أمير سالم: الإصرار على قانون التظاهر غباء سياسي وسيحرق البلد
كتبت – هبه محسن:
حالة من الجدل آثارها قانون تنظيم حق التظاهر الذي طرحته رئاسة الجمهورية مؤخراً للحوار المجتمعي بعد رفض قطاعات كثيرة لهذا القانون، معتبرين أنه لا يساعد على حل الأزمة الأمنية في الشارع بل يزيد من حدتها.
وقد أكد أمير سالم الناشط الحقوقي ورئيس مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان في حوار مع مصراوي حول قانون التظاهر أن ضبط الأمن في الشارع لا يحتاج لمثل هذا القانون، ولكنه يحتاج لإرادة سياسية تطبق القانون على الجميع.
''لا محل له من الإعراب''
''هذا القانون لا محل له من الإعراب في ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها البلاد''، بهذه الكلمات بدأ أمير سالم حواره، حيث أوضح أنه يتحفظ على قانون تنظيم حق التظاهر الذي طرحته رئاسة الجمهورية للحوار المجتمعي لعدة أسباب أهمها توقيت طرح القانون والذي وصفه بأنه ''سيء جداً'' ولن يكون له أي جدوى.
وأضاف: كما أن جميع الجرائم التي شملها القانون من استخدام للسلاح والترويع والاعتداء على رجال الشرطة والمواطنين ورفع شعارات بها تمييز سياسي وديني موجودة وبشكل أكثر توسعاً في قانون العقوبات المصري.
ليشير أن مصر لديها قانون للتظاهر وهو القانون رقم 24 لسنة 1923 لتنظيم حق التظاهر والاجتماعات السياسية وغيرها ولكنه للأسف معطل وغير معمول به.
وأضاف أن المشكلة في مصر ليست في التظاهر لأنه بعد ثورتين مرت بهم مصر بات من حق كل مواطن التظاهر والتعبير عن رأيه طالما التزموا بالسلمية ودون حمل السلاح أو التعرض للمنشآت العامة والخاصة أو حتى الإضرار بمصالح المواطنين، والقانون المصري العادي يعاقب على كل هذه الجرائم بعقوبات رادعة.
وتابع ''مصر ليست بحاجة لتنظيم التظاهر ولكنها بحاجة لإضافة مادة إلى قانون العقوبات تجرم قطع الطرق للقضاء على ظاهرة قطع الطرق التي باتت تعرقل مصالح المواطنين''.
ولفت إلى أن هناك مادة متعلقة بعقوبة قطع الطريق وضعت عام 1882 في الباب الثاني من قانون العقوبات لكي تردع ''ثورة عرابي'' التي خرج فيها أحمد عرابي باشا وأنصاره إلى الشارع للتظاهر ضد النظام الحاكم آنذاك.
''الإرادة السياسية''
وأعتبر ''سالم'' أن القانون المصري من ''أشرس'' القوانين العقابية فيما يتعلق بضبط الأمن في الشارع ولذلك فليس هناك حاجة لإصدار تشريع قانوني جديد بهذا الشأن وعمل تراكمات تشريعية على منظومة القوانين المصرية فقط من أجل حسم ''معركة الإخوان'' في الشارع والتي حتماً ستنتهى قريباً.
وتوقع إلا يرى هذا القانون النور ولكنه حذر من إصداره لأنه سيحرق البلاد بأكملها، مضيفاً أن الدولة إذا أصرت بغباء سياسي على إصدار هذا القانون فإن الشباب وهم ضمير الأمة على استعداد لحرق البلاد لأن هذا القانون يشعل غضبهم وحينها لن تكون للدولة أي سيطرة على التظاهرات في الشارع.
ولكن كيف تتعامل الدولة مع الأوضاع الأمنية في الشارع؟ على هذا التساؤل أجاب ''سالم''، موضحاً أن الوضع الحالي في مصر لا يتطلب مزيد من التشريعات ولكنه يتطلب فقط تطبيق القانون بمنتهى الحزم والحسم.
وأضاف أن البؤر الإرهابية التي ظهرت في مصر والتي تمارس العنف والإرهاب في الشارع سيتم القضاء عليها لا محال، ولكن هذا لن يتم إلا بعد توجيه قوة الدولة كاملة للقضاء عليها وعلى البلطجة التي انتشرت في الشارع بشكل كبير وتطبيق القانون على الجميع.
وانتقد انشغال الدولة بما أسماه ''المعركة مع الإخوان'' على حساب اهتمامها بالعدالة الاجتماعية والوضع الاقتصادي للبلاد الذي يطلب مزيداً من الجهد لجذب الاستثمارات وتطوير البنية التحتية للدولة والقضاء على النظام البيروقراطي، مؤكداً أن ترك الدولة لجميع هذه الأمور والانشغال بقانون الطوارئ أمر يدل على وجود خلل سياسي في إدارة الدولة وفي رؤية الحكومة لأهداف الثورة.
''البيروقراطية والفساد''
وعن رؤيته للكيفية تعامل الغرب مع اضطرابات الشارع، أكد رئيس مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان أن المقارنة بين مصر والغرب في هذا الشأن ظالمة للطرفين لأن دول أوروبا وأمريكا على سبيل المثال لديم تاريخ كبير من الديمقراطية يجعلها مؤهلة للتعامل مع أي إضطرابات في الشارع بشكل يرعي حقوق المواطنين ومصالحهم.
وبحسب قول ''سالم'' فإن المناخ المصري مناخ لا يجوز فيه الحديث عن الديمقراطية قبل تمهيد الأرض لاستقبال هذه الديمقراطية؛ ولذلك لابد أولاً من تطهير مؤسسات الدولة من الفساد المستشري بها وإصلاح النظام البيروقراطي الذي وصفه بـ''المتعفن'' لكي تبدأ الدولة المصرية بداية جديدة من تطبيق الديمقراطية الحقيقية.
وشبهة في حديثه الدولة المصرية بـ''العجوز المريض'' الذي يحتاج علاج عاجل للأمراض التي يعاني منها، أما الحديث عن الفرعيات فلن يكون له اي جدوى في بناء هذا الوطن الذي انهارت بنيته التحتية في السنوات الماضية.
وأكمل ''أكاد أشك أن القائمين على مؤسسات الدولة هم من يعملون ضد مصلحة الدولة المصرية وذلك بإصرارهم على عدم تطهير هذه المؤسسات والقضاء على الفساد فيها.. فحتى وزارة الداخلية لم تتم إعادة هيكلتها واللواء محمد إبراهيم –وزير الداخلية- الذي كان يعمل في عهد النظام السابق الذي ثار الشعب ضده مازال موجوداً على رأس هذه الوزارة في النظام الجديد بعد الثورة وهو أمر غير مقبول''.
وشدد على أن الإدارة المصرية الحالية لا تحل مشاكل الشعب من جذورها ولكنها تقوم بإعطائه مسكنات للتهدئة.
نصائح
ونصح أمير سالم الناشط الحقوقي الإدارة الحالية للبلاد بعدم الإصرار على إقرار هذا القانون الذي سيفاقم الأوضاع في البلاد سوءاً.
كما نصح الحكومة بأن تتعامل مع الأوضاع في البلاد كأي حكومة ثورية تحقق أهداف الثورة ''عيش – حرية – عدالة اجتماعية'' وتستجيب لمطالب المواطنين وتحل مشاكلهم المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والعشوائيات والبطالة والقضاء على التحرش والبلطجة في الشارع.
واختتم أمير سالم حواره معنا بقوله ''لابد من إعادة بناء هذا الوطن من جديد في مناخ سليم ديمقراطياً واجتماعياً وسياسياً وأن تتوقف الإدارة عن الاهتمام بالفرعيات لأنها لن تؤتي بثمارها في مستقبل مصر''.
فيديو قد يعجبك: