إعلان

تونس تتعامل مع الحقبة الديكتاتورية من تاريخها بصعوبة

12:49 م الأحد 16 نوفمبر 2014

تونس تتعامل مع الحقبة الديكتاتورية من تاريخها بصعو

تونس (دويتشه فيله):

تناضل ابتهال عبد اللطيف من أجل تسليط الضوء على ظلم الحقبة الديكتاتورية في بلادها. بدأت عملها في منظمة غير حكومية ثم التحقت بلجنة كشف الحقائق الرسمية. إلا أن الصراعات داخل اللجنة الحكومية تعرقل عملها.

"الثورة هي حياتنا، إذ أننا كنا قبلها أمواتا في أعماقنا. والثورة أعادت الحياة إلينا"، هذا ما تقوله الناشطة التونسية ابتهال عبد اللطيف والتي كانت أولى خطواتها بعد الرابع عشر من يناير عام 2011 أن توجهت إلى الجامعة، حيث أكملت دراساتها الدينية بعد انقطاع لمدة عشر سنوات. فبعد سنين طويلة من الدكتاتورية أصبحت حرية الصحافة والتعبير والتعليم فجأة مضمونة من جديد. وبدأ المجتمع المدني المضطهد حتى ذلك الحين يزدهر من جديد. وشاركت ابتهال عبد اللطيف البالغة 45 عاما في تأسيس منظمة غير حكومية أطلقت على نفسها اسم "منظمة النساء التونسيات". وقامت هذه المنظمة حتى الآن بالتحقيق في قضايا أكثر من 200 مرأة تعرضن للتعذيب، معظمهن من المعارضة الإسلامية، التي تعرضت في فترة حكم بن علي لملاحقة شديدة.

وبعد ثلاث سنوات اجتمعتُ مع ابتهال عبد اللطيف في مقر لجنة الحقيقة والكرامة الرسمية التي تتألف من تسعة أعضاء. وتم انتخاب ابتهال عبد اللطيف كممثلة عن المجتمع المدني في اللجنة التي تكمن مهمتها في التحقيق في حوالي 60 سنة من القمع، حيث واجه المعارضون من شتى الاتجاهات السياسية للنظام التعذيب ومنع ممارسة المهنة والعمل والسجن لفترات طويلة منذ فترة ولاية الرئيس الأول للبلاد ومؤسس الجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة ومرورا بفترة حكم بن زين العابدين بن علي.

تفاؤل بلا حدود
"في الرابع عشر من يناير، عندما لم يكن أحد يعرف ما يحدث وعندما لم يكن لدينا أكل باستثناء قطعة قطعة خبز قديمة، فإن هذا الخبز كان ألذ ما أكلتُه في حياتي"، كما تقول ابتهال عبد الليف، واصفة شعورها بعد انتهاء الديكتاتورية. إلا أن الطريق من الديكتاتورية إلى المصالحة طويل. ويشكل القضاء الانتقالي في ذلك أحد أصعب مواضيع السياسة التونسية. ولم تغير أيضا اللجان التي تأسست في صيف عام 2014، ذلك.

وتعرف ابتهال عبد اللطيف أنه يمكن أن تصبح هي وزملاءها بسهولة لعبة في أيدي الأحزاب. ومنذ توليها مهمتها الجديدة، فإنها لا تحب التحدث عن السياسة، فالقضاء الانتقالي يشكل شوكة في عين حزب نداء تونس بشكل خاص الذي حصل في الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي على معظم الأصوات، وذلك رغم أن الدستور ينص على وجود اللجنة وعلى عملها لصالح المواطنين التونسيين وليس لصالح سياسيي البلاد. وعليه، فإن كل محاولة لمهاجمة اللجنة تشكل محاولة لمهاجمة الدستور.

صراع من أجل كرامة الضحايا
يعتبر منتقدو قانون القضاء الانتقالي أن صدوره جاء متأخرا وأنه مسيس، مشيرين علاوة على ذلك إلى أن لجنة الحقيقة والكرامة تواجه عقبات كثيرة وأن هناك نزاعات داخل اللجنة تعرقل عملها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الضحايا غير متفقين بشأن من منهم يستحق تعويضات. وتحصل نزاعات بين أعضاء اللجنة المختلفين المرة بعد الأخرى، ابتداء من مؤيدات يساريات لحقوق المرأة ومناهضين للنظام من المنفى وصولا إلى قريبين من الإسلاميين مثل ابتهال عبد اللطيف. وكما تقول، فإن العمل في اللجنة يجري رغم ذلك على ما يرام. وتضيف: "لدينا مهمة كبيرة لا يبقى لنا في تنفيذها أي وقت لإجراء جدل حول مواضيع ليست لها علاقة بعملنا الحقيقي".

ومن المهم، كما تقول ابتهال عبد اللطيف، إعادة الكرامة إلى الضحايا، مشيرة إلى أن تقديم التعويضات المالية إلى الذين عانوا من الدكتاتورية، يحظى بالنسبة إليهم بأهمية أقل بكثير من الاعتراف بمعاناتهم. "لا يجوز أن نفقد الثقة في اللجنة"، كما تقول، مشيرة إلى أن المكالمات الهاتفية التي يجريها ضحايا كل يوم مع اللجنة، توضح أنهم يعلقون آمالا كبيرة على عملها. "تشكل لجنة الحقيقة رمزا للكرامة والديمقراطية والثورة"، كما تؤكد ابتهال عبد اللطيف.

وكما تضيف، فإنها تري في عملها استنتاجا منطقيا من التزامها بحقوق ضحايا الدكتاتورية. وعملها هذا يتيح لها الفرصة أيضا لدحض الصورة النمطية الشائعة كثيرا. "أنا متزوجة ولدي ثلاثة أبناء، أي أنني محيطة برجال. وعندما قلتُ لهم إنني مصممة على الالتزام بالمجتمع المدني، فإنهم قدموا تأييدهم إلي. ولو لم يقدموه، فإنني تمسكتُ بتصميمي رغم ذلك"، كما تؤكد ابتهال عبد اللطيف. وتضيف: " أشعر بأنني محترمة كمرأة". وهذا أيضا نصر شخصي صغير بالنسبة إليها.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج