إعلان

السوريون في مصر: "مفيش عيد وكل ثانية فيه شهيد"

12:41 م الإثنين 14 أكتوبر 2013

كتبت- علياء أبوشهبة:

"عيد بأي حال عدت يا عيد"، بيت الشعر الشهير للمتنبي قد يكون هو خير ما يعبر عن الوضع الذي يعيشه المواطنون السوريون في مصر، فمازالت مرارة الغربة وقسوتها تحاصرهم في كل لحظة، خاصة بعد أن انسدت سبل الرزق في وجوههم، وأصبح حلم العودة لبلادهم انتظارا للموت.

الموت أصبح حلما

ما بين قلق وحزن لا يخلو من الأسى تأتي أجواء العيد عليهم، لتضيف إلى معاناتهم، فهو سادس عيد لهم يقضونه بعيدا عن وطنهم، وهم يشاهدون منازلهم تنهار ويقتلهم القلق على ذويهم في كل لحظة، ولا يسلموا من المعاناة للحصول على لقمة العيش الكريمة بعيدا عن أرضهم التي يحلمون في كل لحظة بالعودة إليها منتصرين.

تعتبر مدينة السادس من أكتوبر واحدا من أكثر المناطق التي تشهد تجمعا كبيرا للجالية السورية في مصر، حيث تضم ما يقرب من ألفي عائلة سورية، أغلب جلساتهم على المقاهي الموجودة في منطقة الحصري والتي تحيط بمطعم يمتلكه ويعمل فيه مواطنون سوريون، كما أن مقر مكتب الإغاثة السوري يقع في نفس المنطقة.

أبوفراس يشعر بيأس شديد بعد أن ضاقت به سبل الحياة، فالبلد الذي جاء للاحتماء فيه لم يجد فيه فرصة عمل، حتى مشروعه التجاري فشل، وأصبح بنات بلده يتم التلاعب بهن وكأنهن سبايا، على حد تعبيره.

الهجرة إلى بلد آخر، أو الموت في مركب قديم إذا لم تفلح هذه المحاولة الغير شرعية، هي السبيل الوحيد الذي يراه أبوفراس للخروج من مأزقه الحالي، فحتى التسول أصبح صعبا بالنسبة له، نظرا للملاحقات الأمنية واتهامه بالتبعية لجماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من سبل التمييز التي لحقت به وبأبناء بلده في مصر عقب تظاهرات 30 يونيو.

"ليتني كنت بقيت في بلدي ومت تحت أنقاض منزلي الذي تدمر بدلا من الذل الذي أعيشه الآن"، بهذه العبارة الحزينة، أنهى أبو فراس السوري حديثه.


"لا طعم للعيد"

"مفيش عيد وفي بلدنا كل ثانية شهيد"، هذا ما قالته "أم حمودي"، التي لم تترك بابا للرزق إلا وطرقته، فحتى الجمعيات الخيرية التي كانت تساعدهم والتي أسسها السوريون أغلقت أبوابها، أما الجمعيات المصرية، فانقطعت مساعداتها، لكنها جاهدت حتى يكمل أبنائها تعليمهم في المدارس الحكومية رغم أن هناك مصروفات أخرى.

السفر إلى تركيا، حلم يلاحق "أم حمودي" دائما، ولكن من أين لها بالمال، فحتى شقيقتها التي باعت كل ما هو نفيس وغالٍ لتأتي إلى مصر لتشاركها المعاناة في المنزل الضيق المكتظ بالأسر، تم ترحيل طيارتها لتعود إلى سوريا مرة أخرى، وتحاول الآن اللجوء إلى تركيا، وكل ما تتمناه هو نجاحها واللحاق بها.


معاناة مضاعفة

وعندما اشتدت نيران القصف لم تجد السيدة "أم علي" سوي أن تحمل نفسها وزوجها ودفع ما تبقي معها للخروج من منزلهما في دمشق، المكون من طابقين والذي إنهار عقب خروجهما منه ليصبح مجرد رماد.

عندما فكرت في السفر إلى مصر حذرها من حولها من منعها من دخول البلاد، إلا أن العكس هو ما حدث، كما تقول.

"أم على" وهي كنية تحملها وتحلم أن تعبر عن واقع فهي تحتاج إلى عملية جراحية حتى تتمكن من الانجاب، وما يزيد من شعورها بالحاجة للإنجاب هو ما تلقاه وزوجها من تعسف في توزيع الاعانات فالأولوية لمن لديهم أبناء ويحتاجون للإنفاق عليهم، ليتأخر المعاش الشهري ويأتي في النهاية بقيمة 500 جنيه، في حين أن إيجار المنزل الذي تسكن فيه بالحي الرابع في مدينة السادس من أكتوبر 900 جنيها، هذا بالإضافة إلى غلاء المعيشة وصعوبة حصول زوجها على فرصة عمل.

اهتدى تفكير "أم على" إلى استخدام مهاراتها في الطهي لتصبح مصدرا لرزقها وزوجها، فتبرع لها أحد المصريين بفرن كهربائي ومفرمة، ولكنها مازالت بحاجة للكثير من الأدوات حتي تتمكن من استكمال مشروعها الذي تطمح أن تضم له سيدات أخريات، لمساعدتهن أيضا فـ"الهم واحد"، كما تقول.

منزل أم علي تأتي إليه الكثير من الأسر للإقامة برفقتهما حتي يتم توفير مسكن مناسب لهم، ويساعدهم على استضافتهم الأثاث الذي تبرع به مواطنون مصريون، وتعتبر أقسى لحظات تعيشها تلك التي يصعب فيها الحديث إلى أهلها في سوريا نظرا لانقطاع شبكات المحمول هناك غالبية الوقت.

دائما ما تتمني نجاح أهلها في القدوم إلى مصر ليعيشوا في مأمن بعيدا عن الأحداث، وهو ما تؤكد على أنه أمر صعب نظرا لسيطرة العلويين من أتباع بشار على وثائق السفر.

حاولت أم على تصور حال أسرتها بعد انهيار منزلهم في حمص المكون من خمس طوابق، فانهارت باكية، ولكنها على ثقة من أن الظلم لن يدوم.


غياب المساعدات

"وعود بالمساعدات المادية والعينية"، هذا هو ما يتلقاه المواطنون السوريون في مصر، وفقا لما قاله إبراهيم الديري المسئول عن الجالية السورية في 6 أكتوبر.

ويوضح الديري أنه كان من أوائل من استقر به الحال للنزول إلى مصر بشكل مؤقت لحين انتهاء "الغمة"، واختار هذه المدينة نظرا لهدوئها بعيدا عن زحام العاصمة، وإمكانية توفر فرص عمل فيها نظرا لأنها صناعية، فضلا عن انخفاض القيمة الايجارية للمساكن بها، و إن كانت ارتفعت مؤخرا بعد نزوح الكثير من الأسر السورية للسكن بها.

رغم كل الأحاديث التي يتم تداولها حول دور المنظمات الدولية للإغاثة مع اللاجئين السوريون، إلا أن الأمر لا يخرج عن إطار التصريحات فقط، كما يوضح الديري الذي يقول إن تبرعات أهل الخير هي من المصريون الذي ساعدوا الأسر السورية على تأسيس منازلهم، أو من التجار السوريين الذين ساهموا و مازالوا يساهمون في إطعام الأسر السورية.

و يوضح الديري أن كثير من اللاجئين لا يجدون فرص العمل الكافية، وهو ما يقدرونه نظرا لوجود مشكلة البطالة بنسبة كبيرة بين المصريين، علاوة على مرور البلاد بظروف اقتصادية صعبة نظرا لظروف الثورة وما صاحبها من تغيير، إلا أن ذلك لم يمنع من جهود المساعدة التي يصفها بأنها فردية ولم تأخذ أي إطار مؤسسي سواء حكومي أو خاص، وحتي الأحزاب السياسية، ويقول إن الجمعية الشرعية تعهدت بتوفير مساكن لللاجئين ولكنها في منطقة تبعد عن مدينة 6أكتوبر 6 كيلومتر وهي منطقة نائية على حد وصفه.

ويؤكد "حتي مكتب الأمم المتحدة لم يلتفت إلى طلبات اللاجئين، وكذلك الحال بالنسبة لجامعة الدول العربية ومفوضية رعاية شئون اللاجئين".


توحد في الأزمة

رغم اختلاف السوريين في انتماءاتهم ما بين سني وشيعي وعلوي ومسيحي ودرزي، إلا أن هذه الاختلافات لا مجال لها، كما يؤكد الديري، الذي يوضح أنهم يهتموا فقط بأنهم جميعا يحملون الجنسية السورية ولا يهتمون بما هو دون ذلك، كما أنه لا تمارس أي طائفة منهم طقوس خاصة بها، فالجميع توحد في الأزمة.

وبقدر ما يتألم السوريون من الغربة بقدر ما شعروا بالإهانة من دعوات الزواج من السوريات و"كأنهن سبايا لا أحرار"، وهي الدعاوي التي قادها بعض المشايخ.

ويوضح الديري أن بعض الأشخاص ممن تجاوزت أعمارهم الخمسين عاما تقدموا بالفعل للزواج من الفتيات السوريات وهو ما قوبل بالرفض منه بصفته ممثلا لهم ومن أسرهم أيضا، وأشار إلى أن بعض من فعلوا ذلك كان يحمل الجنسية السعودية.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج