنه لم ينجب منها، ليبدأ مشقة الانفصال عنها وهو إجراء بدأ فيه منذ 9 سنوات، ويتفاءل بقرب الحصول على الطلاق لأنه انتقل بشكل رسمي إلى طائفة دينية غير طائفته يداوم على الذهاب للكنيسة لأنه متمسك بدينه ويرفض تركه حتى لو كان في ذلك سبيلا لإنهاء رباط الزواج.
أوضح فرانسيس أن كهنة الكنيسة يلجأون إلى المسكنات المؤقتة لحل المشاكل الشخصية وهو ما يعتبره غير مجديا.
معاناة تريز، ''اسم مستعار''، لها عدة جوانب، لأن زوجها الذي لم ينفق عليها منذ أربع سنوات ويكتفي بإعطائها مصروفات ابنتهم، أصيب بالعنة بعد فترة بسيطة من إنجابها لابنتها، وهو ما يصعب إثباته، ويرفض كهنة الكنيسة التحدث عن الأمر، لكن الزوج يزيد الأمر سوءا بأسلوب معاملته لها وتطاوله عليها بالسب والضرب.
أكثر ما يزيد من معاناة تريز هو الوجه الهادئ الذي يظهر به زوجها أمام كاهن الكنيسة عند تدخله لحل ما بينهما من مشاكل، مقابل الوجه الحقيقي الذي يظهره لها في المنزل، ما تعتبره مؤكدا لاستحالة العشرة بينهما.
في ليلة الزفاف اكتشفت ريموندا، ''اسم مستعار''، إدمان زوجها للمخدرات، ما يعطله عن عمله ويدفعه لصرف الكثير من الأموال، وعلمت أيضا فشله في العلاج، وهروبه من مصحات العلاج أكثر من مرة، وهو ما لا تراه الكنيسة سببا للحصول على الطلاق، وينهي حياة الفتاة العشرينية، التي حسدها المحيطين بها عند زواجها برجل ثري، لم يكن معروفا الجانب الأخر له.
إمكانية إصدار قانون موحد
هل يمكن أن تتفق الطوائف المسيحية على إصدار قانون موحد يجمعها، سؤال طرحه مصراوي على القس دكتور إكرام لمعي، أستاذ مقارنة الأديان، والذي قال:'' أرى أنه لا يمكن وضع قانون موحد للطوائف وخاصة في مسائل الأحوال الشخصية، نظرا لوجود طوائف كبيرة العدد وطوائف أخرى صغيرة، واجتماعهم مع بعض يفرز قانون مشوه، نظرا لحالة الشد والجذب ومحاولة فرض الأراء والسيطرة، والتي يعانيها نفس أبناء الطائفة الواحدة التي يوجد بداخلها أراء كثيرة''.
حول مدى التوافق بين نصوص القانون ومواد الدستور، أوضح دكتور إكرام لمعي، أن وجود قانون ينظم الأحوال الشخصية لغير المسلمين يتعارض مع المادة الأولى من الدستور التي تقول إن مصر دولة مدنية، لذلك من المفترض أن يكون لدينا قانون مدني يطبق على الجميع، كما أشار إلى أن تشريع القانون يتعارض مع المادة الثانية للدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع، ثم تأتي المادة الثالثة للتحدث عن أن غير المسلمين يحتكمون إلى شرائعهم الخاصة وهو ما يعتبره دكتور إكرام لمعي متناقضا مع بعضه البعض.
كما أشار إلى التعارض بين البنود الخاصة بالنفقة ورعاية الأطفال في مسودة القانون ونصوص القانون الوضعي المعمول بها حاليا، وهو ما يسهل الحصول على حكم بعدم دستورية القانون.
قانون يقدم الحلول
رابطة شباب كريستيان للأقباط الارثوذكس ، وهي رابطة تضم مجموعة من شباب الكنيسة القبطية الارثوذكسية هدفهم تسليط الضوء على جميع القضايا و الاحداث و المشاكل لدى الأقباط، أوضح نادر صبحي سليمان، المتحدث باسم الحركة أهمية التأكيد على مطالبة البابا تواضروس الالتزام بما جاء في حديثه يوم 8 يونيو 2011 حين وعد بحل الأزمة لتشمل أسباب الطليق الهجر و الإيذاء الجسدي، معربا عن أمله بتحقق ذلك، مشيرا إلى أن المعاناة بسبب الأحوال الشخصية كبيرة، وهو ما رصده من خلال صفحة الحركة التي يعانى ما يقارب من 3 ألاف متابع لها.
ويتساءل حول المتحدث باسم حركة شباب كريستيان حول أسباب الاهتمام بصياغة قانون موحد للطوائف المسيحية والتي تختلف فيما بينها في الكثير من التفاصيل حتى في المتعلقة بأسرار الكنيسة السبعة، والتي لا يؤمن بها الإنجليين على سبيل المثال.
وأعرب نادر صبحي سليمان عن موافقة حركة شباب مريستيان على نصوص اللائحة الجديدة والتي يرى أنها فتحت باب النجاة والأمل أمام أكثر من 350 ألف حالة أحوال شخصية، لأنها أشمل من لائحة 1938، لافتا إلى تطبيقها بأثر رجعي.
التوسع فى أسباب الطلاق، هو أهم ما جاء في مسودة القانون وفقا لرؤية المتحدث باسم حركة شباب كريستيان، لأنها شملت أسباب جديدة للطلاق أبرزها الموت والشذوذ والزنى والهجر،إضافة إلى السماح بزواج من طلق لعلة الزنى.
كما أشار إلى أن اللائحة الجديدة تتصدى لما يعرف ب''مافيا تغيير الملة'' والذين يلجأ إليهم الراغبين في الحصول على حكم بالطلاق، ويضطرون إلى دفع مبالغ تصل إلى 35 ألف جنيها، وذلك بإتفاق الطوائف الثلاثة على أن تغيير الملة لا يعطى الحق فى الحصول على الطلاق ما بين الطوائف الاربعة المعترف بها، لكن يجوز طلب الطلاق إذا ترك أحد الزوجين المسيحية إلى الإلحاد أو إلى أى دين أو مذهب لا تعترف به الكنائس.
تقديرات عددية للطلاق
وفقا لدراسة قامت بها مؤسسة قضايا المرأة المصرية، عام 2000، حول حالات الطلاق وأسبابها فى مختلف المناطق وجد أن فى محافظة أسيوط وقعت 1057 قضية طلاق فى ظل تغيير الملة، وفى نفس الفترة بسوهاج صدرت أحكام قضائية بالطلاق في 185 قضية طلاق بسب الهجر، وفى القاهرة 9441 قضية طلاق، و129 قضية خلع، أما فى الأقصر (350) طلاق للنفور، وفى الجيزة كان هناك 333 قضية طلاق و32 قضية خلع.
ورصدت الدراسة أن مشاكل الأحوال الشخصية تعتبر سببا لعدد من الاصطدامات الطائفية نتيجة هروب أحد الزوجين وإشهار إسلامه، هذا بخلاف حوادث القتل والعنف الأسري.
''فاشية دينية''
''مسودة القانون الجديد نصوصها تؤدي إلى فاشية دينية ولا تصلح حتى لمجتمع جاهلي، ويتضح منها أن الكنيسة تريد فرض سطوتها و سيطرتها وخاصة الكنيسة الأرثوذكسية''، هذه هي رؤية هاني عزت، المتحدث باسم رابطة منكوبي الأحوال الشخصية.
وأشار عزت إلى أن الكنيسة الأرثوذوكسية هي الكنيسة الوحيدة في مصر الرافضة للتوسع في أسباب الطلاق، مشيرا إلى أن بقية دول العالم تعمل بنظام الزواج المدني وبالتالي الطلاق المدني، مضيفا أن المستفيدون من تغيير الملة هم سبب بقاء الزواج تحت سلطة الكنيسة، وبالتالي تزداد مشاكل المعلقين.
عقب الإعلان عن وضع قانون ينظم الأحوال الشخصية لغير المسلمين تضم في عضويتها الأنبا بولا أول السواح، تأكد هاني عزت من ضياع حقوق المعلقين، نظرا لموقفه الدائم من رفض الطلاق لأسباب لا تتعلق بالزنا، ويطالب المتحدث باسم رابطة منكوبي الأحوال الشخصية البابا تواضروس التدخل بفرض توجهاته المعتدلة ووضع قانون مدني وليس كنسي.
قانون متوازن
أعرب كمال زاخر، الكاتب والباحث ومنسق التيار العلماني عن ترحيبه بما جاء في مسودة القانون، الذي يعتبره الأكثر توازنا لجمعه بين الأصالة والمعاصرة، لأنه يركز على القواعد المستقرة للزواج الكنسي من جانب، ويضع مخارج لحل الكثير من المشاكل مثل بطلان عقد الزواج وإنحلال الزواج، كما أنه فتح نوع من التوافق بين الطوائف وبعضها باعتراف كل كنيسة بزواج الكنيسة الأخرى.
كما أشار زاخر إلى أن القانون أضاف فكرة الإنفصال لمن لا يريد الاستمرار في الزواج دون أن يعقبه طلاق.
''القانون لا يزيد من المعلقين لأن القانون تلتزم به المحاكم والمشكلة إنها كانت بتأخذ بأسباب لا توافق عليها الكنيسة وطالما أن الطلاق تم بناء على ما جاء في هذا القانون لن يكون هناك مشكلة في الزواج الثاني''،يقول منسق التيار العلماني، مضيفا أنه تم إنتقاد القانون بناء على العناوين بدون قراءة جيدة لمضمون المواد.
متعارض مع الدستور
في المقابل لرؤية كمال زاخر لبنود القانون تحدث اسحق فرانسيس، المتحدث الرسمي باسم أقباط 38 ، وهي رابطة تشكلت للمطالبة بتطبيق لائحة 1938 التي تحدد 9 أسباب للطلاق، وقال فرانسيس لمصراوي إن الرابطة ترفض القانون شكلا وموضوعا لأن به الكثير من المواد المحاطة بشبهة عدم الدستورية، وهي المواد الخاصة بالحضانة والنفقة والطاعة، والتي يفترض خضوعها للمادة التانية من الدستور، لأن الشريعة المسيحية في هذا الشأن بها مسائل غير قاطعة الدلالة لذلك يطبق القرار العام وهو المادة الثانية من الدستور وهي قاعدة أمره.
مضيفا أن أي تشريع الهدف منه إما حل مشكلة قائمة أو منع حدوث مشكلة مستقبلية، وهو ما لا يتوفر في نص القانون فيما يتعلق بأحكام الزواج والطلاق، متسائلا إذا كانت تعديلات 2008 هي المعمول بها في المحاكم ما الداعي لوضع قانون جديد لن يحدث فارقا.
كما تساءل أيضا:''إذا كانت الطوائف نفسها مختلفة في العقيدة وفي أسباب الطلاق وبعضها لا يقبل الزواج من بعض، كيف لها التوحد لوضع قانون مشترك''.
وأعتبر أيضا المتحدث باسم رابطة أقباط 38 أن القانون يفتح المجال للإلحاد، ويجعل المخرج الوحيد لحل مشاكل الأحوال الشخصية هو الإسلام، إضافة إلى أن به ثغرات قانونية عديدة.
من جانبها أعدت رابطة أقباط 38 وثيقة مع رابطة قناة الإيمان تضم رؤيا تحقق التوافق بين سلطة الدولة وهيبة الكنيسة وحقوق المتضررين مبنية على فكرة الفصل بين العقد المدني والعقد الكنسي، أو ما بين الطلاق المدني والزواج الثاني أو الزواج الكنسي بمعنى أن يصح للدولة بصفتها سلطة مدنية أن تضع تشريعات للطلاق بما لا يتعارض مع العقيدة الأرثوذكسية وفي نفس الوقت الكنيسة لها أن تشرع في مسائل الزواج كما تشاء.
كما تقدموا بمذكرة رسمية للمطالبة بتفسير المادة الثالثة من الدستور، قبل الخوض في مناقشة القانون، والذي يخص المسيحيين واليهود، وذلك لمعرفة الإطار الدستوري حتى لا ينحرف المشرع عنه ويتم الحكم بعدم دستوريته ويحدث فراغ دستوري.
أضاف اسحق فرانسيس أن القانون لم يحل مشاكل المعلقين وهو بمثابة شيك بدون رصيد، لأن لدينا قرابة 650 ألف حركوا دعاوى قضائية أمام المحاكم، ويعتبر الإنفصال الذي جاء في نص القانون حل غير عملي، بل من ضمن العوار القانوني الموجود الخلط بين المواد الكنسية والقانونية.
''مصراوي'' تواصل مع القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذي أوضح أن الملف يختص به الأنبا بولا، وبمحاولة التواصل معه لم يرد.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: