لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حقيقة المعونة الأمريكية لمصر

03:25 م الإثنين 12 أغسطس 2013

كتبت – هبه محسن:

زاد الحديث في الفترة الأخيرة عن المعونة الأمريكية لمصر والتي هددت الولايات المتحدة بقطعها عن مصر في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي اثر تظاهرات حاشدة طالبت بإقالته.

واستخدمت بعض الدوائر في الولايات المتحدة الأمريكية المعونة الأمريكية لمصر كسلاح ضغط على الإدارة الجديدة في مصر للتراجع عن ما حدث بعد 30 يونيو، واعتبر عدد من المحللين أن أمريكا دائماً ما تستخدم معوناتها لمصر كورقة ضغط لتحقيق مصالحها.

في السطور التالية يستعرض مصراوي تاريخ المعونة الأمريكية لمصر واستخداماتها سواء في المجال الاقتصادي والتنموي أو العسكري والبدائل المطروحة أمام مصر للاستغناء عنها.

المعونة الأمريكية لمصر مبلغ تتلقاه مصر من أمريكا سنوياً بموجب اتفاق وُقع بين البلدين عام 1979 في أعقاب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل كمكافئة لمصر على إقرار السلام مع إسرائيل، بحسب ما ذكره الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان.

فبعد توقيع الاتفاقية –اتفاقية السلام- أقر الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر منح مصر وإسرائيل معونات سنوية اقتصادية وعسكرية لتشجيع الدولتين على الحفاظ على السلام في المنطقة، ومن ثم تحولت هذه المعونات عام 1982 إلى منح لا تُرد بواقع 3 مليار دولار لإسرائيل و2.1 مليار دولار لمصر، وكانت تلك الأرقام وقت توقيع الاتفاقية.

وتنقسم المعونة الأمريكية لمصر إلى 1.3 مليار دولار معونات عسكرية و815 مليون دولار معونات اقتصادية، وتمثل قيمة هذه المعونة حوالي 2 في المئة من إجمالي الدخل القومي المصري وحوالي 57 بالمئة من إجمالي ما تحصل عليه مصر من معونات خارجية.

عسكريا

المعونة العسكرية وهي الجزء الأكبر من المعونات الأمريكية لمصر ويتم إنفاقها على تسليح القوات المسلحة المصرية وشراء الأسلحة والمعدات الجديدة اللازمة لتطوير التسليح.

وأوضح الدكتور عاصم الدسوقي في حديثه لـ''مصراوي'' أن أمريكا تدفع معوناتها العسكرية لمصر في صورة أسلحة يتم توريدها للجيش المصري، والشرط الأساسي في عقود التوريد ينص على ألا تستخدم هذه الأسلحة ضد إسرائيل.

وأضاف الدسوقي أن خطورة هذا الأمر تكمن في أن أمريكا هي من يحدد نوعية تسليح الجيش المصري، فهم يوردون إلى مصر سلاح دفاعي وهناك محاولات مصرية لتطويره والأمريكان يراقبون عمليات التطوير بقلق لأنها لا ترضيهم، حسب قوله.

ولفت الدسوقي إلى أن جزء من المعونة الأمريكية لمصر يصرف على هيئة مكافئات للعاملين عليها والأشخاص الذين ينهون أوراق توريد هذه المعونات سوء كانت عسكرية أو اقتصادية.

اقتصاديا

يؤكد الدكتور عاصم الدسوقي أن المعونة الاقتصادية لمصر لا تتسلمها مصر أموالاً، إنما بموجب الاتفاقيات تلتزم مصر باستيراد سلع وحاصلات زراعية من الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة هذه المعونة لزيادة صادراتها إلى مصر.

وأشارت دراسات أُجريت على المعونة الأمريكية لمصر في شقها الاقتصادي أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدمها لدعم مزارعيها في التخلص من مشكلة تراكم المخزون وذلك من خلال القانون الأمريكي العام رقم 480 -قانون فائض الحاصلات الزراعية- والذي يقضي بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم معوناتها الغذائية لدول العالم الثالث مستخدمة هذا الفائض في المحصول لدي مزارعيها.

كما أن الولايات المتحدة استخدمت المعونة الاقتصادية لزيادة صادراتها إلى مصر من السلع والمحاصيل الزراعية لتصبح مصر خلال فترة التسعينات المستورد رقم 26 من أمريكا.

واعتبر خبراء أن المعونات الاقتصادية الأمريكية لمصر دعمت القطاع الخاص المصري من خلال اتفاقية بيع السلع الزراعية عام 1984، التي تنص على خفض الدعم على الذرة واللحوم المستوردة واللبن المجفف التي سيتم تسويقها من خلال القطاع الخاص، وغيرها من الاتفاقيات التي تدعم عمليات الإصلاح الاقتصادي والخصخصة وتوفير القروض للمشروعات المتوسطة والصغيرة.

''قطع المعونة''

واعتبر ''الدسوقي'' أن الأمريكان حولوا المعونة التي كانت في البداية لتشجيع السلام في المنطقة إلى ورقة ضغط للحفاظ على مصالحها ومصالح إسرائيل في المنطقة.

واستطرد قائلاً ''اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في مادتها الثالثة تنص على أنه لا يجوز تهديد أمن أياً من الدولتين بالفعل أو حتى بالقول أو من خلال دعم أي أعمال تهدد امن الدولتين، وهو ما حاول الرئيس السابق محمد مرسي اداركه وعمل على وقف تهديدات حماس لدولة إسرائيل''.

وأكد أن أمريكا لم تهدد مصر في عهد محمد مرسي بقطع المعونة لأنه سيطر على العمليات المسلحة التي كانت تقوم بها حركة حماس ضد تل أبيب.

وشدد الدسوقي على أن أي تهديد أمريكي بقطع المعونة بعيداً عن هذا السياق ''ليس له معنى'' ويعتبر مجرد تهديد، ولكنه قد يتحول إلى حقيقة في حال تم المساس بأمن إسرائيل.

وأشار إلى أن رفض الكونجرس الأمريكي قطع المعونة عن مصر هو اعتراف بأن ما حدث في مصر ليس انقلابا وإنما هو ثورة شعبية، ويظل للرئيس الأمريكي حق الفيتو في استمرار أو قطع المعونة ولكنه لن يفعل حفاظاً على المصالح الأمريكية في مصر.

''التبعية لأمريكا''

وقال الدسوقي أنه منذ تاريخ إقرار المعونة الأمريكية لمصر مرت العلاقات بين الدولتين بمراحل صعود وهبوط انعكست على المعونة الأمريكية التي استخدمتها أمريكا كورقة للضغط على مصر من أجل تحقيق مصالحها والحفاظ على مصالح إسرائيل وآمنها في المنطقة.

وهو ما اعتبره انتقاصاً من سيادة الدولة المصرية ومخالفة صريحة لمبادئ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في رفض التبعية لأمريكا.

وكشف أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر أن مكتب المعونة المصرية بالقاهرة –يقع مقر مكتب المعونة الأمريكية بشارع القصر العيني بالقرب من ميدان التحرير والسفارة الأمريكية- ليس مكتباً لإدارة المعونة ومراقبة أو جهة إنفاقها بالمعني الصحيح إنما هو مكتب لإدارة الاستثمارات الأمريكية في مصر.

وتابع ''الجزء الفني من هذا المكتب يقوم بالتدخل في تطوير مناهج التعليم المصرية وهو أحد بنود برنامج المعونات الأمريكية لمصر''.

بدائل

في السنوات الأخيرة ظهرت مبادرات وحركات تطالب مصر برفض المعونة الأمريكية والاعتماد على بدائل أخرى في توفير احتياجاتها لضمان استقلالها.

وفي هذا السياق، أكمل الدكتور عاصم الدسوقي قوله بأن مصر يمكنها الاستغناء عن المعونة الأمريكية، وهذا الاستغناء لا يعني مطلقاً عودة حالة الحرب مع إسرائيل.

وأكد أنه يجب على الدولة المصرية الاستغناء عن المعونة الأمريكية في المستقبل لكي تتخلص من الضغوط الأمريكية عليها وتبعيتها للأمريكان، ولكي تحافظ على سيادة قراراتها دون تدخل أجنبي.

وأوضح أنه في ظل التهديدات الأمريكية بقطع المعونة العسكرية ظهر البديل للمعونة الأمريكية والذي تمثل في الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الذي اعلن عن استعداده مد الجيش المصري بالتسليح الذي يلزمه.

واختتم الدكتور عاصم الدسوقي حديثه لمصراوي بتأكيده على أن مصر يمكنها الاستغناء عن أمريكا بروسيا، والبحث عن مصالحها وهذا في علم السياسة أمر طبيعي فلا توجد عداوة دائمة بين الدول وأيضاً لا يتوجد صداقة دائمة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان