في ذكرى أحداث مجلس الوزراء.. أين القصاص؟
كتبت – هبه محسن:
16 ديسمبر 2011 ذكرى لن ينساها كثيرين، فهو اليوم الذي وقعت فيه أحداث العنف والاشتباكات بين متظاهرين وقوات الشرطة العسكرية أمام مجلس الوزراء، والتي عرفت إعلامياً، بـ"أحداث مجلس الوزراء" وخلفت عدد من الضحايا بين قتلى ومصابين.
واليوم يحيي عدد من القوى والتيارات السياسية ذكرى أحداث مجلس الوزراء، بينما أعلن أخرين امتناعهم عن القيام بأي فعاليات لإحياء الذكرى.
روايات متعددة
اعتصم مجموعة من المتظاهرين أمام مقر مجلس الوزراء بشارع القصر العيني، احتجاجا على تعيين الدكتور كمال الجنزوري، رئيساً للوزراء، وفي فجر 16 ديسمبر 2011 تردد أن أحد المتظاهرين تسلل داخل مقر مجلس الوزراء وتم اعتقاله من قبل قوات الشرطة العسكرية المتمركزة داخل المجلس لتأمينه وتم التعدي عليه بالضرب المبرح، وهو الأمر الذي أشعل غضب المعتصمين، لتبدأ الاشتباكات العنيفة التي أدت إلى سقوط عدد من الضحايا بين قتلى ومصابين.
هذه الرواية ليست الرواية الوحيدة التي رويت بشأن بداية اشتعال الأحداث، فبعد تطور الوضع خرج المجلس الأعلى للقوات المسلحة ببيان يشرح فيه أسباب ما حدث وما دفع قوات الشرطة العسكرية للاشتباك مع المعتصمين.
وقد ذكر بيان المجلس آنذاك أنه تم الاعتداء على أحد الضباط أثناء مروره على قوات التأمين مما آثار حفيظة باقي القوات ودفعهم للخروج والاشتباك مع المعتصمين لتخليص الضابط، وأضاف البيان أن القوات لم تحاول فض الاعتصام ولكن المعتصمون تعدوا على عدد من المنشآت الهامة في محيط مجلس الوزراء واستخدموا الحجارة والمولوتوف والخرطوش وحاولوا اقتحام مقر مجلس الوزراء.
أما الرواية الثالثة التي رواها الدكتور كمال الجنزوري آنذاك فقد أكد فيها أن الأحداث بدأت بعد منتصف ليل 15 ديسمبر بتواجد مجموعة كبيرة من الشباب المعتصمين أمام مجلس الوزراء وكانوا يلعبون الكرة، وأن الكرة دخلت إلى مقر المجلس ودخل أحد الشباب لاسترجاعها ولقى معاملة قد لا تكون صحيحة، بحسب قوله.
وأوضح الجنزوري وقتها أن عدد المصابين من حرس مجلس الشعب بلغ 30 فردا بينهم 6 ضباط و24 جندي من الشرطة، وأن التعليمات التي صدرت لهم كانت واضحة كانت لديهم توجيهات بألا يخرجوا خارج المبنى، كما أكد أن قوات الجيش لم تستخدم أي طلقات نارية، ولفت إلى وجود مجموعات لا تريد لمصر الخير وراء اشتعال الأحداث.
17 قتيلا.. وحريق المجمع العلمي
ليلة طويلة قضاها المعتصمين وقوات الجيش والشرطة في محيط مجلس الوزراء يتبادلون الكر والفر فيما بينهما، وقد سقط في ليلة 16 ديسمبر عدد من الشهداء أبرزهم الشيخ عماد عفت أمين الفتوى بدار الإفتاء والطالب علاء عبد الهادي طالب كلية الطب.
واستمرت الاشتباكات لعدة أيام متتالية أسفرت عن سقوط حوالي 17 قتيل وحوالي 1000 مصاب، وتعرض مبنى المجمع العلمي للحريق بعد إبرام النيران فيه، واتهمت الحكومة المتظاهرين بإشعال المجمع العلمي، بينما اتهم المتظاهرون بلطجية بالاندساس بينهم وإشعال النيران في المبنى.
وقد حاول بعض الشباب إنقاذ جزء من تراث مصر الذي احتواه هذا المجمع العلمي، والذي كان يضم مجموعة من أقدم الكتب والمخطوطات المصرية النادرة.
وعقب تشييع جنازة الشيخ عماد عفت والطالب علاء عبد الهادي في 17 ديسمبر خرج المتظاهرون في مظاهرات حاشدة ورددوا هتافات "يسقط يسقط حكم العسكر" و "الشعب يريد إسقاط المشير"، في إشارة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم وقتها.
وحاول بعض السياسيين التواصل مع الشباب في الشارع في محاولة منهم لتهدئة الموقف المشتعل، إلا أن هذه المحاولة بائت بالفشل، ورفض الشباب الاستجابة لتلك المحاولات.
وفي اليوم الخامس للأحداث، عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة مؤتمراً صحفيا لتوضيح الصورة والرد على الاتهامات التي وجهت للقوات باستخدام العنف المفرط مع المتظاهرين.
"ست البنات"
مشهد سحل الفتاة وتعريتها كان من أكثر المشاهد التي لاقت انتقادا شديدا خلال أحداث "مجلس الوزراء" فقد واجهت السلطات المصرية وقوات الجيش إدانة من الجميع داخل مصر وخارجها بسبب هذا المشهد الذي أظهر أحد أفراد القوات المسلحة وهو يقوم بسحل الفتاة التي عرفت بـ"ست البنات" على الأرض وضربها حتى تمزقت ملابسها.
ورداً على هذا المشهد خرجت أعداد من النسوة والناشطات في مسيرات حاشدة ضد اعتداء قوات الجيش على الفتيات في ميدان التحرير، مما دفع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإصدار بيانه رقم (91) الذي أعرب فيه عن أسفه لنساء مصر عن التجاوزات التي صدرت بحقهن منذ بداية الأحداث.
ولكن هذا البيان لم يُهدئ نساء مصر الغاضبات، ولكنه دفعهم إلى الدعوة لمظاهرات حاشدة بميدان التحرير باسم "جمعة حرائر مصر" للتنديد بالعنف ضد النساء وما تعرضت له النساء في أحداث "مجلس الوزراء"، وطالبوا الجيش بتسليم السلطة بشكل عاجل لحكم مدني.
أين القصاص؟
بعد عامين من ذكرى أحداث مجلس الوزراء تجددت مطالب القوى الثورية بالقصاص لشهداء "مجلس الوزراء" وإعادة التحقيقات في الواقعة.
ودعت عدد من القوى السياسية إلى تنظيم وقفات لإحياء ذكرى الأحداث، والمطالبة بالكشف عن تقرير تقصي الحقاق بشأن الأحداث ومحاسبة المتورطين فيها من داخل المؤسسة العسكرية، بحد قولهم في البيانات الصادرة عنهم.
وفي الوقت نفسه، رفضت بعض القوى الثورية ومن بينها "تكتل القوى الثورية" النزول إلى الشارع لإحياء الذكرى، معللين ذلك بأنهم يتجنبون الاشتباك مع عناصر الإخوان المسلمين وحزب مصر القوية الذين أعلنوا نزولهم إلى الشارع للتظاهر في نفس التوقيت.
وبعد عامين من أحداث مجلس الوزراء، مازال هناك سؤال يدور بأذهان كثيرين "أين القصاص؟" للضحايا في هذه الأحداث وغيرها التي وقعت منذ 25 يناير وحتى الآن.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: