إعلان

ساعات ''الحظر'' في الحسين.. ''قرارات قوم عند قوم فوائد''

10:20 ص الجمعة 30 أغسطس 2013

كتبت - إشراق أحمد ودعاء الفولي ونوريهان سيف الدين:

''ساعة الحظر''.. ليست عنوانًا لفيلمًا سينمائيًا من نوعية ''الأكشن والإثارة''، لكنها ''ساعات ثقيلة'' تمر على بعض المواطنين عندما يفرض عليهم ''حظر التجوال''؛ فبين سيدة عاملة تهرع عقب انتهاء ساعات الدوام اليومي، لتستطيع اللحاق بمقعد في وسيلة مواصلات تقلها إلى مسكنها البعيد عن مقر عملها، وبين ''بياع سريح'' يحمل بضاعته الزهيدة، ويطوف بها نهارًا في شوارع القاهرة ينادي عليها، ليستطيع أن ''يبيعها ويُجبَر ويروح لعياله'' جالبًا لهم قوت يومهم، وبين ''سواق مكيروباص'' ينشط في توصيل الركاب من ''وسط البلد'' إلى محطات المترو القريبة، وبين وجوه عديدة من المواطنين تأثرت بـ''حظر التجوال'' إيجابًا وسلبًا.

المُهم.. حال البلد

''مسعدة رمضان حسن''، المعاونة بمكتب بريد ''شارع المعز''، يكاد يكون المكتب وبجواره مكتب آخر ''بريد الخرنفش'' يكادا أن يكونا الجهتان الحكوميتان الوحيدتان بالشارع، مع مكتب صغير تابعًا للشئون الاجتماعية بالقرب من ''بوابة الفتوح''.

تجلس ومعها ''مراقب المكتب'' في انتظار شخص أو اثنين يصرفون ''المعاش الشهري'' أو غيره من خدمات ''البريد''، إلا أن بقدوم ساعات الانصراف تبدأ رحلة البحث عن ''الركوبة والأكل والزحمة''.

''الطريق بيكون عادي، لكن لو عندي مشوار وهتأخر فالطريق بيكون زحمة جدًا''.. قالتها ''مسعدة'' واصفة حال طرق وسط العاصمة مع انصراف العاملين من أشغالهم والتكدس المروري الدائم بالطرق والمواصلات.

وتصف ''مسعدة'' القاطنة بـ''عزبة النخل'' أنها لم تستطع النزول بسبب شدة الزحام ''المترو شيء سيء جدًا، عربية السيدات كلها رجالة وبالذات في محطة الشهداء، كل رجالة مصر فيها وراجل قاللي (عشان نلحق نروح بيوتنا قبل الحظر)''، معربية عن سعادتها بتقليل ساعات الحظر ''كويس إنهم خلوا الحظر من الساعة 9 أهو يخفف شوية''.

''معنديش مانع اشتري الخضار بـ6 و 7 بصدر رحب المهم البلد تقوم على حيلها''.. إجابة من ''ربة منزل'' قبل أن تكون ''موظفة حكومية''، قالتها تعليقًا على ''غلاء بعض الأسعار''، واستغلال التجار للظروف الحالية، معللة ذلك بأنها تريد ''فلوس تروح لخزينة الدولة والبلد تتعدل''.

أما زميلها بنفس المكتب ''محمود'' فعلق أن ''المعاشات'' تم صرفها قبل إعلان حظر التجوال، وقال إن المعاشات الجديدة لم تأت بعد، إلى جانب أن ''علاوة يوليو'' لم تصرف حتى الآن، إلا أن الحكومة تعهدت بصرفها بأثر رجعي في أكتوبر القادم نظرًا لظروف البلاد، مشيرًا إلى أن ''تأمين أموال المعاشات'' يكون من خلال ''أمين شرطة'' يجلس أمام المكتب ''والحمد لله مبيحصلش شيء يعني''.

في انتظار الفرج

على مقربة خطوات من ''المكتب'' ودائرة العمل الحكومي، وخلف ''مشّنة الليمون'' يجلس ''شعبان'' على الرصيف ينادي على بضاعته التي لم يبيع منها سوى ''بجنيه واحد بس''، يحكي مشواره اليومي بالقدوم نهارًا من ''مساكن سوزان مبارك في الدويقة'' إلى ''سوق باب البحر'' ليشتري بضاعته، ثم المرور بها والجلوس في ''شارع المعز'' ينادي عليها حتى رحيل الشمس ليجلب ''رزق يومه''، على وجهه تبدو ابتسامة استسلام، كأنه تأقلم أخيرًا مع الوضع الجديد، حتى وإن كان يسبب له خسارة مادية.

''الناس بتروّح بيتها بدري عشان المحاضر''.. كلمات قالها ''شعبان'' عن ''الحظر'' لخصت الوضع بالنسبة له؛ فهو كبائع متجول وجوده في الشارع بعد الساعة السادسة يعني أزمة ''الظلم وحش، إحنا كنا نروح متأخر عن كده، وكان الرزق اللي بيطلع أكتر''.

الحال كان أفضل من قبل، منذ ثلاث سنوات تحديدًا، وكان الشارع يعج بالباعة ولكن مع مرور الوقت الوضع تغير لإن ''البلد حالها صعب''، وهو ما يراه بائع الليمون'' أنا مكنتش عايز مرسي ولا عايز حد ييجي، أنا عايز مبارك، على الأقل كان في أمن وأمان، دلوقتي البنات تخاف تمشي لوحدها بليل''.

السياسة أصبحت لا مكان لها في أحاديث ''شعبان'' الآن، فقد كان من قبل يتكلم فيها أما الآن ''مبقتش أتكلم فيها، لما حد بيفتح موضوعات بقفل على طول، بقيت بخاف اتكلم''.

عناد وخوف

وبينما تحرك يده حبات السبحة التي أمسكت بها، قال ''محمد سمير''، صاحب بزار سياحي ببداية خان الخليلي، ''حظر التجول ده أكبر إهانة للناس، بس الناس هي اللي اضطرت الحكومة تعمل كده''، موضحًا أن ''في صنف كده في البشر يخاف ما يختشيش مش بتاع حوار وكلام، وياخد ويدي ويحل''.

''العناد''.. كلمة أدت لكل ما يحدث في نظر ''سمير''، قائلًا : ''العناد وصل إن في ناس تموت من هنا ومن هنا''، طارحًا أسئلة بلا مجيب ''بأي ذنب قتلت ؟، إيه المبادئ اللي توصل لقتل نفس يعني في الشريعة، دفع المضرة خير من جلب المنفعة فين ده ؟، إن كان من دول ولا دول فين المنطق أن كل واحد يشتغل ويشوف أموره من غير ما يتعدى على الآخر؟، ولا لازم أفرض وصايتي عليك ؟!، دي دولة واللي حصل في رابعة هو اللي وصلنا لكده، العناد إن كان حكومة أو غيرها''.

وعن مجال عمله بالسياحة يرى ''سمير'' أن الحال لم يختلف عن السابق ''الناس تعبت من السياسة خلاص، الشعب المصري بقاله 3 سنين في وجبة دسمة في السياسة ومش مؤهل كمان''.

وأضاف أن ما يحدث هو جدل قائم على أساس كل طرف يقول للآخر ''أنا بفهم عنك''، وبالتالي كل منهم لا يتقبل شيء من الآخر، معتبرًا أن هناك فرق بين النقاش والجدال وأن ''أنا فاهم وأنت لأ'' والحالات الثلاث فقدناها.

الخوف من ''القفش''

''إبراهيم''، أحد سائقي الميكروباصات، يعمل على خط منشأة ناصر والحسين، ورغم الحظر ''العدد بتاع الناس قبل وقت الحظر بيبقى كتير جدًا ووقت الحظر، مبنبقاش ملاحقين على الزباين، بس المشكلة إننا بنخاف نتقفش إحنا والعربيات لو مشينا وقت الحظر''.

خوف ''إبراهيم'' من النتيجة هو ما يدفعه فقط للتعامل بحذر مع الحظر؛ فسيارته التي يعمل عليها قد تم التحفظ عليها من قبل الشرطة؛ لأنه كان يقودها بعد بدء موعد ''الحظر'' بحوالي ساعة ونصف مما أدى إلى ''خدوها مني عندهم من الساعة 8 ونص بليل للساعة ستة تاني يوم الصبح''، ولذلك فعواقب توصيل الزبائن بالنسبة له وقت الحظر وخيمة، حتى إن جعله ذلك ماديًا أفضل.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج