العلاقات المصرية السورية.. (محطات)
كتبت- علياء أبوشهبة:
العلاقة بين الشعبين المصري والسوري بدأت منذ فجر التاريخ، بتقارب حضاري مرورا بوحدة بين البلدين، ثم انفصال وبرود في العلاقات، ليقتصر على التبادل التجاري الذي وصفه البعض بـ''الغزو للصناعة المصرية''، ثم مواقف مؤازرة متذبذب، بين استقبال للهاربين من جحيم الصراع السوري، ومعاناة بسبب صعوبة العيش، وما لاقاه البعض من مضايقات بعد 30 يونيو ورحيل حكم الإخوان.
عاصرت الحضارة المصرية القديمة بعض حضارات قامت في بلاد الشرق الأدنى القديم، ومنها حضارة بلاد الشام، و كان التأثر متبادل بينهما، وفى عهد ''تحتمس الثالث'' امتدت الفتوحات المصرية إلى بلاد الرافدين، وفى أواخر الدولة الحديثة، استولى ملك آشور على مصر لفترة قصيرة، حتى نجح الملك ''أبسماتيك'' فى طرد الآشوريين من مصر.
الوحدة
في عام 1958 أخذت العلاقات بين البلدين منحى مختلف، حيث جاءت لحظة إعلان الوحدة بين مصر و سوريا، وهو ما لم يأت من فراغ، وإنما كان نتاج سلسله طويلة ومتصلة من العلاقات المشتركة بين البلدين، حيث ظهرت عملة مشتركة، ودعمت الأعمال الفنية هذه الخطوة.
كانت الوحدة بعد تنازل الرئيس السوري شكري القوتلي للرئيس جمال عبدالناصر عن الحكم، إلا أنها لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات.
شهدت العلاقة خلال فترة الوحدة اتفاق كامل بين الدولتين في معظم القضايا المشتركة منذ النضال من أجل الاستقلال ومواجهة أطماع الدول المستعمرة.
كما تلقت مصر، خلال العدوان الثلاثي، دعماً ومساندة من سوريا التي عرضت مشاركة قواتها في الدفاع عن مصر.
إلا أن هذه الوحدة لم تدم طويلا فقد انتهت في عام 1961، نتيجة لقوانين الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الذي أصر عبد الناصر على تطبيقه في سوريا مثل مصر مما أغضب الاقطاعيين والأثرياء.
تعاون عسكري ثم مقاطعة
بعد الانفصال لم تختفي حالة الود في علاقات البلدين؛ حيث أصبحت في إطار أكثر تنظيما، وشهدت سوريا قيام ثورة مارس 1963، التي أعقبها وضع ميثاق 17 أبريل 1963 وهو ما سمى باتفاقيه الوحدة بين مصر وسوريا والعراق، وكذلك اتفاقيه اتحاد الجمهوريات العربية الموقعة في بنغازي في نفس التاريخ السابق ولكن في عام 1971، وذلك بين دول مصر وسوريا وليبيا، وإن كانت هذه التجارب جميعاً لم يكتب لها النجاح.
استمر الوضع على نفس درجة التعاون في فترة حكم الرئيس أنور السادات، حيث كانت التهديدات الإسرائيلية لسوريا عام 1967 سببا رئيسيا في دخول الجيش المصري الحرب مع إسرائيل، وما تبع تلك الحرب من احتلال إسرائيلي لسيناء المصرية وأراضي عربية أخرى منها الجولان السوري المحتل .
وكانت حرب أكتوبر 1973 من الأحداث التي شهدت استمرار حالة التعاون و الاندماج، حيث خاضا الحرب سويا، إلا أن هذا التوحد تحول إلى قطيعة مع إصرار السادات على التفاوض منفردا مع الجانب الإسرائيلي لاسترداد ما تبقى من أرض سيناء، وهو ما رفضه الرئيس السوري حافظ الأسد.
تحول الخلاف بين البلدين إلى قطيعة، مثلما فعلت باقي الدول العربية في ذلك الوقت، عقب توقيع السادات لاتفاقية كامب ديفيد، وظلت العلاقة متوترة حتى اغتيال السادات في عام 1981.
فتور رسمي ورواج تجاري
في فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك شهدت العلاقة تواصلا دبلوماسيا، ثم تعاونا تجاريا، وفنيا أيضا، وكان من أهم وجوه التعاون تصدير القمح السوري في مقابل توريد الأرز المصري، علاوة على المعارض التجارية المشتركة.
لكن بعد رحيل الرئيس حافظ الأسد دخلت العلاقات المصرية السورية في مرحلة من الفتور، و هو ما فسره المحللون بسبب التقارب السوري الإيراني.
دعم للشعب ومقاطعة رسمية
مع بداية تولى الرئيس السابق محمد مرسي الحكم في مصر، شهدت العلاقات المزيد التعاون، حيث جاءت كثير من خطابات الرئيس مرسى لتؤكد على الدعم المصري للشعب السوري.
إلا أن العلاقة على المستوى الرسمي شهدت منحى مختلف عندما أعلن الرئيس السابق مرسي في منتصف شهر يونيو من العام الحالي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، وفتح سبيل للتعاون مع الجيش السوري الحر.
وفي أعقاب عزل مرسي عن الحكم في يوليو 2013 تم الاتفاق على فتح منفذ دبلوماسي من خلال العمل القنصلي لخدمة رعايا الدولتين.
اللاجئين
تعددت التقديرات حول عدد اللاجئين السوريين في مصر و يقدرهم البعض بنحو 200 ألف لاجئ، حيث أن المسجل في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين 60 ألف، والذين تأثروا بالأوضاع الداخلية في مصر، و اعتصامي رابعة العدوية و ميدان النهضة، و اكتشاف وجود مواطنين سوريين في تلك الاعتصامات.
أعقب ذلك قرار السلطات المصرية منع دخول 259 فردا من اللاجئين السوريين، ورفضت منحهم حق اللجوء السياسي، وفقا لما ذكره بيان منظمة العفو الدولية، والذي أشار إلى أن المواطنين السوريين منعوا من الدخول إلى مصر بدعوى أنهم لا يحملون تأشيرة دخول وتصاريح أمنية، في حين لم يطلب منهم في السابق تأشيرات لدخول مصر أثناء فرارهم من الصراع الدائر في سوريا.
ضرب سوريا
مع التهديد الأمريكي بضرب سوريا، يتمركز الموقف المصري التأكيد على أهمية التوصل للحل السياسي من خلال جنيف-2 أو أي وساطة إقليمية أو دولية، وإعلان أن القول باستخدام السلاح الكيماوي من قبل الأسد أو عدمه، يتطلب انتظار التقرير الخاص ببعثة تقصي الحقائق الدولية، وأن أي استباق لهذا التقرير، يمثل تقليل من أهمية البعثة.
وأكدت مصر مرارا على رفضها التدخل العسكري في سوريا، مشددة على ضرورة حل الأزمة السورية حلا سياسيا يجنب سوريا الحرب وخطر التقسيم.
فيديو قد يعجبك: