بعد 3 سنوات من الانكسار.. هل انتهى مشروع إعادة هيكلة الداخلية؟
كتب - مصطفى علي:
استيقظ المصريون صباح السبت 29 يناير 2011 بعد ليلة طويلة ومرعبة على واقع أمني جديد، كان قد قضى بعض المواطنين ليلتهم هذه الشوارع تحسبا لأي هجمات من بلطجية على محالهم ومنازلهم، فيما جلست بعض المواطنات يتابعن الأخبار على التلفزيون بينما يسمعن دوي طلقات نارية لا يعرفن مصدرها.
في ذلك الصباح ولعدة أيام انسحبت الشرطة من حياة المصريين، وبقيت آثار انسحابها على أقسام محروقة، بينما كان يحتل عدة ملايين الميادين مطالبين بسقوطها مع النظام.
تسقط الداخلية
كانت قد دعت عدة شخصيات وصفحات عبر الفيسبوك - من ضمنها صفحة كلنا خالد سعيد - ذلك الشاب السكندري الذي يقول ناشطون أنه لقى حتفه على أيدي رجالة الشرطة أثناء تعذيبه، إلى التظاهر يوم 25 يناير 2011 - بالتزامن مع احتفالات الشرطة بعيدها السنوي - للمطالبة بإقالة حبيب العادلي وزير الداخلية حينها وانهاء حالة الطوارئ، بالإضافة إلى عدة مطالب سياسية اخرى كانت تتبناها المعارضة المصرية واشتهرت بمطالب التغيير السبعة.
وخرج مئات الالاف من المصريين إلى الميادين متبنين تلك المطالب، الأمر الذي قابلته قوات الأمن المركزي بالعنف لتفريق تجمعاتهم في الشوارع والميادين مما أسفر عن مقتل شخصين بالسويس في اليوم الأول وإصابة المئات، مما أدى إلى استمرار الاحتجاجات حتى يوم 28 يناير - الذي سمي بجمعة الغضب - والذي شهد اشتباكات عنيفة اسفرت عن حرق العديد من اقسام الشرطة ومدرعات الأمن المركزي قبل انسحاب الداخلية من الشارع بعد فقدها السيطرة عليه.
وبعدما تمت الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك احتل وقف انتهاكات وزارة الداخلية لحقوق الإنسان واستخدامها كأداة بطش يستخدمها النظام رأس قائمة مطالب المعارضة لبناء نظام سياسي جديد.
إعادة هيكلة
وتقدمت عدة جهات وأفراد بمشاريع لإعادة هيكلة الداخلية منذ سقوط مبارك خلال الفترة الإنتقالية التي كان يقودها المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة بناءً على تفويض من الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك، ثم خلال فترة تولي الرئيس السابق محمد مرسي - سنة تقريبا - لكن ظلت هذه المبادرات حبيسة الادراج حسبما يقول ناشطون.
وتعاون ناشطون ومؤسسات مجتمع مدني وشرطيون في وضع تصور متكامل لتطهير وإعادة هيكلة وزارة الداخلية تحت عنوان ''المبادرة الوطنية لإعادة بناء الشرطة - شرطة شعب مصر''.
وتقوم هذه المبادرة على اجراءات انتقالية للتطهير والمحاسبة والتعامل مع جرائم وانتهاكات الشرطة فى الماضي، والتطوير المؤسسي وإجراءات إعادة الهيكلة لجهاز الشرطة، وإجراءات وآليات لضمان عمل جهاز الشرطة فى إطار من الشفافية وخضوعه للرقابة والمحاسبة، وبرامج لتغيير الصورة الذهنية عن الشرطة فى المجتمع، مع إدخال تعديلات وإضافات تشريعية لتحقيق كل ما سبق.
وطالبت المبادرة بتعيين وزير سياسي للوزارة واستبعاد أسلوب الاعتماد على كادر أمنى لقيادة وزارة الداخلية، وتطهير جهاز الشرطة من القيادات والعناصر المتورطة في جرائم ضد الثورة والشعب، وإقرار آليات تكنولوجية وقضائية وشعبية لمراقبة الاداء الأمني، والحفاظ على الطبيعة المدنية لجهاز الشرطة، واستئصال أي صبغة عسكرية التصقت بهذا الجهاز، والتحول من الإدارة المركزية إلى الإدارة المحلية للتصدي للمشكلات الأمنية التي تتمايز وتختلف من محافظة إلى أخرى، وتمكين كافة العاملين فى جهاز الشرطة من ممارسة الحق فى التنظيم النقابي.
كما قُدم لأول برلمان منتخب بعد الثورة مشروعا مشروع قانون لإعادة هيكلة الشرطة تقدم به كلا من الدكتور محمد البلتاجي، والدكتور وحيد عبد المجيد، اتفق في أغلب بنوده مع ما تم طرحه في مبادرة شرطة شعب مصر، لكنه أيضا لم يرى النور.
جزء من المشكلة
وخلال 3 سنوات شهدت إنفلاتا أمنيا، أتهمت فيها وزارة الداخلية بممارسة العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين، كما ندد ناشطون باستمرار انتهاكات حقوق الانسان داخل السجون ومقار الشرطة، لم تشهد أيا من المبادرات تقدما ملحوظا.
ويقول مالك عدلي أحد المشاركين في مبادرة شرطة شعب مصر أنهم قدموا مبادرتهم لكل مسؤول في البلد لكنها ظلت حبيسة الادراج، لكن النظام الذي تعود جذوره إلى دولة جمال عبد الناصر يعتبر الداخلية جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة، ولازال لديها تصور أنها تستطيع مواجهة جميع المشاكل بالحل الأمني.
واعتبر عدلي أن الثورة التي قامت ضد الدولة البوليسية بالاساس لازالت مستمرة حتى تحقيق مطالبها ومن ضمنها إعادة هيكلة، نافيا أن يكون ضغط الإنفلات الأمني قد نجح في تراجع الناس عن مطالبهم بعكس ما يروج ما اسماه باعلام الشؤون المعنوية.
فيما يرى أمير سالم المحامي والناشط الحقوقي أن حوادث الارهاب التي تشهدها البلاد تعطي فرصة للالتفاف على حقوق الإنسان، وتؤجل طرح تغيير فلسفة الأمن في مصر وإخراجها من دائرة الأمن السياسي إلى دائرة الأمن العام، واستخدام الوسائل الحديثة لمكافحة الجريمة دون اجراءات استثنائية وانتهاك حقوق الانسان، وأنه لن يتم توقف الحديث عن إعادة هيكلة الداخلية في مصر حتى يتم.
''تطوير وليس هيكلة''
في المقابل لا ترى وزارة الداخلية داعيا لتلك العملية التي ظلت محل نقاش مجتمعي طوال الثلاثة سنوات، ففضلا عن أنها تجاهلت تقديم مشروع لإعادة هيكلتها لمجلس الشعب المنحل الذي كان يناقش الأمر ذاته، تجد الوزارة - بعد ثلاثة سنوات - أن الشرطة تحتاج إلى تطوير وليس هيكلة حسبما أشار المتحدث الرسمي للوزارة اللواء هاني عبد اللطيف.
ويقتصر مفهوم التطوير حسبما يشير المتحدث الرسمي على تطوير الاداء والتدريب والتسليح، بالإضافة إلى استحداث قطاع حقوق الإنسان الذي يتواصل مع منظمات المجتمع المدني.
واضاف عبد اللطيف ''لا داعي للخوض في مسألة إعادة الهيكلة لأنها مصطلح إخواني لهدم وزارة الداخلية''، ويقر المتحدث الرسمي بوجود تجاوزات في الوزارة التي كانت سياستها تخدم مبارك ونظامه قبل الثورة لكنه يعود ويؤكد أن تلك السياسات المتوارثة كانت محل مراجعة بعد الثورة.
أما عن التطهير أكد عبد اللطيف أن كل القيادات التي تقوم على تنفيذ هذه السياسات هي خارج الخدمة الآن.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: