إعلان

''إيمانويل''.. الراهبة الفرنسية التي عشقت مصر (فيديو وصور)

04:52 م الثلاثاء 05 نوفمبر 2013

كتبت – هند بشندي وهبه محسن:
تصوير – إسلام الشرنوبي:

''عشش صفيح بلا ماء ولا كهرباء، تلال من القمامة، تسكنها الطبقة المعدومة من المصريين''، هكذا كان الوضع بحي الزبالين بالقاهرة في سبعينات القرن الماضي، رغم ذلك اختارت ان تعيش في هذا المكان الذي اسمته ''الجنة''، واعتبرت ان إقامتها فيه أفضل من إقامتها بقصر الملكة إليزابيث ملكة انجلترا، على حد قولها ذات مرة.

هي إيمانويل، الراهبة الفرنسية، ولدت لأب فرنسي وأم بلجيكية، لكنها ذاب عشقا في مصر وقررت أن تعيش فيها، ليس في حي راقي ولم تختر حتى شقة في أحد الأحياء الشعبية، بل قررت ان تسكن بعشة صفيح وان تحي بنور لمبة الجاز، لتنير بقلبها وبتصميمها وإرادتها عدد من الأحياء العشوائية بمصر.

"الأم تريزا" المصرية

مئة عام إلا القليل من الأيام من(1908 حتى 2008 )هي رحلة إيمانويل أو الأم تريزا المصرية، قضتها في عشق خدمة الفقراء والمحتاجين، لتصنع أجمل قصص الحب.

جاءت لمصر في البداية كمدرسة علم نفس وفلسفة في الإسكندرية بمدرسة النوتردام، وعندما احيلت للمعاش، قررت ان تذهب للعيش مع مصابي الجذام، لكن في هذا الوقت رفض طلبها لأن المنطقة في ذلك الحين كانت منطقة عسكرية.

لذا قررت إيمانويل (المعروفة بالمنطقة باسم ''السير إيمانويل'') ان تبدأ رحلة عطاءها عام 1971 بمنطقة عزبة النخل، هكذا تحكي لمصراوي الأخت سارة غطاس، التي رافقت الراهبة الفرنسية طوال 38 عاما قضتها في العمل الخيري، فتقول إنها هناك في عزبة النخل استأذنت قاطنيها ان تسكن بجوارهم في إحدى عشش الصفيح وكان الجواب ''أهلا وسهلا بك معنا''.

في عزبة النخل كانت تعمل في الصباح في حضانة الأطفال وليلا كانت تعلم الخياطة للفتيات، وانشئت فصول محو أمية للرجال.

كانت إيمانويل تتمني ان تغير هذه المناطق لكن كيف وهي تحصل على 2 دولار يوميا من الدير الفرنسي التابعة له، لذا نصحها البعض بالسفر للولايات المتحدة وأوروبا لطلب الدعم منهم لتطوير هذه المناطق العشوائية ثم بدأت الأموال تتدفق تدريجيا حتي تمكنوا من شراء أرض بعزبة النخل واستطاعوا إقامة مركز طبي وحضانة ومركز تدريب مهني يعلم الفتيات الخياطة.

''الحياه في الجنة''

ولم يقتصر الأمر على عزبة النخل بل ذهبت لتطور من منطقة طرة بالمعادي، وعندما علم أهالي حي الزبالين بما فعلته طالبوها لتنضم لمنطقتهم، وهناك عاشت 20 عاما في حي الزبالين أو ''الجنة'' كما تفضل أن تسميها.

بدأت بالمنطقة ببناء مدرسة لأن المنطقة كانت مزدحمة بالأطفال الغير متعلمين فتم بناء مدرسة جبل المقطم الخاصة الأطفال، وحرصت في بداية عهدها بالمنطقة على القضاء على ظاهرة الزواج المبكر للفتيات، وكانت حجر الأساس في عدد من المشاريع والأبنية للمنطقة منهم مركز دار الفتاة وكنيسة العذراء مريم ومستشفى المحبة، كما ساهمت في بناء عدد من الجوامع، فلم تكن تفرق بين مسلم ومسيحي فهي كانت تخدم مجتمع فقير، كما تقول دائما.

صحبنا شحاته المقدس، نقيب الزبالين، بجولة بالحي، في كل ركن بالحي لها ذكري، وكل بيت مدين لها بالفضل، فهنا قامت ببناء عمارة ليسكن به من لا يملك مكان لإيوائه، بينما فضلت هي السكن في منزل ريفي صغير.

ويتذكر شحاته أنه كان طالبا في المرحلة الثانوية عندما قدمت إيمانويل للعيش معهم بالحي، ويحكي أن من أفضل ما قدمته للمنطقة إدخال الكهرباء؛ حيث ذهبت في الثمانينات لوزير الكهرباء آنذاك ماهر أباظة، الذي أوضح لها صعوبة توصيل الكهرباء نظرا للتكلفة العالية التي سيتطلبها الأمر.

لكن إيمانويل لم تيأس، وتكفلت بدفع 55 ألف جنيه، وهو مبلغ مهول في ذلك الوقت، لتدخل الكهرباء للمنطقة، ويظل كل بيت حتى الآن يدين بالفضل لها في ذلك.

''الساحرة''

تعود بنا سارة غطاس لتحكي عنها، وتقول إنها كانت تتحدث العربية ''مكسر''، وتصفها بأنها ''شخصية مثابرة ولديها القدرة على تحقيق أهدافها، صاحبة روح مرحه، فهمي تتمتع بخفة الدم المصرية، كانت لا تتوانى في أن تترك وسيلة المواصلات التي تستقلها، لتقف بجوار شرطي المرور في الشارع المزدحم، لتساعد في تنظم حركة المرور مستخدمة لكنتها المميزة قائلة ''يالا كله تمام''.

''كانت تحب الناس جدا، حتى القتلة واللصوص، فكانت تؤمن انه اذا توفر لهم فرصة جيده في الحياه سيتبدل حالهم، كانت تتعامل مع الإنسان بغض النظر عن من هو وماذا يفعل''.

لم تكن شخصيتها الساحرة تجذب اليها البسطاء و''الغلابة'' فقط، بل كانت كذلك صديقة لزوجات معظم السفراء، وعندما زار الرئيس الأمريكي جيمي كارتر مصر في عهد حسني مبارك كانت في استقباله مع مبارك واهداها كارت آنذاك جمل هدية.

وتحكي غطاس ان إيمانويل كانت تستطيع أن تلتقي بأي شخصية تريد وتدخل أي مكان أو جهة رسمية للقاء أي مسئول، وكانت على علاقة وثيقة بطالبتيها السابقتين، ليلى موسى، زوجة وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى والسيدة ليلى اباظة زوجة الوزير الأسبق ماهر أباظة.

''في البداية الأمن المصري كان يظنها ''جاسوسة''، وكان المسئولين دائما ما يسألوها عن المقابل الذي تتلقاه نظير أفعالها، ولكن بعد فترة عرفوا سرها، وأصبحت صديقة الجميع، ووصل الأمر انها تعرفت على السيدة جيهان السادات، حرم الرئيس في ذلك الوقت''، حسبما تقول غطاس.

''عاشقة مصر''

عندما تقدمت في السن عادت لفرنسا بطلب من الدير هناك، وتوفت تاركة محبتها محفورة في قلوب الكثير. ذهبت لفرنسا رغم أنها تمنت أن تموت في مصر؛ فكانت تقول ''أنا مصرية وهفضل مصرية على طول''.

وهي بالفعل مصرية فقد حصلت على الجنسية المصرية عام 1991 منحها لها مبارك نظرا لجهودها في مصر، بعد أن طلبت هي ذلك من زوجته سوزان مبارك.

ورغم انها تجولت في جميع دول وعواصم العالم إلا انها أحبت مصر وشعبها وكانت دائما ما تقول أن مصر شعب مضياف وكريم ولديه قدرة على تغيير نفسه للأفضل، فهو شعب شديد التأثر.

لم تتوقف مسيرة الراهبة ايمانويل بعد رحيلها؛ تقول سارة غطاس، ابنتها الروحية ورفيقة الدرب التي تشرف على أعمالها ''رسالة القديسة إيمانويل ممتدة ولم تتوقف عند شخص''

لمتابعةأهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان